Page 116 - merit 53
P. 116
العـدد 53 114
مايو ٢٠٢3
لمياء نويرة بوكيل
(تونس)
كالأرض تدور حول نفسها
كبر ح ًّقا) وقال بمنتهى الاستهتار »:ليس مشك ًل كانت الفكرة أن أعيد ترتيب حياتي من أول وجديد،
لو لم تعدي لنا الأكل ،ثمة حلول كثيرة وممكنة، بما يعني أن أعود إلى نقطة البداية ،لحظة الصفر،
والعديد من المطاعم توفر خدمات للتوصيل ،يمكن لأمسك بزمام حياتي ،أجيد اختياراتي ،وأعيد
أي ًضا أن نتغدى خارج البيت» .وخرج ليلتحق بشلة حساباتي ،قبل أن تنفلت مني الأمور وتسير على
أصدقائه ..وآخرها ابنتي الوسطى ،ذات الثمانية غير هواي.
عشرة ربي ًعا ،كانت تطيل النظر إل َّي ،تتفحص هيأتي يومها خطر لي بشكل مفاجئ ،أن أصبح ِح ًّل من
وتتابع حركاتي قبل أن تنفجر في وجهي قائلة: كل قيد ،أن أترك خلفي كل شيء ،أن أتملص من
«أمي ،ألم تتعبي وتملي؟ أما آن للساعة الساكنة فيك
أن تهدأ أو تتباطأ ولو قلي ًل؟ هل الحياة عمل وجد الجميع ،من كل التزام ،من أي تبعية أو انتماء ،وأن
فقط؟ تعب وشقاء؟ أهذه عيشة؟ هذه عيشة كلبة ،أنا أثور وأتوقف نهائيًّا عن فكرة أن العالم سيقف من
لن أسير على دربك أب ًدا ،كوني على يقين من ذلك»،
دوني.
ثم غادرت وتركتني لذهولي. في الآونة الأخيرة ،فاجأتني ملاحظات غريبة
ما الأمر؟ هل تغير الأبناء؟ من أين يأتون بهذه تكررت على مسامعي ،كانت صريحة ومباشرة،
الأفكار وهذه الجرأة؟ هل تغير الزمان وتبدلت قالت لي ابنتي الصغرى بجرأة أذهلتني« :لقد
العقليات؟ أم أنه ما عاد لي من ضرورة في نظرهم؟ كبرنا يا أمي ،يجب أن تنتبهي إلى أننا كبرنا ح ًّقا،
كان آخر ما سمعته من ابنتي ،بمثابة هزة حركت وصرنا نعول على أنفسنا ونتخذ قرارات في أمور
من تحت قدمي الأرض التي شيدت عليها مملكتي، كثيرة تخصنا» ،وفي يوم لاحق ،بينما كنت عالقة
في أشغال المطبخ التي لا تنتهي ،أقبل ابني البكر
وتوج ُتني ملكتها ،ربتها وخادمتها وسيدتها، نحوي ،وواجهني بطوله الفارع (يجب أن أقول
أدير كوكبتي بفضل منجزاتي وتضحياتي ،التي إنني انتبهت لأول مرة إلى قامته السامقة ،لقد