Page 251 - merit 53
P. 251

‫الملف الثقـافي ‪2 4 9‬‬

  ‫الذي طالما وقع تضمينه في‬                  ‫رولان بارت‬               ‫(معاك ربي والنبي‪ /‬يا‬
  ‫خطاب الجماهير التونسية‪.‬‬                                         ‫ربي يا عالي) في ضرب من‬
‫وما دمنا في سياق الاستجابة‬         ‫(كرة قدم) مزيان توانسة‬          ‫الالتماس الممزوج بالدعاء‪،‬‬
                                    ‫ما يخافوا‪ ،‬تونس قرطاج‬         ‫وهذا النسج اللغوي يعكس‬
     ‫البليغة للمستعمر‪ ،‬يشد‬
 ‫انتباهنا التواجد الدائم للعلم‬                 ‫يالحضارة»‪.‬‬           ‫انتما ًء وهوية‪ ،‬تجعل من‬
                                   ‫بالعودة إلى الأغنية القائمة‬       ‫خطاب الجماهير خطا ًبا‬
     ‫الفلسطيني في مدرجات‬                                        ‫هوو ًّيا منتميًا إلى دائرة قولية‬
  ‫التونسيين وغيرهم‪ ،‬علامة‬            ‫على الازدواجية اللغوية‬      ‫بعينها‪ ،‬ومنه يضحى القصد‬
  ‫سيميائية دالة على المقاومة‬        ‫يمكن لنا الإحاطة ببعض‬       ‫الإنجازي فيها قص ًدا جماعيًّا‬
‫وتقويض الخطاب العنصري‬           ‫الاستجابات البليغة‪ ،‬وخاصة‬       ‫تحت فلسفة عقل جمعي‪ .‬هذا‬
                                   ‫من خلال ضمائر الخطاب‬         ‫فض ًل عن ممارسة الجماهير‬
     ‫للمحتل‪ ،‬وهنا قد ننزاح‬         ‫التي سيطر عليها الضمير‬          ‫للتناص اللغوي من خلال‬
   ‫بالخطاب إلى التفاعل الذي‬          ‫(نحن) في إشارة للهوية‬       ‫هتاف «يا دوحة جايين هاو‬
   ‫أحدثه الفلسطينيون‪ ،‬حيث‬                                       ‫جايين»‪ ،‬وهي أغنية مستنبطة‬
   ‫أطلق نشطاء من فلسطين‬                ‫الذاتية والخصوصية‪،‬‬        ‫من مونديال روسيا ‪.2018‬‬
   ‫أغنية «يلا يا توانسة بدنا‬        ‫والطريف أن هذا النشيد‬            ‫وفي إطار تحليل خطاب‬
   ‫أهداف»‪ ،‬وجاء في مطلعها‪:‬‬      ‫استدعى التاريخ في محطتين‪:‬‬
    ‫«في الملعب إنتو الأبطال‪..‬‬     ‫محطة رياضية وهي كأس‬                    ‫الجماهير التونسية‬
                                   ‫عالم سنة ‪ 1978‬حين قدم‬          ‫نستحضر أغنية ُخصصت‬
    ‫إنتو رجال‪ ..‬إنتو جبال‪..‬‬         ‫المنتخب التونسي ملحمة‬          ‫لمونديال قطر ‪ ،2022‬وقد‬
   ‫رح تحكي عنكو الأجيال‪..‬‬          ‫رياضية‪ ،‬وثانيًا حين ذكر‬        ‫وسموها بـ»نجمة وهلال»‬
  ‫يلا يا توانسة بدنا جوال»‪.‬‬          ‫تونس قرطاج انتما ًء إلى‬      ‫في إشارة إلى مكونات العلم‬
‫وانسجا ًما مع تشكل الهويات‬       ‫حضارة عريقة‪ .‬والمتمعن في‬         ‫التونسي‪ ،‬وسأقوم بعرض‬
 ‫القطرية والقومية فإن بادرة‬     ‫المعجم المستعمل يجد أنه قائم‬
  ‫الجماهير العربية في إنشاء‬      ‫على معجم الحرب والشهادة‬             ‫الأغنية واض ًعا الترجمة‬
                                  ‫(شهداء‪ ،‬جنود‪ ،‬الاحتلال)‪،‬‬      ‫العربية للألفاظ الفرنسية بين‬
     ‫تشكيل عربي للتشجيع‬         ‫وهذا فيه إشارة إلى استجابة‬
    ‫يعكس نض ًجا في الانتماء‬     ‫المقاومة (المستعمر الفرنسي)‬           ‫قوسين‪ ،‬تقول الأغنية‪:‬‬
‫ويعزز موق ًفا مناه ًضا لتشتت‬                                       ‫«في درابونا (العلم) نجمة‬
     ‫مناد ًيا ضمنيًّا بالوحدة‪.‬‬
                                                                     ‫وهلال‪ ،‬واحنا ‪soldats‬‬
   ‫سيميائية لباس‬                                                         ‫(جنود) بيهم ‪fiers‬‬
  ‫المدرجات وتشكل‬
   ‫الهوية الوطنية‬                                                 ‫(فخورين)‪ ،‬كالشهداء زمن‬
                                                                 ‫الاحتلال‪ ،‬وقت الشدة ‪Très‬‬
   ‫بخلاف الاستجابة البليغة‬
  ‫القائمة على المعطى اللغوي‪،‬‬                                         ‫‪( solidaires‬متعاونون‬
                                                                 ‫ج ًّدا)‪ALLEZ ALLEZ LA ،‬‬
        ‫نسجل في استجابات‬                                         ‫‪( TUNISE‬هيا هيا تونس)‪،‬‬
   ‫الجماهير التونسية بع ًضا‬                                      ‫كرة مليحة يا ‪MA PATRIE‬‬
 ‫من الاستجابات غير اللغوية‬                                      ‫(بلدي)‪ ،‬هذا عامنا يالا لولاد‪،‬‬
   ‫وخاصة تلك المتجسدة في‬                                          ‫‪( l’identité‬هوية) توانسة‬
 ‫اللباس‪ ،‬وأحيا ًنا في تشكلات‬
‫الجسد‪ ،‬ويمكن أن ُتحلل هذه‬                                           ‫و ‪(fiers‬فخورين)‪et la ،‬‬
                                                                ‫‪( fierté‬كبرياء) تاريخ أجيال‪،‬‬
                                                                 ‫‪ 78‬والعالم شافوا ‪football‬‬
   246   247   248   249   250   251   252   253   254   255   256