Page 207 - merit 36- dec 2021
P. 207

‫‪205‬‬              ‫الملف الثقـافي‬

‫عبد الحكيم قاسم‬  ‫صبحي موسى‬       ‫سعدي يوسف‬                         ‫دو ًما نورد المقطع التالي‪:‬‬
                                                                   ‫«عليك أن تربط الأيام في‬
 ‫وربما يكون البعد النثري‬            ‫تتماشى مع مفاهيم مثل‬
  ‫أو الحكائي‪ /‬التقريري‪/‬‬           ‫فقاعات اللاوعي‪ ،‬وحالات‬                          ‫سريرك‬
  ‫السردي هو هذا المكسب‬           ‫التداعي‪ ،‬والتفاصيل التي لا‬    ‫وأنت تداوي جراحك بالطين‬
 ‫بالذات‪ .‬ها هو ذا الشاعر‬
‫يقول في قصيدته «صداقة‪:‬‬                    ‫تطفو على السطح‪.‬‬                    ‫وتلعن الطب‪..‬‬
                                  ‫تنتهي الاستعارة الحداثية‬           ‫والأحزان التي أشعلت‬
      ‫إلى سعدي يوسف»‪:‬‬             ‫إلى خلخلة الوعي‪ ،‬وإحداث‬
‫«لافتات الأطباء في قريتي‪،‬‬        ‫خدوش على جدار اللغة‪ ،‬إلى‬                      ‫الجامعات!»‬
                                 ‫إثبات حقيقة هشاشة العالم‬           ‫ماذا يفعل الشعر هاهنا‬
      ‫والمحطات مزحومة‪،‬‬             ‫التي صار الشعر ببناءاته‬           ‫يا ترى؟ ولماذا كل هذا‬
                ‫والبنات‪..‬‬        ‫الخالدة المجيدة غير متماش‬
                                                                      ‫الانغماس في الحياتي‬
‫والذي فات زوجته ليشرب‬                           ‫معها تما ًما‪.‬‬                     ‫اليومي؟‬
                   ‫كأ ًسا‪،‬‬
                                   ‫‪ -4‬محاولة شن‬                  ‫حالة الشعر المعاصر ترتب‬
  ‫والذي كان جاري يغني‬              ‫حرب ضد النزعة‬                ‫استعاراتها البسيطة المعقدة‬
                  ‫ويبكي‪،‬‬
                                       ‫الغنائية‬                      ‫لكي تتجاوز حساسية‬
     ‫والذي لا يحب النبيذ‬                                          ‫«الشعر» المفرطة‪ .‬تتلاعب‬
                ‫ويشربه‪،‬‬          ‫إحدى مكاسب قصيدة النثر‬           ‫بالحدود بين «الشخصي»‬
                                 ‫هي تخليص الشعر مما هو‬           ‫و»الإنساني»‪ .‬تركب الماثل‬
  ‫والتي تكتب الشعر س ًّرا‪،‬‬                                        ‫صوب العابر‪ .‬تحاول بناء‬
  ‫والتي لا تحب الغموض‪،‬‬              ‫لصيق به دون أن يشكل‬            ‫شرفات جديدة لكي تطل‬
                                  ‫حقيقة الشعر‪ :‬أقصد البعد‬       ‫على فداحة الخطب في العالم‬
      ‫والتي أعرفها جي ًدا‪،‬‬                                       ‫وما يكتنفه من ظلم‪ ،‬وقهر‪،‬‬
                ‫وصوتك‪،‬‬                             ‫الغنائي‪.‬‬       ‫وجور‪ ..‬وكل هذه المواقع‬
                                                                   ‫التي يقولها شعراء اليوم‬
     ‫ولونك بين التفاعيل‪،‬‬                                         ‫بلا صخب‪ ،‬لأن الصخب لا‬
           ‫وبحة صمتك‪..‬‬                                          ‫يتماشى مع الحقيقة‪ .‬حقيقة‬

                                                                    ‫ربما هي عجز الإنسان‬
                                                               ‫بتجربته المحدودة في الزمن‪،‬‬
                                                               ‫وعجز التراث بسبب التغريب‬
                                                                ‫الكبير الذي يحدثه الزمن في‬
                                                                 ‫أشكال الأشياء وجواهرها‪.‬‬

                                                                     ‫أو ربما هو العجز عن‬
                                                                   ‫الاستقرار وبناء صروح‬

                                                                                   ‫لليقين‪.‬‬
                                                               ‫استعارة اليوم تلتصق كثي ًرا‬
                                                               ‫بالتوتر والقلق‪ ..‬بالضياع في‬

                                                                 ‫التفاصيل‪ ،‬بهيمنة الثانوي‬
                                                                    ‫العرضي العابر الجزئي‬
                                                                     ‫الشذري‪ ،‬هي استعارة‬

                                                                 ‫تستأجر نصو ًصا قصيرة‬
   202   203   204   205   206   207   208   209   210   211   212