Page 246 - merit 53
P. 246

‫العـدد ‪53‬‬                               ‫‪244‬‬

                                    ‫مايو ‪٢٠٢3‬‬                         ‫‪ -‬ال َك َر ُم‪ :‬يقدم المتكلم نفسه‬
                                                                      ‫على أنه يبذل الغالي والنفيس‬
     ‫آخر المقاطع الثلاث‪ .‬كما‬          ‫ها ًّما فيها إلى جانب الإيقاع‬
   ‫تكررت كلمة «حاضرين»‬                ‫الموسيقي‪ .‬وكما هو معلوم‬            ‫في سبيل متابعة مباريات‬
‫أكثر من مرة‪ .‬وهي عبارة عن‬             ‫فإن للإيقاع دو ًرا كبي ًرا في‬  ‫فريقه‪ ،‬وهو رغم علمه بالثمن‬
  ‫إجابة عن أسئلة تبين مدى‬              ‫ترسيخ الخطاب في أذهان‬
 ‫استعداد المشجعين للوقوف‬             ‫المتلقين‪ ،‬لذلك يمكن حفظ ما‬          ‫الباهظ لتذكرة السفر من‬
    ‫مع فريقهم‪ ،‬وكذلك كلمة‬             ‫يرتكز على الإيقاع بسهولة‬           ‫تونس إلى الدوحة إلا أنه‬
                                      ‫أكثر من الخطابات العادية‪.‬‬           ‫يؤكد حضوره «‪ -‬حتى‬
                 ‫«جايين»‪.‬‬            ‫وهذا ما جعل الشعر ألصق‬             ‫التساكر غاليين جايين؟‬
      ‫أما الإيقاع الذي يعتمد‬                                          ‫‪ -‬جايين» ويؤكد أي ًضا أنه‬
‫التماثل في الوزن‪ ،‬فيساهم في‬             ‫بالذاكرة‪ ،‬لذلك اعتمد هذا‬      ‫لن يكتفي بحضور المباريات‬
 ‫بلاغة القول مساهمة فعالة‪،‬‬             ‫الإشهار الإيقاع من خلال‬            ‫وتشجيع الفريق‪ ،‬وإنما‬
‫حتى أنه كان من أسس القول‬               ‫التكرار أو من خلال جعل‬           ‫سيكون سائ ًحا باذ ًل المال‬
‫الشعري العربي‪ ،‬والشعر هو‬                ‫الكلمات الأخيرة للمقاطع‬        ‫في الأسواق من خلال كمية‬
  ‫أبلغ الكلام وأجمله في نظر‬                                              ‫المشتريات التي سيقتنيها‬
    ‫العرب‪ .‬ونجد في الخطاب‬                ‫تشترك في الوزن أو في‬           ‫«سوق واقف مكتسحين‪،‬‬
       ‫المدروس‪« :‬تونس في‬               ‫الحروف الأخيرة‪ ،‬ليسهل‬           ‫خمسة ريال تولي ألفين»‪.‬‬
  ‫الدوحة باش تبا ْت‪ ،‬وبره‬              ‫ترديد الإشهار وانتشاره‪،‬‬       ‫الاختلاف اللهجي‪ :‬يحمل هذا‬
‫حرك باب دزيرة والمركاض‬               ‫وهو تلوين له علاقة وطيدة‬            ‫الإشهار وعيًا بالاختلاف‬
 ‫وباب بنات» أو «يا دوحة‬                                               ‫اللهجي‪ ،‬وبإمكانية عدم فهم‬
 ‫هام جايين‪ ،‬حتى التساكر‬                    ‫بالذاكرة‪ ،‬ويعمل على‬          ‫أهل البلد المضيف لكلمات‬
‫غاليين جايين؟» ‪ -‬جايين‪،‬‬                 ‫استجابة الأحاسيس من‬             ‫هذه الأغنية الإشهارية‪ ،‬أو‬
     ‫عادي نجو كعابي على‬                 ‫خلال استثارتها إيقاعيًّا‪،‬‬      ‫لكلام من سيأتون إليه من‬
     ‫الساقين‪ ،‬وان شاء الله‬            ‫وبالتالي المساهمة في تبليغ‬     ‫التونسيين‪« ،‬لهجتنا صعيبة‬
‫نجيبو طرحين‪ ،‬قول آمين‪.‬‬              ‫الدلالة المقصودة‪ ،‬ومن أمثلة‬            ‫موش فاهمين‪ ،‬قولش‬
   ‫– آمين‪ ،‬أولاد البلاد فينا‬            ‫تحقق بلاغة الإيقاع عبر‬         ‫من المريخ جايين»‪ ،‬ورغم‬
    ‫باهتين‪ ،‬لهجتنا صعبة‬                                                  ‫ذلك فهو يعبر عن ُهويته‬
      ‫موش فاهمين‪ ،‬قولش‬                                 ‫التكرار‪:‬‬         ‫من خلال تمسكه بلهجته‪،‬‬
  ‫من المريخ جايين»‪ .‬يحقق‬               ‫« هيا برا عاد حل الباب‬         ‫لأن اللغة مقوم أساسي من‬
    ‫التماثل في الوزن في آخر‬
    ‫المقاطع التأثير في المتلقي‬           ‫عاد‪ ،‬كمل إللي في إيدك‬                   ‫مقومات الهوية‪.‬‬
   ‫ويرسخ القول في ذاكرته‪.‬‬               ‫وإيجا عاد‪ ،‬هاك الفلفل‬
                                          ‫شيحتوشي عاد‪ ،‬وآك‬             ‫‪ -5‬بلاغة الإيقاع‬
  ‫‪ -6‬العلاقات بين‬                   ‫اللبلابي حضرتوشي عاد»‪.‬‬
        ‫الجمل‬                          ‫قام هذا المقطع على تكرار‬           ‫جاء الخطاب الإشهاري‬
                                       ‫كلمة «عاد» التي لا يمكن‬          ‫المخصص لتشجيع الفريق‬
   ‫تلعب العلاقات بين الجمل‬           ‫أن نجد لها مراد ًفا دقي ًقا في‬      ‫التونسي في كأس العلام‬
    ‫دو ًرا ها ًّما في بناء الدلالة‬  ‫اللغة العربية الفصحى‪ ،‬وإنما‬        ‫قطر ‪ 2022‬في شكل أغنية‬
                                        ‫يمكن أن تقترب من لفظ‬           ‫يؤديها مجموعة من الناس‬
        ‫وإيصال المعنى‪ ،‬وقد‬            ‫«كالعادة» في هذا الخطاب‪،‬‬           ‫فرادى وجماعات‪ ،‬ويمثل‬
  ‫فصل النحاة القول في هذه‬               ‫ولكنها تستعمل بدلالات‬
    ‫العلاقات‪ ،‬فمنها التفصيل‬         ‫مختلفة حسب السياق وتأخذ‬               ‫الإيقاع الخطابي عنص ًرا‬
                                    ‫دلالتها من سياق استعمالها‪.‬‬

                                          ‫وحققت إيقا ًعا خطابيًّا‬
                                      ‫باعتبارها لازمة تكررت في‬
   241   242   243   244   245   246   247   248   249   250   251