Page 197 - merit 36- dec 2021
P. 197

‫الملف الثقـافي ‪1 9 5‬‬

‫مارتن هيدجر‬  ‫فريدريك نيتشه‬  ‫ألبير كامو‬                      ‫ضرورة أو معني للتوقف‬
                                                               ‫عندها‪ ،‬غير أن الشاعر‬
‫التي تؤسس الوجود ذاته‬       ‫فينومينولوجيا اللغة‬
        ‫في ميدان الشعر‪.‬‬                                      ‫يجعل منها زاوية جديدة‬
                              ‫للغة مقاربات عديدة منها‬        ‫لإعادة النظر في مخاوفنا‬
     ‫وشاعرنا في الحقيقة‬           ‫المنطقية والاجتماعية‪،‬‬    ‫التي تستولي علينا ولا نجد‬
  ‫لم يبتعد كثي ًرا عن هذه‬             ‫لكن تظل المقاربة‬        ‫لها تفسي ًرا‪ .‬إنها اللحظة‬
 ‫الفلسفة‪ ،‬وإن لم يدرسها‬           ‫الفينومينولوجية هي‬          ‫الفارقة التي تجسد ذلك‬
   ‫أكاديميًّا‪ ،‬وإنما اقترب‬           ‫الأنسب للاقتراب‬        ‫التوتر الناجم عن الصراع‬
                                  ‫من جماليات إبراهيم‬      ‫الداخلي بين الفضول المعرفي‬
    ‫منها إلى حد كبير عن‬             ‫داود الشعرية‪ ،‬لأن‬        ‫والخوف من الموت‪ .‬ربما‬
 ‫طريق الممارسة التلقائية‬                                  ‫نلمح ظلا ًل للتحليل النفسي‬
 ‫النابعة من فلسفته الحية‬       ‫الفينومينولوجيا‪ ،‬كمنهج‬       ‫الفرويدي‪ ،‬أو استحضا ًرا‬
                                   ‫فلسفي‪ ،‬تعني باللغة‬
   ‫المفعمة بروح البساطة‬           ‫باعتبارها واحدة من‬           ‫لتجربة بروستية‪ ،‬لكن‬
 ‫والتأمل الهادئ لمجريات‬          ‫تجليات الوجود‪ ،‬وهو‬         ‫تظل ذاكرة الشاعر الحية‬
 ‫الحياة بالرغم من عنفها‬                                    ‫وخبرته اليومية الآنية هي‬
                                 ‫ما عبر عنه الفيلسوف‬       ‫النبع الصافي لتلك الشعرية‬
              ‫وصخبها‪.‬‬            ‫الألماني مارتن هيدجر‬
  ‫فاللغة عند داود تختلف‬         ‫بمقولته الشهيرة «اللغة‬             ‫السحرية‪ ،‬فيقول‪:‬‬
  ‫عن الثرثرة‪ ،‬والأحاديث‬       ‫هي بيت الوجود»‪ .‬بمعني‬                    ‫«يحدث كثي ًرا‬
‫التي يبددها العشاق فيما‬         ‫أن اللغة هي التي تمنح‬
‫لا طائل من ورائه‪ ،‬ولكنها‬     ‫الأشياء وجودها من خلال‬          ‫أن تجد نفسك خائ ًفا من‬
                             ‫إضفاء المعني والدلالة على‬                  ‫الاقتراب منه‬
    ‫السبيل المباشرة نحو‬     ‫الموجودات‪ ،‬بل إن اللغة هي‬
  ‫الحياة الآمنة‪ ،‬فهي التي‬                                      ‫الشباك الذي ينبغي أن‬
‫تعينه على تحمل الصعاب‬                                                        ‫ُيغلق‪..‬‬
   ‫وهي التي تعوضه عن‬
                                                          ‫فتزحف على الأرض خمسة‬
                                                                               ‫أمتار‬

                                                           ‫متذك ًرا طوال الوقت مقولة‬
                                                                               ‫أمك‪:‬‬

                                                            ‫«رأسك أثقل من جسدك»‬
                                                                ‫فتحبو في المتر الأخير‬

                                                            ‫شاب ًكا رجليك بشيء ثقيل‬
                                                                 ‫‪ ..‬في أي طابق كنت؟‬
                                                                       ‫في أي شارع؟‬

                                                            ‫فقط كانت الإضاءة خانقة‬
                                                              ‫وموتك أكيد إذا اقتربت‬
                                                                              ‫واق ًفا»‬
                                                               ‫(ديوان «لا أحد هنا»‪،‬‬

                                                            ‫من «ست محاولات»‪ ،‬دار‬
                                                         ‫ميريت‪ ،‬ط‪ ،٢‬القاهرة‪،٢٠١٢ ،‬‬

                                                                ‫صص‪.)٣٤٥ -٣٤٤‬‬
   192   193   194   195   196   197   198   199   200   201   202