Page 285 - merit 53
P. 285

‫‪283‬‬           ‫ثقافات وفنون‬

              ‫تأبين‬

                                                                                           ‫فقط‪ ،‬هو لا يتكلَّم‪ ،‬هي لا تقول‬

                                                                                                      ‫شيئًا»‪.‬‬

                                                                                           ‫على امتداد الديوان هناك صوت‬
                                                                                           ‫أنثوي يعلن بصرام ِة مح ٍّب عدم‬
                                                                                           ‫وصا َية الطرف الآخر عليه‪،‬‬
                                                                                           ‫فهما شريكان في الح ِّب والحياة‬
                                                                                                               ‫وال ِشعر‪:‬‬
                                                                                           ‫«صبا ًحا‪َ ،‬ت ْفت ُح النواف َذ على ص ْيح ِة‬
                                                                                                                ‫جا ْك برا ْل‬
                                                                                           ‫بخ ِحطذأًا‪ِ ،‬ئهي‪ْ ،‬دع ُس قد َمها الحافي َة‬
                                                                                                      ‫فت ْضح ُك‪:‬‬
                                                                                           ‫على ال َّرج ِل أن يتعلَّم ال َّرق َص ق ْبل‬
                                                                                                                 ‫الشع ِر!‬

                                                                                                      ‫هكذا‪ :‬خطو ًة‪ ،‬خطو ًة‬
                                                                                                      ‫في ُغ ْرفت ْين ُمنفصلت ْين‪،‬‬
‫سوزان عليوان‬  ‫بسام حجار‬                              ‫إيفان تورجينيف‬                                   ‫هي تر ُق ُص‪.‬‬

‫صورة لها على الديوان‪ ،‬ولم تكتب‬            ‫«من حكاياتي النسو َّي ِة المُملَّة‬               ‫ي ُدها ال َّر ْطب ُة على كت ِف الهواء‪،‬‬
     ‫تعري ًفا بها؛ بل جعلت الشعر‬                      ‫أعش ُق كقرو َّي ٍة‪.‬‬                             ‫خ ُّدها على خ ِّده‬
    ‫هو من ُيع َّرف عنها‪ .‬كما نجد‬                       ‫قد أل ُد كأرن ٍب‪،‬‬                    ‫ي ِد ِه‪،‬‬  ‫يخ ْضصر ُر ُبهاباهلانَّوحيجُل َهفميكتق ْببِ ِهضف ِةي‬
                                                                                           ‫غرفتِ ِه‬
  ‫أن المرأة في اللوحة على الغلاف‬             ‫نف َس ال َّر ُج ِل في ك ِّل م َّر ٍة‪.‬‬
    ‫الأمامي تعطي ظهرها للقارئ‬                   ‫حي َن كانت العاشقا ُت‬                                 ‫المجاورة‬
   ‫ولا تلتفت ليراها‪ ،‬وهناك رأس‬                     ‫ب ِر ْجل ف ْوق أُخرى‪،‬‬                   ‫فتنتبِ ُه‪ :‬على المرأ ِة أن تتعلَّ َم ال ِّشع َر‬
 ‫رجل ينظر بد ًل منها‪ ،‬وكأ َّنه للتو‬                                                             ‫قبل ال َّرقص والح ِّب أ ْي ًضا!»‬
 ‫أنجبها‪ ،‬ليلتحم المعنى في الغلاف‬             ‫يعلِّ ْق َن ألف َر ُج ٍل ب ْين نه ٍد‬          ‫نرى هنا بوضوح مهارة توظيف‬
‫مع مضمون القصائد في الديوان‪،‬‬                               ‫و ِضماد ٍة‪،‬‬
‫«هذا الرجل يلد يا أبي‪ ،‬فلا تسأل‬                                                            ‫تقنية الرسم من خلال الصور‬
 ‫كم عمري الآن‪ ،‬لا تسأل كم مرة‬           ‫و ُي ْط ِع ْم َن قط َط محلات التجميل‬
  ‫اقتلعني هذا الرجل من ضلعه»‪.‬‬                       ‫كشن ُْحت َمب َُبر ُطجو ٍلنهواَّن‪،‬ح ٍد‬  ‫الشعرية والحكي من خلال القص‬
    ‫ومع ذلك في الغلاف الخلفي‬
 ‫نجد أ َّنها تستدير بوجهها كتحي ٍة‬               ‫أُجه ُض دمي كام ًل»‪.‬‬                      ‫والمشهدية السينمائية‪ ،‬وغيرها من‬
   ‫ودودة وممتنة لالتفات القارئ‬           ‫هذا الديوان متعو ٌب عليه‪ ،‬من‬
  ‫لها ولشعرها‪ ،‬وكتعبي ٍر يوضح‬        ‫حيث المضمون والوحدة العضوية‬                           ‫التقنيات لإنتاج المعنى الشعري‬
‫أ َّن الشعر يكافئنا ويلتفت لنا حين‬
‫نقبل عليه بعدما انتهينا من كامل‬             ‫له ككل وعناوين القصائد‬                                    ‫بطريقة حداثية ومبتكرة‪.‬‬
                                           ‫وترتيبها‪ ،‬والغلاف بعنوانه‬
          ‫الوجبة التي قدمها لنا‪.‬‬        ‫ولوحاته والنص المكتوب عليه‪،‬‬                        ‫في مواضع أخرى يختلط فيها‬
     ‫وقد ختمت ديوانها بقصيدة‬               ‫فقد كتبته بين عامي ‪2013‬‬
      ‫موسومة باسمها «سامية»‪،‬‬          ‫و‪ ،2018‬وهي مدة كفاية لنضج‬                            ‫الخيال بالواقع بطريقة يستحيل‬

                                                 ‫القصائد بشك ٍل جيد‪.‬‬                       ‫الفصل بينهما‪ ،‬لشدة الواقعية في‬
                                           ‫الملفت أن ال َّشاعرة لم تضع‬
                                                                                           ‫المعنى المتخيل وصدق الخيال في‬

                                                                                           ‫الواقع المراد تصويره؛ مما يجعل‬

                                                                                           ‫قصيدتها المتمردة على السائد‬

                                                                                           ‫والنمطي‪ ،‬تحمل بصمتها وحدها‪،‬‬

                                                                                           ‫كما في قصيدة «لم أغيِّر تسريحة‬
                                                                                                      ‫شعري»‪:‬‬
   280   281   282   283   284   285   286   287   288   289   290