Page 213 - merit 36- dec 2021
P. 213

‫‪211‬‬           ‫الملف الثقـافي‬

‫جوستاف لوبون‬  ‫إدوار الخ ّراط‬  ‫أحمد عبد المعطي حجازي‬                ‫على نفسه وهو يبكي»‬
                                                                 ‫إن مقاومة النسيان يعد‬
   ‫التي تكتب على عجل في‬        ‫وأين تذهب وأنا في العمل؟‬         ‫نو ًعا من التشبث بالحياة‬
‫الطريق‪ ،‬والتي لا يريد بها‬               ‫لكنها تأتي كثي ًرا‬    ‫والإحساس بالانتماء إليها‪،‬‬
                                                               ‫وهو ما يتوازي دلاليًّا مع‬
    ‫الشاعر إنقاذ العالم بل‬            ‫عندما تضيق الدنيا‬         ‫توظيف «الصوت العالي»‬
 ‫إنقاذ نفسه من الغرق‪ ،‬أو‬               ‫فأشعل نفسي بها‬          ‫و»الغفوة في آخر السطر»‪.‬‬
 ‫النظر الشارد إلى السقف‪.‬‬        ‫وأرسل لها أنغا ًما غامضة‬      ‫يقول في قصيدة «نسيان»‪:‬‬
                              ‫تظهر وأنا أهرب في الزحام»‬      ‫«الرجل الذي سقط قمر على‬
     ‫يقول في آخر قصائد‬         ‫هذا الخيال هو الذي يقاوم‬
 ‫الديوان التي تحمل عنوان‬        ‫حقيقة الوحدة التي يعاني‬                          ‫رأسه‬
  ‫«كأنني وصلت»‪ ،‬وكأنها‬          ‫منها الشاعر‪ ،‬وعجزه عن‬                           ‫‪/.. /..‬‬
                                    ‫التواصل مع الآخرين‬        ‫هو الرجل الذي يحاول كل‬
    ‫لحن الختام‪ ،‬أو اللحن‬
 ‫الذي يؤطر أنغام الديوان‬                   ‫خاصة المرأة‪:‬‬                            ‫ليلة‬
                              ‫«المرأة التي أفرح عندما تمر‬        ‫وهو في طريقه إلى النوم‬
                ‫السابقة‪:‬‬
  ‫«قصيدة تائهة تطاردني‬               ‫وأنا مغمض العينين‬                 ‫تذكر أغنية قديمة‬
                                  ‫هي المرأة التي تركت لي‬         ‫كانت على طرف لسانه»‬
               ‫منذ عامين‬                                          ‫واللافت هنا أن التذكر‬
‫كتبتها على عجل في الطريق‬                 ‫رسالة «كلمني»‬       ‫منصرف إلى «أغنية قديمة»‪،‬‬
 ‫كنت أعبر فيها إلى الجانب‬              ‫وهي التي لا ترد»‬         ‫واللافت أي ًضا تكرار دال‬
                                   ‫وهكذا يمكن القول إن‬         ‫الغناء في هذا الديوان‪ ،‬هذا‬
          ‫الآخر من العمر‬          ‫إبراهيم داود يعتمد على‬    ‫الغناء الذي يقف الإيقاع ‪-‬هل‬
     ‫أذكر أنها أنقذتني من‬         ‫الخيال‪ ،‬لكنه يعتمد على‬     ‫هو إيقاع المدينة الصاخب؟‪-‬‬
                              ‫تصوير الواقع بدرجة أعلى‪،‬‬         ‫عائ ًقا أمام تدفقه كما يبدو‬
                   ‫الغرق‬          ‫فقصيدته هي القصيدة‬
‫وجعلتني أتوقف عن النظر‬                                                        ‫من قوله‪:‬‬
                                                                            ‫«في الصباح‬
             ‫إلى السقف»‬                                         ‫في الصباحات التي كانت‬
‫لقد أصبحت أحلام شعراء‬                                             ‫الوحدة فيها ضرورية‬
                                                                 ‫وكان الإيقاع عائ ًقا أمام‬

                                                                                ‫الغناء»‬
                                                               ‫كما يصبح الخيال وسيلة‬
                                                             ‫أخري لمحاولة الانتماء‪ ،‬فهو‬
                                                             ‫يتعلق بامرأة لا يعرف عنها‬
                                                             ‫أي شيء‪ ،‬بل يتخيل أحوالها‬
                                                              ‫فقط عندما يراها‪ ،‬ثم يهرب‬
                                                             ‫في الزحام‪ ،‬يقول في قصيدة‬
                                                                ‫«خيال» ‪-‬ولنلاحظ دلالة‬

                                                                     ‫العنوان المباشرة‪:-‬‬
                                                                   ‫«لم أكن أعرف اسمها‬
                                                                ‫ولا كيف اختارت ألوانها‬
   208   209   210   211   212   213   214   215   216   217   218