Page 245 - merit 53
P. 245

‫الملف الثقـافي ‪2 4 3‬‬

‫دامون مايافر‬                  ‫جيرار دوسون‬                   ‫‪-4‬بلاغة تقديم الذات‬

      ‫الناس في فصل الشتاء‬            ‫وإذا عدنا إلى الإشهار‬       ‫تلعب استراتيجية تقديم‬
 ‫(اللبلابي)‪ ،‬ولا يخلو شارع‬       ‫المدروس وجدنا أنه يركز‬         ‫الذات دو ًرا مه ًّما في فهم‬
 ‫تقريبًا من وجود دكان يقدم‬    ‫على تقديم الذات عبر عبارات‬    ‫الخطاب وتأويله واستخلاص‬
                              ‫مختلفة تكشف طبيعة الشعب‬        ‫الدلالات المضمرة فيه‪ ،‬وهي‬
                ‫هذه الأكلة‪.‬‬       ‫التونسي المشجع لفريقه‪،‬‬         ‫من الإستراتيجيات التي‬
  ‫‪ -‬قوة العزيمة‪ :‬يقدم الأنا‬      ‫وذلك من خلال مستويات‬            ‫يعتمدها منشئ الخطاب‬
   ‫نفسه بإعجاب ذاتي «بابا‬                                    ‫ليقدم ذاته حاملة كل معاني‬
                                   ‫عديدة يمكن أن نجملها‬         ‫الخير والعدل والشجاعة‬
    ‫عليك وعلى الأولاد‪ ،‬بابا‬      ‫في العادات والتقاليد وقوة‬      ‫والإيثار‪ ،‬فهي الذات التي‬
 ‫علينا بنات وأولاد»‪« ،‬بابا‬      ‫العزيمة والشجاعة والكرم‬           ‫تتحلى بكل القيم النبيلة‬
  ‫على‪ »..‬هي عبارة تدل على‬
                                      ‫والاختلاف اللهجي‪.‬‬           ‫ولا يصدر عنها سوى‬
    ‫شدة الإعجاب بشيء ما‪،‬‬       ‫‪ -‬العادات والتقاليد‪ :‬يركز‬       ‫الفعل الحسن الموافق لكل‬
    ‫ولا يمكن أن نقنع الآخر‬                                      ‫مقام‪ .‬فالخطاب كما يراه‬
 ‫بالإعجاب بنا دون أن نكون‬         ‫منتج الخطاب الإشهاري‬          ‫دامون مايافر (‪Damon‬‬
‫معجبين بأنفسنا وبما نفعله‪.‬‬       ‫على عادات الأكل التقليدي‬
‫‪ -‬العزيمة والشجاعة‪ :‬يبرز‬                                          ‫‪« )Mayaffre‬هو تأكيد‬
 ‫ذلك من خلال تأكيد المجيء‬             ‫في تونس «آك الفلفل‬     ‫هوية خطيب من أجل تعيين‬
 ‫إلى الدوحة ولو على القدمين‬          ‫شيحتوشي عاد‪ ،‬آك‬
‫«جايين‪ ،‬عادي نجو كعابي‬        ‫اللبلابي حضرتوشي عاد»‪،‬‬            ‫مستمع وانخراطه»(‪ )7‬من‬
 ‫على الساقين» دون الخوف‬           ‫وهو تعبير عما ُعرف عن‬           ‫خلال بناء لغوي معين‬
 ‫من بعد المسافة بين البلدين‪،‬‬      ‫التونسي من أكل الطعام‬
‫فالمهم هو التمكن من تشجيع‬       ‫الحار المعد بالفلفل المجفف‬      ‫وتمثيل خاص للذات عبر‬
                               ‫تحت أشعة شمس الخريف‪،‬‬             ‫الأساليب اللغوية‪ ،‬بهدف‬
           ‫الفريق التونسي‪.‬‬         ‫وبأكلة تقليدية يتناولها‬       ‫انخراط المستمع في هذه‬
                                                              ‫الهوية «يجد المستمع نفسه‬
                                                                ‫في هوية منتج الخطاب»‪،‬‬
                                                                 ‫سواء أكان هذا المستمع‬
                                                             ‫فر ًدا أم جماعة أم مؤسسة‪،‬‬
                                                               ‫وهذا يضمن أكبر عدد من‬
                                                             ‫المتابعين أو المؤيدين‪ ،‬ويمكن‬
                                                             ‫المجموعة «من أن تكون وأن‬
                                                              ‫توجد وأن ُتعرف»(‪ .)8‬وهذا‬
                                                              ‫التقديم يعطي صورة لمنتج‬
                                                                ‫الخطاب الذي يحاول من‬
                                                               ‫خلال خطابه أن يرسخها‬
                                                              ‫في أذهان السامعين‪ ،‬فيبني‬
                                                                ‫تلك الصورة كما يريدها‬
                                                              ‫هو‪ ،‬لا كما هي في الحقيقة‪،‬‬
                                                               ‫أو هو يضخم ما يريد من‬
                                                               ‫الحقيقة ويطمس ما يريد‪.‬‬
   240   241   242   243   244   245   246   247   248   249   250