Page 275 - merit 53
P. 275

‫‪273‬‬          ‫ثقافات وفنون‬

             ‫تأبين‬

‫سوزان برنار‬  ‫أُنسي الحاج‬                               ‫أدونيس‬             ‫الأكلة بالتالي قصيدة بمقادير‬
                                                                        ‫معينة مثلما القصيدة أكلة لذيذة‬
  ‫لا الشعر فقط‪ ،‬فهي تجعل بطل ْي‬     ‫مشاركتها لزوجها عوالم الشعر‬         ‫للروح بمقادير معينة هي أي ًضا‬
  ‫قصيدتها «تعلمه الرقص» رج ًل‬                            ‫والطبخ‪.‬‬
‫وامرأة «هو وهي» وتعلن عن ذلك‬                                               ‫من المجاز والشعرية‪ ،‬تقول‪:‬‬
                                    ‫تقول سوزان برنار‪ :‬ثمة في كل‬        ‫أقرب طريق إلى قلب الرجل بطنه‬
            ‫في أول النص‪ ،‬تقول‪:‬‬     ‫قصيد ِة نث ٍر قوة فوضوية هدامة‪،‬‬
  ‫(هذا البيت يتسع لشاعرين فقط‬                                                  ‫حين تزوجت كنت طفلة‬
                                      ‫وقوة تنظيم فنية في آ ٍن‪ ،‬ومن‬                         ‫بضفيرتين‬
                    ‫هو لا يتكلم‬   ‫وحدة الأضداد هذه تأتي حيويتها‬
              ‫هي لا تقول شيئًا)‬                                                    ‫لا أحسن قلي بيضة‬
‫فالكتابة هي روح وجود الشاعرة‪،‬‬                            ‫الخاصة‪.‬‬            ‫أنزع الزي المدرسي وأدخل‬
   ‫تكمن في أبسط تفاصيل يومها‬           ‫قصيد سامية السابقة أخذت‬
  ‫كالرقص وزينتها كأنثى‪ ،‬تقول‪:‬‬                                                  ‫المطبخ بيدين مرتجفتين‬
           ‫(ترفع شعرها بقلمها‬           ‫شيئين من عالمين مختلفين‬           ‫هو طباخ جيد لا يساعدني لا‬
                                      ‫وجعلتهما كشي ٍء واحد‪ ،‬وهما‬
                ‫تفتح كتبًا كثيرة‬   ‫«الطبخ والشعر»‪ ،‬وبهذا تكون قد‬                             ‫يرشدني‬
        ‫وتعد له القصائد حلوى)‬     ‫أعادت تنظيم العالم شعر ًّيا بأشياء‬     ‫لا يدلني إلى سر النكهة‪ ،‬يسند‬
   ‫الشاعرة تطعم حبيبها الشاعر‬     ‫يشكل تواجدها م ًعا فوضى‪ ،‬ولكن‬
 ‫كلمات‪ ،‬هي تطبخ الوجبة الملائمة‬                                                        ‫ظهره إلى الباب‬
                                              ‫الشعر جعلها نظا ًما‪.‬‬                     ‫ويراقب‪ ،‬يقول‪:‬‬
                  ‫للرجل الملائم‪.‬‬       ‫كما تواصل الشاعرة سامية‬        ‫لا تهتمي للمقادير‪ ،‬اتبعي الرائحة‪.‬‬
   ‫إنها شاعرة تكتب بنظام خارج‬       ‫ساسي في كتابة قصائد الثنائي‬              ‫في الشعر أي ًضا كنت طفلة‬
   ‫النظام‪ ،‬نظام تصنعه هي داخل‬       ‫في صيغة المفرد كما يحلو لي أن‬
    ‫قصيدة النثر المتمردة على كل‬    ‫أسمي ذلك‪ ،‬قصائد الحب المهداة‬                            ‫بضفيرتين‬
   ‫نظام وقاعدة‪ ،‬نظام خاص بها‬        ‫لرجل هو جزء من حياتها ومن‬             ‫أدخل المطبخ بيدين مرتجفتين‬
‫وحدها‪ .‬ذلك أن كل قصيدة نثر لا‬       ‫شعرها‪ ،‬وكأنما تكتبهما م ًعا‪ ،‬أو‬
                                      ‫يكتبان م ًعا‪ ،‬يكتبان كل شيء‪،‬‬          ‫وأكتب قصائد لا طعم فيها‬
                                                                          ‫هو شاعر جيد لا يفعل شيئًا‪،‬‬

                                                                                           ‫يسند ذقنه‬
                                                                               ‫إلى كفه‪ ،‬ويراقب‪ ،‬يقول‪:‬‬
                                                                      ‫لا تهتمي للمقادير اتبعي الرائحة‪.‬‬
                                                                        ‫نرى هنا حضور الرجل كطباخ‬
                                                                         ‫ماهر وكشاعر أمهر‪ ،‬مما جعل‬
                                                                         ‫الشاعرة تسمي الشعر بالطبخ‬
                                                                      ‫ولو مجا ًزا‪ ،‬حتى أنها تختم نصها‬
                                                                        ‫بـ‪« :‬فأغلق باب المطبخين وأتبع‬

                                                                                            ‫الرائحة»‪.‬‬
                                                                      ‫وتقصد بالمطبخين المطبخ الحقيقي‬
                                                                      ‫والشعر‪ ،‬ولعل حبها لهما ‪-‬للطبخ‬

                                                                       ‫والكتابة‪ -‬جعلها تحيا بهما حتى‬
                                                                       ‫خارجهما‪ ،‬وذلك من خلال اتباع‬
                                                                       ‫الرائحة‪ ،‬أي رائحة؟ رائحة الطبخ‬

                                                                           ‫ورائحة الشعر أي ًضا‪ ،‬رائحة‬
                                                                         ‫حقيقية وأخرى مجازية تبنيان‬
                                                                         ‫م ًعا عوالم الشاعرة‪ ،‬التي لعلها‬
                                                                      ‫تشم رائحة الحب أي ًضا من خلال‬
   270   271   272   273   274   275   276   277   278   279   280