Page 244 - merit 53
P. 244

‫الكلمات‪ ،‬ونجد ذلك في‪:‬‬          ‫والإيجاز أسلوب بلاغي‪ ،‬تعرف به‬
     ‫«الليلة تصير الدوحة‬       ‫البلاغة‪" ،‬البلاغة الإيجاز"‪ ،‬وهو "إصابة‬

        ‫تونس» فأن يصبح‬              ‫القدر" حسب الجاحظ الذي أفرده‬
   ‫مكان ما بكل ما فيه وبكل‬       ‫برسالة وسمها بـ"البلاغة والإيجاز"‪،‬‬
  ‫خصائصه مكا ًنا آخر‪ ،‬فهذا‬      ‫فكان الإيجاز لديه من أبرز مرتكزات‬
 ‫يعني أن ندرس ذلك انطلا ًقا‬   ‫البلاغة‪ ،‬وهو أيضا "حسن الإفهام مع‬
    ‫من مجالات عديدة؛ منها‬
                                  ‫قلة عدد الحروف أو حسن الإفهام‬
      ‫الجغرافي والديموغرافي‬    ‫وقلة عدد الكلام"‪ .‬ويقوم الإيجاز على‬
   ‫والاجتماعي والاقتصادي‬      ‫ثنائية الاقتصاد في اللغة والكثرة في‬
 ‫والسياسي والثقافي‪ ..‬فكيف‬
                                                                ‫المعنى‪.‬‬
     ‫لمدينة أن تصبح في ليلة‬
    ‫مدينة أخرى؟ إنها عبارة‬          ‫جيرار دوسون( (�‪Gé‬‬           ‫وحدة جاءت موجزة ثم يتم‬
  ‫في قمة الاختزال والإيجاز‪،‬‬      ‫‪« )rard Dessons‬سلطة‬               ‫الانتقال إلى الوحدة التي‬
                              ‫الكلمة»(‪ .)5‬وأرجعه إلى سرعة‬
      ‫مرتبطة بعنوان الأغنية‬    ‫اللغة التي تفضي إلى التحام‬         ‫تليها‪ ،‬وذلك لتكثيف القول‬
   ‫الإشهارية أشد ارتباط «يا‬     ‫الكلمة بالوحدة التي تنتمي‬         ‫وتمرير أكثر ما يمكن من‬
  ‫دوحة نحن قادمون»‪ ،‬وهذا‬           ‫إليها لتكون معها المعنى‬
  ‫القدوم سيحول الدوحة إلى‬      ‫بأقل مفردات ممكنة‪ .‬ويرى‬                             ‫المعاني‪.‬‬
‫تونس‪ ،‬وذلك لكثرة القادمين‬        ‫برنار روخمفسكي( (�‪Be‬‬              ‫والإيجاز أسلوب بلاغي‪،‬‬
  ‫إليها‪ ،‬ولتمسكهم بما يحقق‬        ‫‪)nard Roukhomvsky‬‬              ‫تعرف به البلاغة‪« ،‬البلاغة‬
    ‫هويتهم من لباس ولهجة‬       ‫أن الحجم إن لم يكن في حد‬        ‫الإيجاز»‪ ،‬وهو «إصابة القدر»‬
  ‫وطريقة خاصة في تشجيع‬         ‫ذاته معيا ًرا أسا ًسا للإيجاز‪،‬‬    ‫حسب الجاحظ الذي أفرده‬
                              ‫فإنه ُيعد إلى جانب خصائص‬            ‫برسالة وسمها بـ»البلاغة‬
       ‫منتخبهم واكتساحهم‬      ‫أخرى متفردة‪ ،‬محد ًدا أسا ًسا‬     ‫والإيجاز»‪ ،‬فكان الإيجاز لديه‬
‫الملاعب‪ ،‬وذلك من وجهة نظر‬                                        ‫من أبرز مرتكزات البلاغة‪،‬‬
                                      ‫لر ْونق الاختزال»(‪.)6‬‬    ‫وهو أيضا «حسن الإفهام مع‬
   ‫منتج الخطاب الإشهاري‪.‬‬      ‫لهذه الأسباب ولغيرها اعتمد‬         ‫قلة عدد الحروف أو حسن‬
     ‫وتعضد العبار َة السابقة‬  ‫الإشهار الذي ندرسه والذي‬          ‫الإفهام وقلة عدد الكلام»(‪.)4‬‬
   ‫عبارتان في نفس السياق‪:‬‬      ‫صاحب انطلاق دورة كأس‬                ‫ويقوم الإيجاز على ثنائية‬
‫«تونس كلها هنا» و»تونس‬                                         ‫الاقتصاد في اللغة والكثرة في‬
    ‫في الدوحة باش تبات»‪،‬‬         ‫العالم لكرة القدم الإيجاز‪،‬‬
      ‫وظرف المكان «هنا» في‬     ‫وذلك لبلوغ أقصى ما يمكن‬                             ‫المعنى‪.‬‬
   ‫العبارة الأولى يعني مدينة‬  ‫من الدلالة بأقل ما يمكن من‬             ‫وتناول التفكير الغربي‬
      ‫الدوحة‪ .‬الإيجاز وحده‬                                         ‫الإيجاز بالدراسة وسماه‬
    ‫يسمح لمدينة تونس كلها‬
     ‫أن تكون في الدوحة عبر‬
    ‫مجاز علاقته المحلية‪ ،‬فقد‬
  ‫ُذكر المحل وأريد الحال به‪،‬‬
   ‫فتونس تعني أهل تونس‪،‬‬
‫وبالضبط من سيحضر منهم‬
  ‫إلى الدوحة لمتابعة فعاليات‬

               ‫كأس العالم‪.‬‬
   239   240   241   242   243   244   245   246   247   248   249