Page 276 - merit 53
P. 276

‫ولا شيء في حجري‬                                    ‫العـدد ‪53‬‬                           ‫‪274‬‬
  ‫غير ضلوع من صلصال أربيها‬
                                                                                ‫مايو ‪٢٠٢3‬‬  ‫تشبه الأخرى‪ .‬يقول أنسي الحاج‬
                       ‫كل سنة‬                                                               ‫واص ًفا نفسه ضمن مجموعة من‬
     ‫لأجل رجل يأكل من رحمي‬                                      ‫بحر‬                        ‫شعراء قصيدة النثر‪ :‬إننا لا نهرب‬
                                         ‫التي أصبح يعيش فيها كار ًها‬                       ‫من القوالب الجاهزة لنجهز قوالب‬
          ‫ليلدني مس ًخا من حبر‬            ‫ليعود إل َّي بكتب في قفته التي‬
           ‫من حبر فقط يا أبي»‬                                                                                      ‫أخرى‪.‬‬
‫هو الرجل الشاعر يعيد صياغتها‬                               ‫تعرفونها»‬                           ‫لذلك صنعت الشاعرة إيقاعها‬
   ‫ويحولها من أنثى إلى نص إلى‬          ‫هي سيرة شاعر تكتبها شاعرة‪،‬‬
‫قصيد‪ ،‬إلى كلمات إلى حبر‪ ،‬فيأكل‬                                                                   ‫الخاص المبني على الصورة‬
   ‫من رحمها ليلدها‪ ،‬فحتى وهو‬              ‫فكلنا نعرف عن الشاعر الذي‬                            ‫الشعرية خاصة‪ ،‬وعلى الجمع‬
‫يلدها لا يستطيع فعل ذلك إلا بعد‬        ‫تتحدث عنه أنه يجوب الشوارع‬                               ‫بين عوالم مختلفة في صورة‬
‫أن يأخذ روح الحياة من رحمها‪،‬‬                                                               ‫واحدة كعالم الشعر وعالم الطبخ‪،‬‬
‫هو الرجل الشاعر الذي يصوغها‬              ‫دو ًما بقفته المليئة بالكتب‪ ،‬هذا‬                     ‫وهذا يخلق ما يسمى بالإيقاع‬
   ‫لغ ًة وحبًّا‪ ،‬فيعلمها دقائق اللغة‬    ‫الرجل ‪-‬الرجل الشاعر‪ -‬والذي‬                           ‫الداخلي لقصيدة النثر‪ ،‬والإيقاع‬
  ‫كي تتعلم الحياة معه وبجانبه‪،‬‬                                                               ‫أعمق وأشمل من الوزن وأسبق‬
 ‫رجل يعلمها التفرقة بين الرجاء‬           ‫تشترك معه في جنون الشعر‪،‬‬                          ‫كذلك‪ ،‬يقول أدونيس‪ :‬الوزن نص‬
 ‫الممكن الدائم والتمني المستحيل‪،‬‬       ‫قد وصفته بالرجل الذي يلد‪ ،‬أي‬                            ‫يتناهى‪ ،‬قواعد محددة‪ ،‬حركة‬
    ‫ويعلق قلبها بالرجاء بالممكن‬                                                             ‫توقفت‪ ،‬علم تآلف إيقاعي‪ ،‬وليس‬
 ‫بـ»تستطعين ونستطيع»‪ ،‬تقول‪:‬‬              ‫بالرجل واهب الحياة مثله مثل‬                        ‫الإيقاع كله‪ ،‬الإيقاع فطرة‪ ،‬حركة‬
        ‫«رأيت شها ًبا يسقط الآن‬                         ‫الأنثى‪ ،‬تقول‪:‬‬                         ‫غير محدودة‪ ،‬حياة لا تتناهى‪،‬‬
     ‫كان عليَّ ذكر أمنية؛ فذكرتك‬                                                            ‫الإيقاع نبع والوزن مجرى معين‬
‫رجل علمني في الحب الرجاء بدل‬                    ‫«هذا الرجل يلد يا أبي‬                          ‫من مجاري هذا النبع‪ .‬فهنيئًا‬
                                              ‫فلا تسأل كم عمري الآن‬                           ‫لسامية ساسي ولكل الشعراء‬
                        ‫التمني‬            ‫لا تسأل كم مرة اقتلعني هذا‬                        ‫الذين يكتبون قصيدة نثر حقيقة‬
          ‫لا أتمناك‪ ،‬أنا أرجوك»‬
      ‫استطاعت الشاعرة سامية‬                        ‫الرجل من ضلعه»‪.‬‬                                                ‫وجميلة‪.‬‬
     ‫ساسي أن تجعل من الرجل‬             ‫الشاعرة تعيد صياغة قصة خلق‬
    ‫تيمة أو أيقونة شعرية‪ ،‬تحف‬                                                                 ‫الشاعرة التي تكتب‬
   ‫بعوالم الحياة والحب والشعر‪،‬‬            ‫أول رجل وامرأة ‪-‬قصة آدم‬                             ‫السيرة الذاتية لها‬
     ‫واستطاعت أن تقول لنا من‬          ‫وحواء‪ ،-‬القصة الوحيدة المختلفة‬
       ‫خلال نصوصها الشعرية‬            ‫التي و َل َد فيها الرج ُل المرأ َة‪ ،‬بشكل‬                    ‫ولشاعرها‬
 ‫ممارسة يومية في كل وقت وكل‬            ‫من الأشكال آدم الذي ولد حواء‬
  ‫يوم‪ ،‬الشعر ليس مجرد كتابة‪،‬‬          ‫من ضلعه وحدها دون غيرها‪ ،‬ثم‬                              ‫سامية ساسي الشاعرة التي‬
 ‫الشعر سيرة حياة وسيرة حب‪،‬‬                                                                          ‫تكتب السيرة الذاتية لها‬
 ‫الشعر كحساسية أنثوية مفرطة‬                  ‫ولدت هي الحياة والبشر‪.‬‬
    ‫قد ينطبق عليها قول يوسف‬                          ‫وتختم النص بـ‪:‬‬                          ‫ولشاعرها في شكل قصيدة نثر‬
    ‫اليوسف في كتابه «ما الشعر‬                        ‫«فأنا عاقر يا أبي‬                                     ‫تقول في إحداها‪:‬‬
    ‫العظيم؟»‪« :‬إن واح ًدا من أهم‬
   ‫معايير الشعر العظيم يكمن في‬                                                              ‫«‪ 25‬عا ًما م ًعا وصاحبي الشاعر‬
      ‫عبارة «الحساسية المطلقة»‬                                                                            ‫شياطينه في قفته‬

                                                                                                        ‫حتى ذهبت برأسي‬
                                                                                              ‫قبل عشر سنوات وأكثر يذهب‬

                                                                                                    ‫مرة أو مرتين في الشهر‬
                                                                                                       ‫على دراجته الهوائية‬

                                                                                             ‫إلى تخوم مدينة صفاقس‪ /‬باب‬
   271   272   273   274   275   276   277   278   279   280   281