Page 107 - merit 53
P. 107
105 إبداع ومبدعون
القصة في تونس
أجد نفسي لأيام وحدي ،في إحدى الشقق في حي
ما ،لا أعرفه ،فانتقمت في إحدى المرات من ذلك
الكناري المسكين.
ذات يوم و َفد على الجبل جمع آخر ،فالكتيبة التي
كنت بها كانت تتكون من بضعة أشخاص ،أنا،
وقائد وخمسة مقاتلين وتلك المرأة ،وصبي كان
يساعد في الخدمة ،كان قليل الكلام ولكن يخيم
على وجهه وروحه حزن كبير ،كان يختفي صحبة
المقاتلين ويعود منهك القوى يمشي بصعوبة بالغة،
وأحيا ًنا يدعوه القائد إلى خلوته وحين يعود كنت
أتنشق رائحة القائد تتسرب فوق جلده ،ولكنه ما
كان يحدثني مطل ًقا وما كنت لأسأله عما يحصل له،
وفي إحدى المرات تجرأت وسألت القائد في إحدى
خلواته بي -إذ كان يخلو بي كثي ًرا -فالأولوية
للقائد دائ ًما“ :بماذا ينفع مثل هذا الصبي في
الجهاد؟” ،فحدجني بنظرة قاسية قائ ًل“ :كل يجاهد
من موقعه ،فلا تكثري من الأسئلة” ،ومن يومها
التزمت الصمت ،أصابني الرعب من نظراته ،وعادت
صورة زوج أمي تقفز من عيونه كأنه سينقض عليَّ
مجد ًدا ،أحسست شب ًها كبي ًرا بينهما في تلك اللحظة.
دعاني القائد ذات صباح إلى الالتحاق بهم حيث
كانوا مجتمعين ،أسرعت بوضع النقاب ،والتحقت
بهم ،طلب مني الكشف عن وجهي مؤك ًدا أن
الزائرين ،هم من المؤمنين الصادقين الذين وهبوا
حياتهم للجنة ،فلا معنى لارتداء النقاب بينهم.
مسا ًء ،حين التحقت بخلوة القائد لم يكن بمفرده،
كان يجلس عن يمينه رجل من المجاهدين الجدد،
كان يبدو أكبر سنًّا منه ،وأحسست أن له مكانة
خا َّصة وحظوة كبيرة عند القائد ،حين هممت
بالانصراف ،أمرني بعدم الخروج ،أخبرني أن
أبا عمر من أهم قيادات التنظيم ،وأنه رجل المهام
الصعبة ،حتى أنه ابتسم وهو يلقبه بفاروق العصر،
من سيفرق شمل الطواغيت قريبًا ،في عملية كبرى،
ستصيب العالم ،بحالة من الذهول والصدمة ،كنت
أستمع إليه مطأطئة الرأس.
فجأة ،طلب مني الاقتراب أكثر منه ،أذعنت في
صمت ،اقتربت في وجل ،أصبحت الآن بالقرب منه
تما ًما ،ق َّرب وجهه مني ،أحسست بشعر لحيته
الكثيفة يخدش خدي قلي ًل ،طلب مني نزع ملابسي،