Page 205 - merit 36- dec 2021
P. 205

‫الملف الثقـافي ‪2 0 3‬‬

 ‫في بلادي‪ ،‬وفي لمح البصر‬        ‫نستحوذ عليه من خلال‬              ‫حادثة تحتاج شخ ًصا‬
    ‫كان لي أخوال وأعمام‬            ‫شعورنا بلذة تعاطي‬        ‫مختل ًفا يحمل أدوات تنقيب‬

  ‫في الحياة الثقافية‪ ،‬ولأن‬    ‫التفاصيل الصغيرة للحياة‬         ‫جديدة لكي يقوم ببحوثه‬
 ‫الغرباء ‪-‬مثلي‪ -‬يفضلون‬           ‫التي قد تكون هي هذه‬           ‫الأثرية بحثًا عما لا عين‬
  ‫الخال‪ ،‬لأنه يحرض ابن‬             ‫الزيارة للمقهى‪ ،‬بكل‬       ‫رأته ولا نبض أدركه‪ ،‬ولا‬
‫أخته على أن يفعل ما يريد‪،‬‬        ‫العرضية وكل الدرامية‬
                                                                    ‫خطر ببيت شاعر‪.‬‬
    ‫على عكس العم وأبنائه‬        ‫التي تظهر في هذا المقطع‬
     ‫يريدونك ‪-‬دائ ًما‪ -‬أن‬       ‫جاعلة من تفصيل يومية‬        ‫‪ -2‬إغراءات اليومي‪:‬‬
 ‫تفعل ما ينبغي أن يكون‪..‬‬     ‫بسيطة حادثة عالية التردد‪.‬‬
    ‫أحببت أخوا ًل كثيرين‬                                    ‫يحدث لنا مع شعر إبراهيم‬
  ‫مات بعضهم في الطريق‪،‬‬           ‫يقول الشاعر بعي ًدا عن‬      ‫داود ما يحدث مع الشعر‬
‫وكان اكبر حزن في حياتي‬          ‫الشعر وتحدي ًدا في كتاب‬        ‫دائ ًما وما يحدث تحدي ًدا‬
‫‪-‬بعد وفاة أمي‪ -‬هو موت‬                                          ‫مع الشعر حينما يصير‬
  ‫العم عبد الحكيم قاسم»‪.‬‬          ‫«خارج الكتابة» كلا ًما‬    ‫في أفضل أحواله‪ .‬إننا إذاك‬
‫(مقتبسات أوردها صبحي‬            ‫جمي ًل يبرر هذا الاتجاه‬       ‫نتعرف على العالم بشكل‬
 ‫موسى في بعض المقالات‬                                                         ‫أفضل‪.‬‬
     ‫الصحفية على جريدة‬             ‫الذي نعتقده أساسيًّا‬     ‫الشعر مغامرة غريبة؛ لأنه‬
                                 ‫في تجربة إبراهيم داود‬         ‫يجعلنا نسير على دروب‬
                 ‫القبس)‪.‬‬                                    ‫نعرفها بخطى جديدة نبدو‬
     ‫كما يحدث من زاوية‬                 ‫الإبداعية الهامة‪:‬‬     ‫في ظلها كأننا صبي يهدي‬
     ‫نظر مختلفة أن تكون‬      ‫‪« -‬سألني صديق في العمل‬
 ‫التجربة شفافة ج ًّدا مثلما‬                                 ‫العالم أولى خطواته‪ ،‬منتظ ًرا‬
 ‫هو اليومي الذي لا يدعي‬           ‫لماذا تحب هذا المقهى؟‬      ‫من العالم الاحتفاء به ولو‬
    ‫دائ ًما بأنه يحمل بذور‬   ‫ففشلت في الاجابة‪ ،‬لا لأنني‬         ‫بترديد إنشاد قصيدة‪.‬‬
    ‫ثورة كبيرة في العالم‪.‬‬                                        ‫الشعر نافذة تطل على‬
   ‫يقول الشاعر من نصه‬           ‫لا أعرف لماذا أحبه‪ ،‬لكن‬       ‫المشهد نفسه ولكنها تراه‬
                             ‫لأنني اكتشفت أنه بعد هذه‬       ‫ألف مرة بألف شكل متفنن‬
                 ‫«غفوة»‪:‬‬                                         ‫في التجدد في كل مرة‪.‬‬
   ‫«في الدقائق التي غفوت‬         ‫الفترة غير القصيرة لم‬        ‫يقول شاعرنا الجميل في‬
   ‫حلمت بالنساء ينتشرن‬            ‫يعرف ‪-‬بعد‪ -‬من أنا‪.‬‬            ‫نصه «مقهى قايتباي»‪:‬‬
                              ‫‪ -‬أحيا ًنا ‪-‬وأنت القديم في‬         ‫تضيق قمصاننا فجأة‬
            ‫فوق ساعدي‬         ‫وسط البلد‪ -‬تكتشف شيئًا‬                ‫فنشد الرحال إليه‬
    ‫وبالطيور تنقر البيوت‬     ‫قدي ًما‪ :‬مقهى‪ ،‬حانة‪ ،‬مطع ًما‪،‬‬            ‫نحتفي بطموحنا‬
                             ‫بوابة رائعة‪ ،‬علاقات‪ ،‬طري ًقا‬                ‫ونقول شع ًرا‬
            ‫فوق إصبعي‬            ‫يختصر الوقت‪ ،‬حفرة‪،‬‬          ‫يرتمي بين الدخان غيابنا‪:‬‬
          ‫وبعد أن تهدمت‬      ‫مح ًّل يبيع بالأجل‪ ،‬تجمعات‬                         ‫طف ًل‬
 ‫سعدت بالضحايا يملأون‬           ‫مميزة‪ ،‬مع كل اكتشاف‬           ‫فقد اشتهاء اللهو والثوب‬
                               ‫تذكر أيامك الأولى في هذه‬                       ‫الجديد»‬
                 ‫غرفتي»‬           ‫المدينة‪ ..‬فتبتسم عندما‬     ‫وإننا لنستحوذ على المعنى‬
 ‫يغريك في شعر داود هذا‬           ‫تشاهد القروي الجامح‬          ‫بأفضل الأشكال الممكنة‪.‬‬
                             ‫غير معني إلا بالوصول إلى‬
   ‫الاستعداد للخروج من‬
‫العرضي صوب الجوهري‬                              ‫المقهى‪.‬‬
                                    ‫‪ -‬عندما تركت أهلي‬
    ‫عند أول منعطف لأول‬          ‫وغرفتي الواطئة لأستقر‬
      ‫جملة‪ .‬إنها تفاصيل‬        ‫في القاهرة‪ ،‬كان لا بد من‬
                               ‫آخرين أشعر معهم بأنني‬
   200   201   202   203   204   205   206   207   208   209   210