Page 204 - merit 36- dec 2021
P. 204

‫العـدد ‪36‬‬                              ‫‪202‬‬

                                                        ‫ديسمبر ‪٢٠٢1‬‬

‫أكاذيب ممجوجة لا تعني‬           ‫‪ -1‬دخول‬                 ‫ارتحالات نقدية في محاولات إبراهيم داود‬
   ‫شخ ًصا عدا المشتغلين‬                                     ‫المحاولات الست والمرايا الخمس‪..‬‬
                  ‫عليها‪.‬‬      ‫ليس عبثًا أن قصيدة‬
     ‫يقول الشاعر الكبير‬                                 ‫د‪.‬فيصل الأحمر‬
   ‫إبراهيم داود في ديوان‬    ‫النثر قد صنعت لها مكانة‬
                            ‫عالية وهي تحفر عمي ًقا في‬   ‫(الجزائر)‬
  ‫«الشتاء القادم» المضمن‬
  ‫في ديوانه الجامع «ست‬        ‫الأحياء السفلية للوجود‬
                                             ‫العاري‪.‬‬
             ‫محاولات»‪:‬‬
‫«الذين أهاتفهم على فترات‬    ‫هل يؤثث العراء شيئًا على‬
                                    ‫أديم هذه الحياة؟‬
                ‫متباعدة‬
    ‫وأُنهي الكلام بسرعة‬     ‫العراء تخفف من كل شيء‬
                              ‫يدعي الرفعة‪ .‬هي إطلاق‬
                   ‫معهم‬      ‫لسراح المعنى من سجون‬
                  ‫أحبهم‬        ‫البلاغة‪ .‬لا يذهب شاعر‬
  ‫وغالبًا ما أكون مشتا ًقا‬
                            ‫النثر بعي ًدا لكي يتحرر من‬
                    ‫لهم‬        ‫كل قيد جاءه من بعيد‪.‬‬
 ‫أما الذين لا أهاتفهم على‬
                            ‫قيود البلاغة الجاهزة التي‬
                ‫الإطلاق‬      ‫لا تقول إلا ما قد تعلمته‪،‬‬
   ‫لا ينتهي الكلام بيننا”‬
‫ويقول كذلك (من قصيدة‬            ‫ولا تنظر إلا حيثما قد‬
                                   ‫تعودت على النظر‪.‬‬
               ‫«وجه»)‪:‬‬
   ‫«أنا لست مضط ًّرا لأن‬       ‫البلاغة حادثة ماضوية‬
                              ‫بامتياز فيما الشعر وليد‬
        ‫ألقاك في الشارع‬        ‫الوجدان واللغة؛ وهذان‬
  ‫وأن أعطيك من عيني ما‬      ‫الأخيران حادثتان زمنيتان‬

           ‫بخلت به عني‬           ‫بامتياز‪ ،‬إنهما وليدتا‬
 ‫ولست مهيئًا للشدو هذا‬          ‫التغيرات الزمنية‪ ،‬لهذا‬
                                ‫يجد الشعراء منذ قرن‬
                   ‫العام‬    ‫ونصف الحرج كل الحرج‬
   ‫ولا قلبي يطيق حياءك‬       ‫في احترام طريقة البلاغة‬
                             ‫الفجة في العمل على جسد‬
                  ‫المتقن‬      ‫الحادثة الطارئة بإزميل‬
    ‫أريد مساحة خضراء‬             ‫البلاغة القديمة‪ ،‬وعلى‬
                                ‫التعبير عما هو مفارق‬
                ‫للركض‬        ‫وناشز ومنفلت حتى من‬
   ‫وأخرى لاصطياد فتاة‬       ‫سلطان اللغة بتلك التعابير‬
                              ‫الجاهزة التي تنتهي بأن‬
      ‫تحب الله والرقص‬         ‫تصبح أكاذيب تراثية في‬
     ‫وتنهى عن محاذاتي‬       ‫حق رؤى لا تستطيع حتى‬
                               ‫أن تحيل عليها ولو من‬
                  ‫لأني‪..‬‬
           ‫دائما وحدي»‬                         ‫بعيد‪.‬‬
     ‫نقرأ بطاقة التعريف‬
     ‫والرغبة الغريبة هذه‬
‫فنشعر أننا بصدد حادثة‬
 ‫جديدة في اللغة والحس‪.‬‬
   199   200   201   202   203   204   205   206   207   208   209