Page 290 - merit 53
P. 290

‫العـدد ‪53‬‬                                          ‫‪288‬‬

                                                                                          ‫مايو ‪٢٠٢3‬‬  ‫نسرين المكي‬

            ‫جمال َّية‬                                                                                ‫(تونس)‬
‫المه َّمش الأنثوي‬

      ‫في مجموعة‬

‫«لا تلتفت لنراها»‬

‫لسامية ساسي‬

    ‫على إيجاد لغة جديدة مختلفة‬                 ‫(‪)Langue déchue‬‬             ‫قل ٍق كأ َّن الريح تحتي‪،‬‬            ‫على‬
    ‫تستجيب للغة الحياة اليوميَّة‬         ‫تلك اللغة التي تلتصق بجلدة‬       ‫هذا شعوري وأنا أكتب‬
  ‫في بساطتها وتعقيدها‪ ،‬وهو ما‬       ‫الحياة في أدق تفاصيلها‪ ،‬وتتخفف‬
    ‫تحقق في مجموعة «لا تلتفت‬            ‫من هيمنة البلاغة الثقيلة‪ ،‬فلا‬          ‫عن هذه المجموعة‬
‫لنراها» للشاعرة سامية ساسي‪،‬‬                                                    ‫النفيسة للشاعرة‬
    ‫من خلال التفاتها إلى المه َّمش‬         ‫تكون مباشرتيَّة عارية من‬      ‫التونسية الراحلة سامية‬
‫والعارض في الأشياء واستثماره‬         ‫المجازات ولا غامضة مستعصيَّة‬          ‫ساسي‪ .‬وقديما قيل الكلام على‬
‫في بناء دلالات جديدة تسعى إلى‬                                             ‫الكلام صعب ولي أن أضيف هنا‬
 ‫تحقيق رهان شعرية المختلف في‬              ‫عن الفهم‪ ،‬ولعل الهدف من‬
                                         ‫النزول إلى هذه اللغة اليوميَّة‬          ‫أ َّن الكلام بالكلام يكتمل‪.‬‬
                       ‫الكتابة‪.‬‬      ‫المألوفة القطع مع اللغة الرسميَّة‬      ‫يقول جاك رانسير «إن ال َّشعر‬
    ‫والمختلف هنا ضديد المؤتلف‬             ‫السائدة‪ ،‬والاتجاه نحو لغة‬        ‫كامن في ك ِّل ما يحيط بالإنسان‬
 ‫والسائد والمكرر والمستهلك؛ فقد‬                                              ‫وأ َّنه في نفايات العالم»‪ ،‬يظهر‬
  ‫كانت أرض ال ِّشعر العربي على‬                      ‫المه َّمش والمهمل‪.‬‬      ‫في أبسط الأشياء ألفة وأش ِّدها‬
    ‫مدار قرون طويلة غير مهيأة‬       ‫وهو ما جعلنا نلاحظ في السنوات‬
‫لاحتضان التفاصيل بالعابر منها‬                                                  ‫اعتيادية وتكرا ًرا‪ ،‬في حياتنا‬
‫والزائل والمهمل والمه َّمش والقبيح‬     ‫الأخيرة بروز بعض النصوص‬              ‫اليوميَّة لكن الصعوبة تكمن في‬
 ‫والمبتذل والمستبعد والمقصي من‬            ‫التي أعادت للمه َّمش قيمته‬
  ‫عوالم ال ِّشعر‪ ،‬الأمر الذي جعل‬                                              ‫كيفيَّة ترحيله إلى ُدنيا ال ِّشعر‬
  ‫الكتابة النثرية تعيد رتق الصلة‬        ‫في المشهد ال ِّشعري‪ ،‬بأن ولَّت‬        ‫وإلغاء فكرة‏التمييز بين لغة‬
                                          ‫وجهها شطر اليوم ِّي سعيًا‬      ‫صالحة لتربة ال ِّشعر وأخرى غير‬
                                         ‫منها إلى كسر سلطة المح َّرم‪،‬‬      ‫صالحة بالانتصار إلى ما أسماه‬
                                                                             ‫أرنست ياندل باللغة ال َّساقطة‬
                                     ‫والتطرق إلى مواضيع عذراء غير‬
                                    ‫مسبوقة في ال ِّشعر‪ ،‬وحر ًصا منها‬
   285   286   287   288   289   290   291   292   293   294   295