Page 278 - merit 53
P. 278

‫العـدد ‪53‬‬                         ‫‪276‬‬

‫مايو ‪٢٠٢3‬‬

  ‫الحكاية‪ ،‬هي حكايتها وحكايتنا‪،‬‬     ‫وهي المجموعة الأولى للشاعرة‪،‬‬
  ‫وربما هي حكاية قصيدة النثر‪،‬‬       ‫وقد كان لي شرف الاطلاع على‬
    ‫ففي نص «أقود شاحنة بيرة‪،‬‬        ‫أغلب نصوص المجموعة قبل أن‬
  ‫حين أكتب» تروي سامية قصة‬          ‫تصدر في كتاب‪ ،‬وذلك في إطار‬
   ‫الشعر وقصة الإبداع بالنسبة‬        ‫اشتغالي على نزعة التجريب في‬
                                  ‫قصيدة النثر التونسية‪ ،‬وقد لفتت‬
    ‫إليها‪ ،‬فهي تقيم عبر الأحداث‬
 ‫علاقة تقابل بين البيرة والشاي‪،‬‬      ‫انتباهي نصوص سامية ح ًّقا‪،‬‬
                                     ‫ولفتت انتباهي خاصة ظاهرة‬
    ‫البيرة تحيل على الخروج عن‬         ‫«التسريد»‪ ،‬فأغلب نصوصها‬
   ‫الجماعي المألوف والقبول‪ ،‬أما‬     ‫تنطلق من حياتها اليومية ومن‬
    ‫الثاني فهو يرمز إلى الجماعي‬      ‫تجربتها الذاتية‪ ،‬لكن رغم ذلك‬
  ‫المشترك‪ ،‬وكأنها من خلال ذلك‬
  ‫تكرس تلك المفارقة بين قصيدة‬          ‫كان شعرها موغ ًل في البعد‬
   ‫النثر بما هي ضرب للتابوهات‬           ‫الإنساني المطلق‪ ،‬لأنه ينقل‬
 ‫الشعرية وخروج عنها‪ ،‬وقصيدة‬        ‫تجارب روحية شديدة التكثيف؛‬
‫الوزن التي تكررت وتكلست حتى‬          ‫فكأن سامية قد جمعت الروح‬
                                    ‫الإنسانية المعتقة وسكبتها بك ِل‬
     ‫غدت نم ًطا جام ًدا لن يضيف‬   ‫سلاس ٍة في حرو ٍف نافذ ِة الرائح ِة‪،‬‬
        ‫الكثير إلى الشاعر العربي‬  ‫سامية تكتب وكأنها تطبخ طعا ًما‬
          ‫ولا إلى الشعر العربي‪.‬‬        ‫روحيًّا لذي ًذا مشب ًعا وممت ًعا‪.‬‬

                                  ‫سامية ساسي تكتب‬
                                  ‫قصيدة النثر الحكاية‬

                                       ‫شاعر قصيدة النثر المعاصر‬
                                    ‫أصبح اليوم أقدر على التقاط ما‬

                                      ‫لم يستطع السابقون التقاطه‪:‬‬
                                   ‫المزاوجة بين العقلي والشعوري‪،‬‬

                                      ‫بين المجرد والمحسوس‪ ،‬بين‬
                                      ‫السفلي والعلوي‪ ،‬بين المدنس‬
                                     ‫والمقدس‪ ..‬ولكن هذه المزاوجة‬
                                  ‫وهذا الزواج مهددان في كل لحظة‬
                                   ‫بالطلاق البائن‪ ،‬ومغريان في كل‬
                                      ‫حين أي ًضا بنوع من التماهي‬
                                      ‫العجيب الذي يحجب الخيوط‬
                                       ‫الفاصلة والنقاط الفارقة‪ .‬لا‬
                                      ‫شيء ثابت‪ ،‬لا شيء مستقر‪.‬‬
                                  ‫كل شيء قابل للتحول‪ .‬كل شيء‬

                                          ‫خاضع لقانون التجاوز‪.‬‬
                                        ‫سامية تكتب قصيدة النثر‬
   273   274   275   276   277   278   279   280   281   282   283