Page 293 - merit 53
P. 293

‫‪291‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫فن تشكيلي‬

‫الخطاب الإيديولوجي‬

     ‫في رواية «الرعن»‬                                                  ‫خديجة مسروق‬

     ‫للروائي الجزائري‬                                                  ‫(الجزائر)‬

                   ‫رشيد بوجدرة‬

    ‫«مهدي» بطل الرواية‪ ،‬أستاذ‬          ‫كفاح الشعب الجزائري خلال‬               ‫الرواية العربية‬          ‫ارتبطت‬
   ‫فلسفة بثانوية البنات بالجزائر‬    ‫الاحتلال الفرنسي‪ ،‬وآفاق التحرر‬     ‫بالواقعية‪ ،‬وسعت عبر‬
‫العاصمة‪ ،‬يتعرض لضربة شمس‬            ‫من براثن الاستعمار‪ ،‬والتحولات‬
‫فيصاب بالرعن‪ ،‬ثم ُيتهم بإصابته‬      ‫التي عرفها المجتمع الجزائري بعد‬       ‫مسيرتها التاريخية‬
   ‫بنوبات من الجنون‪ ،‬يدخل على‬                                              ‫إلى رصد التغيرات‬
‫إثرها مستشفى الأمراض العقلية‪.‬‬          ‫الاستقلال‪ ،‬مرك ًزا على الإقطاع‬  ‫التي تطرأ على المجتمع‬
‫أبوه سي عمر إقطاعي كان مواليًا‬      ‫وتبعاته‪ ،‬ووضعية الفئات المهمشة‬         ‫العربي‪ ،‬ونقلها إلى‬
 ‫للسياسة الحاكمة كي يزداد ثرا ًء‬                                          ‫القاريء وفق رؤية‬
                                          ‫من أبناء الشعب الجزائري‪.‬‬     ‫معينة تتعلق بالروائي‬
                        ‫ونفو ًذا‪.‬‬           ‫اعتمد بوجدرة على تقنية‬
   ‫شخصيتان في الرواية تحملان‬                                                          ‫نفسه‪.‬‬
                                          ‫الاسترجاع والوصف‪ ،‬نقل‬           ‫الروائي رشيد بوجدرة روائي‬
     ‫نفس الاسم‪ :‬الأولى تتمثل في‬          ‫للقاريء صورة صادقة عن‬          ‫جزائري كتب باللغتين الفرنسية‬
    ‫شخصية سي عمر‪ ،‬شخصية‬                ‫الممارسات الشنيعة للاستعمار‬      ‫والعربية‪ ،‬وكان يهدف من وراء‬
    ‫مستبدة‪ .‬سي عمر لا يهمه إلا‬            ‫الفرنسي بالجزائر‪ ،‬وبعض‬          ‫ذلك هو الآخر إلى نقل صورة‬
                                          ‫تجاوزات الإدارة السياسية‬        ‫عن متغيرات الواقع الإنساني‬
      ‫رغباته الذاتية‪ .‬منسجم مع‬                                         ‫والجزائري على وجه الخصوص‪.‬‬
  ‫الحكم القائم‪ .‬مقنَّع بقناع الورع‬           ‫في فترة الرئيس هواري‬       ‫رشيد بوجدرة رجل محبوس في‬
‫والتقوى‪ ،‬مستعد أن يوظف أمواله‬          ‫بومدين‪ .‬وتعرض إلى مشروع‬          ‫مكان ما‪ ،‬يحاول أن يمتلك معنى‬
‫في الصناعة الوطنية شريطة أن لا‬                                          ‫العالم الذي يضيع منه‪ ،‬لأنه أراد‬
‫تؤمم أراضيه وتجاراته‪ ،‬ومستعد‬              ‫الثورة الزراعية‪ ،‬إضافة إلى‬
                                       ‫أخطاء الاشتراكية‪ ،‬وصو ًل إلى‬        ‫التخلص من العادات البدائية‬
    ‫لبناء المساجد مقابل أن يكون‬     ‫الرأسمالية التي كان يقود زمامها‬             ‫والاتفاقات الاجتماعية‪..‬‬
         ‫اسمه على قائمة الحزب‪.‬‬        ‫بعض اللصوص الذين كانت لا‬
                                                                       ‫رواية «الرعن» رواية مترجمة عن‬
  ‫والثانية شخصية عمر الشاعر‪،‬‬              ‫تعنيهم إلا رغباتهم الذاتية‪.‬‬     ‫اللغة الفرنسية للروائي رشيد‬
 ‫شخصية صادقة‪ .‬لا يعرف عمر‬                 ‫للحرية ضريبة‪ ،‬وضريبتها‬
  ‫الخوف على الإطلاق‪ ،‬كان ناق ًدا‬     ‫غالية ج ًّدا‪ ،‬تستلزم على الإنسان‬   ‫بوجدرة‪ .‬طبعتها الأولى كانت في‬
 ‫للسياسة الحاكمة‪ .‬بسبب مواقفه‬       ‫التضحية بكل ما هو غا ٍل للتحرر‬     ‫العام ‪ .1982‬رصد فيها مسارات‬
                                      ‫من ربقة العبودية والاستغلال‪.‬‬
   288   289   290   291   292   293   294   295   296