Page 209 - merit 36- dec 2021
P. 209

‫‪207‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

‫سبق الوقوف عليها‪ .‬ومن‬                ‫الرائعة حينًا والمروعة‬       ‫العرضية‪ .‬حادثة بسيطة‬
‫المضحك الشعور بالدهشة‬              ‫أحيا ًنا التي تستثير فينا‬   ‫تحيل على تراجيديا الوجود‬
 ‫نفسها أمام المشهد نفسه‬           ‫فتنة الغرابة فتراودنا عن‬    ‫التي في هذه الأشطر الفقيرة‪:‬‬
                                                                ‫الإنسان والزمان والفقدان‬
   ‫مرتين أو ثلا ًثا أو أل ًفا‪.‬‬                    ‫صمتنا‪.‬‬
     ‫ويعن لنا هنا في هذه‬           ‫يسمي الشاعر جز ًءا من‬                        ‫والغياب‪.‬‬
                                ‫ديوانه «لا أحد هنا» بعنوان‬        ‫فإذا كانت الغنائية قدي ًما‬
  ‫السطور أو نتوقف عند‬                                             ‫واقفة على البعد الغنائي‪،‬‬
      ‫بعض عتبات بعض‬                  ‫جامع لعدة مقاطع هو‬          ‫الذي هو محاولة للارتقاء‬
                                  ‫«الأغراض الشعرية»‪ ،‬ثم‬
  ‫الدواوين مسائلين نظام‬         ‫يورد الأغراض الكلاسيكية‬              ‫بالحالات إلى مصاف‬
‫العنونة بماذا تراه يخبرنا‪:‬‬      ‫على شكل عناوين نصوص‪:‬‬             ‫الغنائي‪ ،‬الذي هو نوع من‬
                                    ‫الفخر‪ ،‬الهجاء‪ ،‬الحنين‪،‬‬     ‫الطبقة الشعرية الراقية التي‬
   ‫«زيارات‪ /‬وزن زائد‪/‬‬                                            ‫على الشعر أن يبلغها‪ ،‬فإن‬
     ‫ثرثرة‪ /‬بار ستيلا‪/‬‬                 ‫الوقف على الأطلال‪،‬‬         ‫شعر اليوم يمثل محاولة‬
                                  ‫الحماسة‪ ..‬وما يفعله هو‬       ‫وعي‪ ،‬تهدف إلى بلوغ نقطة‬
 ‫ضجر‪ /‬وظيفة مناسبة‪/‬‬
    ‫خلوة‪ /‬أشياء غائمة‪/‬‬              ‫تعاطي أكثر النصوص‬               ‫داخلنا يحاول الإنسان‬
      ‫تفاصيل‪ /‬شارعنا‪/‬‬             ‫خر ًقا للذائقة القديمة على‬  ‫الهروب منها‪ .‬لتصير الغنائية‬
                                 ‫متن هذه النصوص‪ .‬وكل‬          ‫حالة هروب من الحياة‪ ،‬بقدر‬
  ‫جميلة‪ /‬حوار‪ /‬جواب‪/‬‬             ‫هذا يحيلنا على خصوصية‬        ‫ما هي القصيدة النثرية حالة‬
   ‫الزمان البعيد‪ /‬رجل‪/‬‬
     ‫فتاة‪ /‬سؤال‪ /‬رثاء‪/‬‬                ‫الشاعر الذي لا ينفي‬      ‫وعي عميق بالإنسان‪ .‬وكما‬
                ‫وظيفة»‪.‬‬          ‫الذاكرة بقدرما يبدو راغبًا‬      ‫يقول نيرودا فإننا بتركنا‬
                                 ‫في تلغيمها وتزويدها بكل‬
‫نظام العتبات لدى الشاعر‬                                       ‫الحالة الغنائية صوب الحالة‬
       ‫يقف دو ًما بالمعنى‬          ‫ما يمكن حشده من زاد‬         ‫الشعرية‪ ،‬نتحول من البحث‬
      ‫الشعري على عتبات‬            ‫شعري حديث‪ .‬يقف على‬            ‫عن الحياة داخل الشعر إلى‬
                                   ‫السؤال وخلق مساحات‬
 ‫التنكير‪ .‬الأسماء حوادث‬                                            ‫البحث عن الشعر داخل‬
‫في التجربة البشرية خالية‬            ‫شعور جديدة أكثر من‬                            ‫الحياة‪.‬‬
                                 ‫هدفه لاسترجاع جماليات‬
   ‫من الزمن‪ .‬فهل يعيش‬                                           ‫‪ -5‬محاولة صوب‬
‫الشاعر على هامش الزمن؟‬                                               ‫العتبات‬

                                                                     ‫تقتضي الخصوصية‬
                                                                ‫الشعرية لدى إبراهيم داود‬
                                                              ‫أن نتناول كل نص على حدة‪،‬‬

                                                                   ‫ليكون النص بذلك عالمًا‬
                                                                 ‫مستق ًّل بذاته‪ ،‬يمثل رؤية‬
                                                               ‫متميزة‪ ،‬أو وجهة نظر تجاه‬
                                                              ‫العالم‪ ،‬أو نوع من الاستدراج‬
                                                                  ‫الجمالي صوب عالم يظل‬
                                                                 ‫عليه الذات الشاعرة‪ .‬ذلك‬
                                                                ‫النوع من الأجواء الساحرة‬
   204   205   206   207   208   209   210   211   212   213   214