Page 291 - merit 53
P. 291

‫‪289‬‬           ‫ثقافات وفنون‬

              ‫تأبين‬

‫فتحي التريكي‬  ‫جاك رانسير‬                                ‫أرنست ياندل‬                  ‫بالحياة في جزئياتها الصغيرة‬
                                                                                         ‫والبسيطة‪ ،‬لأن التفاصيل‬
  ‫شعرنة الحدث اليوم ِّي وإقحامه‬       ‫واح ٍد‪ ،‬وهو ما يعبر عنه نص قبل‬
            ‫في الخطاب ال ِّشعري‪.‬‬                        ‫ال ِّشعر وبعده‪:‬‬          ‫والجزئيات والأشياء الصغيرة هي‬
                                                                                  ‫التي تحرك القضايا الكبرى‪ ،‬كما‬
     ‫تخبئ الشاعرة خلف عينيها‬              ‫«أقر ُب طري ٍق إلى قل ِب ال ّرج ِل‪،‬‬    ‫ذهبت إلى ذلك النظريات الفلسفيَّة‪،‬‬
‫الحادتين بصمة سينمائيَّة مختلفة‬                                 ‫بطن ُه‬                ‫بما في ذلك فلسفة اليومي أو‬
‫فتخاطب عين القارئ وحواسه في‬                                                           ‫فلسفة التنوع على حد تعبير‬
 ‫مناسبات كثيرة‪ ،‬وذلك من خلال‬                  ‫حين تز َّوج ُت‪ ،‬كنت طفل ًة‬                  ‫الدكتور فتحي التريكي‪.‬‬
                                                        ‫بضفيرت ْين‪ ،‬لا‬                ‫فالجديد الذي أتت به سامية‬
    ‫انفتاحها على مشهد َّية جديد ٍة‬                                               ‫ساسي في نصوص هذه المجموعة‬
 ‫تتوسل بتقنيات السينما وعدسة‬              ‫أحس ُن قلي بيضة‪ ،‬أنز ُع الزي‬              ‫ليس بحثها في المه َّمش فحسب‪،‬‬
                                                      ‫المدرس ّي وأدخ ُل‬               ‫وإنما نزوعها إلى العثور على‬
    ‫الكاميرا‪ ،‬لتوسع دائرة الخلق‬                                                  ‫المغاير في هذا المه َّمش‪ ،‬والنفاذ إلى‬
     ‫الدلالي‪ ،‬فالعلامات والأشياء‬                ‫المطبخ بيد ْين ُمرتجف ْتن‬         ‫الواقع وبلوغ أعماق أعماقه دون‬
 ‫والألوان تكشف عن عالم يحتاج‬            ‫هو‪ ،‬طبا ٌخ جيّد‪ ،‬لا ُيساعدني‪ ،‬لا‬
‫دائ ًما إلى الكشف‪ ،‬وهو ما بدا جليًّا‬                                             ‫أن يكون صورة حرفيَّة عنه‪ ،‬وهي‬
                                                         ‫يرش ُدني‪ ،‬لا‬                ‫بذلك تكتب على طريقة السهل‬
         ‫في نص «عمى الألوان»‪:‬‬         ‫يد ُّلني إلى س ّر النكه ِة‪ ،‬يسن ُد ظهر ُه‬
             ‫«عفوا كوكو شانال‪،‬‬                                                    ‫الممتنع‪ ،‬أي ذاك الذي تتصوره في‬
                                                            ‫إلى الباب‬            ‫يدك قطرة ماء ولكن عند الإمساك‬
  ‫لن ينفعني الأسو ُد والأبي ُض في‬             ‫و ُيراقب‪ ،‬يقو ُل‪ :‬لا تهت ّمي‬
                          ‫شي ٍء‬                                                         ‫به يستحيل‪ ،‬وهو ما يظهر‬
                                                      ‫للمقادير‪ ،‬ا ْتبعي‬              ‫بوضوح في جملة من عناوين‬
     ‫بي بع ُض من ُخطا ٍف وأتل َّو ُن‬                        ‫ال ّرائحة!»‬             ‫نصوصها نذكر منها «لم أغيِّر‬
                   ‫ُسمرتي‪ :‬لو ُح‬                                                 ‫تسريحة شعري»‪« ،‬شاحنة بيرة»‪،‬‬
                   ‫فرحي‪ :‬أحم ُر‬        ‫يبدو أن النص موظف على المِلاك‬                ‫«نعناع تحت الأظفار»‪« ،‬شعرة‬
                                         ‫اليومي‪ ،‬استدعت فيه الشاعرة‬
    ‫الأخض ُر الذي أشتهي ِه‪ :‬أسف ُل‬       ‫الرائحة والمقادير والمطبخ بأن‬                         ‫العجين»‪« ،‬ف َّزاعة»‪.‬‬
                        ‫نافذتي‬
                                      ‫حولت تفاصيلها المنزليَّة الحميميَّة‬        ‫تحويل تفاصيلها المنزل َّية‬
                                        ‫إلى قيمة شعرية ُعليا‪ ،‬من خلال‬                  ‫الحميم َّية إلى‬

                                                                                    ‫قيمة شعرية ُعليا‬

                                                                                 ‫الجدير بالذكر أن انفتاح الشاعرة‬
                                                                                  ‫عجلعىلأهافقت اجلديوفمي ِّايلوسالرهدامدا ًّشليإيقاعيًّا‬

                                                                                    ‫وبدي ًل حقيقيًّا عن الوزن الذي‬
                                                                                  ‫لم يعد يستجيب لتعقيدات الحياة‬

                                                                                      ‫المعاصرة‪ ،‬فجاءت نصوصها‬
                                                                                    ‫حافلة ببلاغة الذاتي والجسدي‬
                                                                                    ‫والشهواني‪ ،‬في شكل سرديات‬
                                                                                   ‫يوميَّة وحكايات تتكرر في حياة‬
                                                                                     ‫امرأة عاشقة ومعشوقة في آ ٍن‬
   286   287   288   289   290   291   292   293   294   295   296