Page 200 - merit 36- dec 2021
P. 200

‫العـدد ‪36‬‬         ‫‪198‬‬

                                                              ‫ديسمبر ‪٢٠٢1‬‬    ‫للمعرفة والوعي‪ ،‬فالجهل‬
                                                                                  ‫بالموسيقى هو جهل‬
‫فتحي غانم‬                    ‫أحمد مراد‬
                                                                           ‫بدروس التاريخ والمؤامرات‬
   ‫التحول ذاته‪ ،‬في قصيدة‬                          ‫نقرأ‪:‬‬                    ‫التي تحاك في الخفاء‪ ،‬فنقرأ‪:‬‬
   ‫«رائحة جديدة»‪ ،‬كما أن‬        ‫«أنت لا تشكو من شيء‬
‫التعبير عن القديم والجديد‬                                                         ‫«لا يخافون التاريخ‬
    ‫يأتي بكلمات متشابهة‬                          ‫محدد‬                                         ‫التاريخ‬
                             ‫وتشفق على الذين لم يضلوا‬
    ‫(أماكن قديمة‪ /‬أماكن‬                                                    ‫الذي سيسطره الحزن الآن‬
‫جديدة) في قصيدة «تائه»‪،‬‬                            ‫بعد‬                                    ‫في مكان ما‬
‫(مدن قديمة‪ /‬مدن جديدة)‬            ‫ولكنك مضطر لمجاراة‬                                             ‫‪..،..‬‬
‫في قصيدة «رائحة جديدة»‪،‬‬
 ‫وإن كانت الأماكن والمدن‬                      ‫موسيقى‬                        ‫جهلهم بالموسيقى ضيعنا»‬
  ‫في شعرية داود تعبر عن‬                       ‫لا تعنيك‬                                     ‫(ص‪.)٧٩‬‬
                              ‫تخرج من الأماكن الجديدة‬
    ‫الأزمنة أكثر مما تعبر‬    ‫التي لم تكتشف إيقاعها بعد‬                      ‫وفي قصيدة شديدة البلاغة‬
  ‫عن الأماكن‪ .‬فدائ ًما هناك‬               ‫رغم الإضاءة‬                         ‫والعذوبة (قصيدة تائه)‬
  ‫صراع نفسي واجتماعي‬                     ‫المفتعلة القديمة‬
                             ‫التي ُتشعر أصحاب الأماكن‬                       ‫يجعل داود من واقعة التيه‬
     ‫وحضاري بين القديم‬                 ‫الجديدة بالزهو»‬                        ‫تجربة وجودية تعبر عن‬
    ‫والجديد‪ ،‬والرائحة هنا‬      ‫(أنت في القاهرة‪ ،‬ص‪)٣٥‬‬                           ‫علاقة الإنسان المغترب‬
 ‫رمز للأصالة وللمعاصرة‬                                                       ‫بالعالم‪ ،‬وبحثه الدائم عن‬
   ‫في الوقت نفسه كما هي‬          ‫‪ -2‬الرائحة‪:‬‬                                  ‫طريق للخروج من دائرة‬
 ‫رمز للصراع الطبقي بين‬
   ‫الفقر والغني‪ .‬فقد غادر‬          ‫مثلما كانت الموسيقي‬                      ‫التيه التي يقابل فيها أناس‬
    ‫الأغنياء مدنهم القديمة‬       ‫علامة دالة على التحول‬                         ‫لا يفهمهم ولا يفهمونه‪،‬‬
                                ‫من القديم إلى الجديد من‬                         ‫وهي قصيدة محتشدة‬
      ‫لأنها لم تعد صالحة‬      ‫خلال الإيقاع‪ ،‬فإن الرائحة‬
       ‫لاستقبال الزائرين‪،‬‬    ‫أي ًضا تمثل مؤش ًرا ها ًّما على‬                ‫بالرموز بالرغم من بساطة‬
   ‫لكنهم أخذوا معهم الماء‬                                                       ‫مفرداتها‪ ،‬بحيث يمكن‬
                                                                               ‫فهمها باعتبارها تجربة‬
                                                                               ‫إنسانية وثقافية تعكس‬

                                                                              ‫أزمة العلاقة بين الماضي‬
                                                                              ‫والحاضر‪ .‬وهي قصيدة‬
                                                                               ‫يفصح فيها الشاعر عن‬
                                                                              ‫معني الموسيقي بوصفها‬
                                                                            ‫إيقا ًعا‪ ،‬وهي لذلك تنجح في‬
                                                                              ‫حل الكثير من معضلات‬
                                                                             ‫الحياة التي تواجه إنسان‬

                                                                                  ‫هذا العصر‪ ،‬ذلك إذا‬
                                                                            ‫أدركنا أن لكل شيء إيقاعه‬

                                                                               ‫الخاص به‪ ،‬وأن قدرتنا‬
                                                                             ‫على التواصل وعلي العيش‬

                                                                                ‫المشترك إنما تكمن في‬
                                                                           ‫قدرتنا على ضبط إيقاعنا مع‬
                                                                           ‫إيقاع الحياة‪ .‬وفي هذا المعني‬
   195   196   197   198   199   200   201   202   203   204   205