Page 283 - merit 53
P. 283
281 ثقافات وفنون
تأبين
ونساء بيكاسو وبوتيرو ،-وتضع ال َّشاعرة التي كانت تلعب في براءتها -تتخلل روح َك
كتب ُه على حجرها. الغميضة مع أمها -وهي امرأة في وعظام َك وتقل ُب معدت َك علي َك من
الستين -والتي لا تختبئ منها بل
األي ِّشعشُراعف ٍرٌّخأ!ووإشناعكار ٍةن،الههلر ببومنسهِع؟ تمسك يدها وتساعدها في البحث شد ِة التَّرق ِب ،وفجأ ًة تغم ُس َك
ماذا فعل ْت هذه الشاعرة التي في قع ِر جحيمها ،ليتضح ل َك أ َّنه
عنها؛ خدعتنا جمي ًعا حين لعبت الجحيم الأكثر طراوة وجنة؛ ث ْق
نص َب لها ال ِشعر فخ ُه قبل موتها نفس اللعبة معنا ،وكلما أوشكنا
بأعوا ٍم؛ لتصدر ديوا ًنا واح ًدا فقط، على الإمسا ِك بها؛ نجد أنفسنا أننا أن َك تقرأ لشاعر ٍة عر ُشها من
ويبتلعها ف ٌّخ أخ َر يشارك ُه ال ُّسطوة من كنَّا معصوبي العينين ،وهي قواري ٍر ،تسكن شط َر ال َبحر ،ولا
من أوقعت بنا ضاحك ًة ،وفي ك ِّل تلتفت لتراها ،وبرغ ِم أ َّن الملائكة
والهيمنة والقدر المحتوم. هجرتها في الليالي العجاف بتهم ِة
كسأشذ ِكف ُرحميثال ًلا،ل ِيشععزر ُزحكيلانمييطافريد مر ٍة لا ُتخطئ الع َّد. سرقة ال َّشمس من جارتها لطبخ
الشعراء الحقيقيين ،حتى وإن شاعر ٌة يقول لها بسام حجار
لم يعلنوا ذلك ،أو كانوا جاهلين ُنكتًا في جنازا ٍت وهميَّة ،ويكتفي القصائد وإطعام شاعرها ،إلا أ َّنها
بحقيقتهم ،وظلوا طوال حياتهم برؤيتها تضحك بفستانها ال َّزهري يمكنها أن ُتقبل الله حين تصلي.
-وحولها يوسف خديم الله، ولأ َّني أعلم يقينًا أ َّنها كانت تملك
يلبسون عباءة غيره ،فهناك وبول إيلوار ،وشارل بودلير، سر الألوان وأين يخبئ الشعر
فر ٌق كبي ٌر بين أن تكون شاع ًرا
حلواه ،كتبت لها إهداء في ديواني
بالفطر ِة ،وأن تكتب الشعر.
الشعراء قليلون ومن يكتبون الأول« :إلى سامية ساسي ..أ ُّي
الشعر ُكثر -هناك جيش من ُخدعة هذه ..كلما أرد ُت التوقف
عن الكتابة؛ رأي ُت الله يوزع ألوان
الكتِّيبة أعرف البعض منهم قوس قزح على الشعراء وحدهم».
لن تعيش نصوصهم طوي ًل،-
الشاعر الحقيقي حتى ولو لم أظن أ َّنها هناك الآن ،تشرف على
يكتب سوى ديوان واحد هو توزيع حلوى ال ِشعر ،وتمنحها
شاعر ،المسألة ليست بكثرة بع ًضا من بهجتها.
القصائد ولا بتأخر زمن الكتابة. لقد عرف ُت ال َّشاعر يانيس
ريتسوس من خلالها ،لم أكن
إيفان تورجينيف مث ًل على
النقيض من سامية ساسي ليس أعرفه من قبل ،كانت تنشر له
شا ًّبا ولم يكتب الشعر سوى في مقاطع في أوقا ٍت متفرق ٍة على
شيخوخت ِه ،فقد تف َّرغ طي َل َة حيا ِت ِه
لكتابة القصة والرواية ،والشعر صفحتها الشخصيَّة بالفيس
أثناء ذلك كله ،يطارده أينما ذهب، بوك ،وكان طبيعيًّا أن أجد ُه
في ديوانها -الوحيد المنشور-
وكان ينجح في الهر ِب منه.
إلا أ َّنه لم ي ِجد أمامه وهو واهن في يطبطب عليها ويدعو لفنجان قهوة
ُعم ِر ال ِّستين ،سوى أن يستسلم هناك ،هناك حيث الأمان الأبدي
له ،بعدما أخبره ال ِشعر أن قلبه وال ِّشعر ال َّصافي «هل عشت ال ُقبل َة
ما زال أخضر ويستطيع أن يتألم والقصيدة؟ إذن ،فلن يأخذ الموت
بعم ٍق ،وعليه أن يسترد أمانته
ويخرج ك َّل القصائ ِد المخبئة من ُذ منك شيئًا» ،وكأ َّنه يناديها :تعالي.
زم ٍن في روح ِه .قصائد تورجينيف وكأنه كتب هذا لأجلها .كتب
شعره من أجل شاعرة ستأتي
بعده «في الغ ِد ،عندما تنهار
ال ُشرفة؛ ستظ ُّل هي منتصب ًة في
الهواء هادئة وجميل ًة».