Page 112 - merit 53
P. 112
العـدد 53 110
مايو ٢٠٢3
عيسى جابلي
(تونس)
الحادي والثلاثون من فيفري..
أو الضراط المقدس
لقد عمقت النظر في المسألة وقلبتها على وجوهها ضرط الشيخ في ذلك اللقاء ،أو ُشبه لجلاسه أنه
وقارنت ما يكون من أولها بما يكون من آخرها، ضرط .لا أحد يعلم حقيقة ما حصل على وجه
فوجدت أن الضراط من الدين ،وأن الإنسان مجبول
على الضراط في حله وترحاله ،لا ينجو من ضرطة اليقين .كل ما في الأمر أن رائحة انتشرت في أرجاء
المكان لم يستطع أحد أن يجزم بحقيقتها.
ولا فسوة مهما فعل.
كان الشيخ يستعرض حال الأمة وما آلت إليه من
*** ضعف وهوان .ولما فتح المجال لأصحابه أخذوا
في النقاش يتطارحون آفاق الخروج من الأزمة،
أما الشيخ فقد دخل من ساعتها في نوبة خجل
طويلة .احتجب عن الناس ترافقه حشمة ثقيلة حتى نط منه صوت ،عقبته رائحة غامضة .وانفض
حولت ِب ْش َر ُه حز ًنا وإقباله على الدنيا زه ًدا وند ًما المجلس لمواصلة تعميق النقاش.
وألمًا .وبينما هو يو ًما في خلوته ،دخل عليه أحد
في الأيام التالية سرى خبر الضرطة بين الناس،
مريديه في نفر من أصحابه فقال له أحدهم: وانتشر في مدن البلاد.
أيها الشيخ الجليل ،لقد بالغت في ملامة نفسك في
ما ليس لك عليه سلطان .وإنه ليحزننا أن تؤول (مشهد أول ،نهار ،داخلي ،مقهى في مكان ما)
بك الأيام إلى ما أنت عليه من ندم وتقريع للنفس يقول أحدهم بصوت عال مخاطبًا لاعبي الورق
لا يعلم مكابدتها إلا الله تبارك وتعالى .ولقد والفضوليين:
انتهيت وأصحابي إلى أن الضراط من صميم الدين إن الضراط علامة شبع وتخمة ،وهو بالتالي رمز
للإمبريالية والرأسمالية المتوحشة التي تعصف
الحنيف .أصغ إلى قول ربك سبحانه إذ يقول:
«وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين» ،كي بالبلاد.
يتأكد عندك أن ما كان منك يومها لم يكن سوى (مشهد ثان ،ليل ،خارجي ،إحدى القرى)
تقول عجوز لجاراتها وقد اجتمعن يتسامرن في
قضاء من الله وقدر لا راد له ،ولا أحسبك من
الذين يعترضون على قضاء الله جل وعلا وقدره. حوشها:
فلم نعهدك من الذين يتبرمون من حكمه ولا من لا تنتظروا من الشيخ النتن سوى ضراطه.
الذين يترددون في قبول حكمه والخضوع لطاعته. (مشهد عدد ،37نهار ،داخلي ،إحدى خلوات أتباع
ولقد قالت العلماء إن الإنسان لا يزال في ضيق الشيخ)
حتى يطلق من الريح ما فسد .ولا نشك في أنك يقول أحد المريدين:
لحظة الواقعة قد كنت في ضيق من أمرك ،حتى إنها لم تكن ضرطة بالمعنى التام للكلمة ،بل يمكن
كان منك ما كان .وإن حفظ النفس لمقدم على حفظ اعتبارها إلى الفسوة أقر َب.
الدين والعرض في ملتنا ،فهب أنك حبستها وغالبتها (مشهد عدد ،317ليل ،داخلي ،خلوة أخرى من
خلوات أتباع الشيخ)
يقول أحد المريدين: