Page 250 - merit 53
P. 250

‫العـدد ‪53‬‬                           ‫‪248‬‬

                               ‫مايو ‪٢٠٢3‬‬

    ‫الأغنية الأشهر في خزان‬        ‫بحثنا استجابات بليغة في‬    ‫طقوس‬        ‫الرياضي نقوم في هذه‬
    ‫الجمهور التونسي‪ ،‬وقد‬          ‫المواقع الافتراضية ويوم‬   ‫مشجعي‬     ‫السطور بتشريح الخطاب‬
 ‫نسجتها الجماهير بتصويت‬         ‫مبارة تونس ضد الدنمارك‬              ‫الجماهيري التونسي ضمن‬
     ‫لغوي مختلف‪ ،‬لتتحول‬           ‫(حضور مباشر)‪ ،‬تطالب‬        ‫تونس‬
‫«تونس» إلى «تونيزي» تأث ًرا‬        ‫الجماهير التونسية عدم‬                  ‫مونديال قطر ‪،2022‬‬
   ‫بالفرنسية‪ ،‬في حين مثلت‬          ‫«التصفير» لحظة إعلان‬                   ‫للكشف عن أبعاد هذا‬
   ‫(مش نرمال وحدة وحدة‬           ‫النشيد الوطني الدنماركي‪،‬‬             ‫الخطاب ودوره في تشكيل‬
 ‫للفينال) مزي ًجا واض ًحا بين‬      ‫وهي استجابة تدخل في‬                 ‫الهوية وبناء نسق فكري‬
   ‫الفرنسي والعربي‪ .‬ولعل‬           ‫إطار التأسيس للتعايش‬                   ‫يحاول أن يؤرخ لهذه‬
  ‫سيطرة العبارات الفرنسية‬      ‫واحترام الآخر ونبذ التطرف‬             ‫اللحظة مؤس ًسا لبعد نقدي‬
    ‫عائد إلى تأثر «الألتراس‬     ‫والعنصرية‪ ،‬رغم محاولات‬                  ‫(استجابة بليغة) ابتغا ًء‬
  ‫التونسية» بجماهير القارة‬        ‫البعض ممارسة التصفير‬               ‫لتعرية الخطابات السلطوية‬
   ‫الأوروبية‪ ،‬وهذا ما يجعل‬       ‫بغية التشويش والاحتقار‪.‬‬               ‫ومقاومتها‪ .‬ويحلو لنا أن‬
   ‫تعاطيها وتقليدها مرتب ًطا‬                                         ‫نبدأ مع الاستجابة الأشهر‬
‫بهوية ثقافية كاملة لها علاقة‬          ‫والناظر في الجماهير‬           ‫في الجماهير الرياضية وهي‬
                                     ‫التونسية يلحظ وجود‬             ‫استجابة الأناشيد والأغاني‬
      ‫بالمعطى الاستعماري‪.‬‬       ‫طقوس خاصة في التشجيع‬                ‫التي تسيطر على فعل القول‬
  ‫واللافت للانتباه في بعض‬      ‫ونسج الأغاني‪ ،‬حيث يطغى‬               ‫الجماهيري‪ .‬ويمكن أن نشد‬
                                  ‫الطابع المحلي‪ ،‬فعلى سبيل‬           ‫الرحال من النشيد الوطني‬
      ‫الأغاني أن التونسيين‬           ‫الذكر نشير إلى أغنية‪:‬‬           ‫التونسي‪« :‬حماة الحمى يا‬
 ‫يتكئون على الخطاب الديني‬        ‫(تونيزي يا تونيزي معاك‬               ‫حماة الحمى‪ ،‬هلموا هلموا‬
                               ‫ربي والنبي)‪ ،‬حيث تعد هذه‬               ‫لمجد الزمن‪ ..‬لقد صرخت‬
   ‫موجهين الخطاب إلى الله‬                                              ‫في عروقنا الدماء‪ ،‬نموت‬
 ‫والنبي صلى الله عليه وسلم‬                                           ‫نموت ويحيا الوطن”‪ .‬وهي‬
                                                                         ‫الاستجابة الأولى التي‬
                                                                       ‫أطلقتها الجماهير في جو‬
                                                                      ‫نفسي مشحون له ارتباط‬
                                                                        ‫بالعامل التاريخي (زمن‬
                                                                         ‫الاستعمار)‪ ،‬وعادة ما‬
                                                                   ‫تستدعي الذاكرة الجماهيرية‬
                                                                   ‫التونسية النشيد في تناغم مع‬
                                                                    ‫تاريخ مقاومة المستعمر ورد‬

                                                                               ‫فعله السلطوي‪.‬‬
                                                                     ‫ورغم البعد الحماسي الذي‬
                                                                   ‫قد يؤدي إلى خروج الجماهير‬
                                                                    ‫عن نسقها وممارسة خطاب‬

                                                                       ‫عنصري إلا أن الجمهور‬
                                                                        ‫التونسي تعامل بحرفية‬
                                                                     ‫أخلاقية مع لحظات النشيد‬
                                                                   ‫الوطني‪ ،‬حيث التقطت عدسة‬
   245   246   247   248   249   250   251   252   253   254   255