Page 277 - merit 53
P. 277
275 ثقافات وفنون
تأبين
الشاعرة التي التفت
إليها الشعر ورحلت..
سامي المسلماني
(تونس) قراءة في مجموعة
«لا تلتفت لنراها»
للشاعرة سامية ساسي
الذاكرة وبياض الشعر. فإنه قد أصبح يقول أكثر الشاعر المعاصر في يتيه
ليس سه ًل أن تكون شاع ًرا ويتحرك أكثر ،ويسبح ويغوص بيداء اللامعنى والفراغ
حقيقيًّا ،وليس هينًا أن تكون
شع ًرا يسير على قدمين ،والأمر أي ًضا .إذ يبدو أن التجارب السديمي ،وكلما غام
هنا لا يتعلق فقط بهضم ما قاله الشعرية التونسية المعاصرة الكون وتلبس الوجود
الأولون والآخرون ،ولا يتعلق في مجال قصيدة النثر قد غدت
باختزال الأرواح الشاعرة وما -بحق -عملية تأرجح مرعب بين بالرماد والرمادي
قيل عن الأرواح الشاعرة نق ًدا السديم والكينونة ،بين الكمون أشرقت شموس في باطنه ليضيء
وشر ًحا ودر ًسا ،وإنما الأمر والتجلي ،بين الموت والحياة .فما ما غام وعتم وليبدد طبقات الرماد
يتعلق أكثر بأن تعيش الشعر بين الوجود والعدم ،في برزخ وكسر الرمادي الداكن ،وليشعل
وتكتبه في آ ٍن ،وهذا لعمري ينطبق هلامي ضبابي ،ينبثق الشعر
على الشاعرة التي فارقتنا حديثًا: التونسي المعاصر صاد ًقا حتى حطب كينونته أكثر عله ينير
سامية ساسي ،في مجموعتها «لا النخاع ،لا يقول إلا ذات قائله ولا زاوية أخرى من زوايا وجوده
يستأنس إلا بما تعتق في الأعماق الذي هو جزء من الوجود العام
تلتفت لنراها». من تجارب ذاتية ،ومن إرهاصات
«لا تلتفت لنراها» مجموعة وجدانية ووجودية ،وبما ترسب المرئي واللامرئي.
شعرية صدرت في العام 2019 هناك بعي ًدا وعاليًا من ثقافة هذا الكلام يجسد في وجه من
عن دار «ديار للنشر والتوزيع». متشعبة عميقة زادت من سواد وجوهه سمة من سمات الشاعر
المعاصر ،وأخص بالذكر شاعر
قصيدة النثر ،ذاك الشاعر الذي
وإن أوغل في متاهات الغموض