Page 216 - merit 36- dec 2021
P. 216

‫«صدمت المتلقي في ذوقه‬                                          ‫العـدد ‪36‬‬                    ‫الحمولات الفلسفية والجمالية في ديوان «أنت في القاهرة»‬          ‫‪214‬‬
  ‫أحيا ًنا‪ ،‬وفي فكره أحيا ًنا‪،‬‬
   ‫بل في معتقده في بعض‬                                                             ‫ديسمبر ‪٢٠٢1‬‬                                                       ‫د‪.‬هويدا صالح‬

             ‫الأحيان»(‪.)3‬‬               ‫تمهيد‬
  ‫وقد تأثرت قصيدة النثر‬
                                     ‫لقد قطعت القصيدة‬
     ‫في مشوارها الجمالي‬
‫بالتيارات الشعرية العالمية‪،‬‬         ‫العربية الجديدة مشوا ًرا‬
                                   ‫طوي ًل وشائ ًكا في سعيها‬
  ‫وخاصة «قصيدة النثر»‬               ‫الحثيث إلى الخروج على‬
    ‫الغربية‪ ،‬التي رأى أحد‬           ‫البنى الجمالية للقصيدة‬
 ‫منظريها أنها نوع ليس له‬            ‫العربية الكلاسية‪ ،‬بداية‬
 ‫شكل ثابت‪ ،‬بل هو مرتكز‬
‫على لعبة المعنى التي تتمكن‬               ‫من قصيدة العمود‬
   ‫من «التعرف على مقطع‬             ‫الشعري مرو ًرا بالمدارس‬
  ‫نثري تع ُّر ًفا مفار ًقا بأنه‬  ‫الرومانسية وتجربة شعراء‬
                                  ‫«الديوان» و»المهجر»‪ ،‬وما‬
                ‫شعر»(‪.)4‬‬           ‫ُس ّمي بـ»الشعر المرسل»‬
      ‫وقد راهنت قصيدة‬
   ‫النثر العربية على وضع‬             ‫والشعر الحر وقصيدة‬
   ‫تصور للشعر مغاير لما‬               ‫التفعيلة‪ ،‬حتى وصلت‬
     ‫هو سائد من شعرية‬              ‫إلى «قصيدة النثر»‪ ،‬حيث‬
‫تعتمد على الشكل والإيقاع‬          ‫حاولت تجاوز المألوف من‬
   ‫والموسيقى‪ ،‬إلى شعرية‬           ‫التعبير الشعري «فالشعر‬
   ‫تنتج جماليتها الخاصة‬             ‫المقطعي والشعر المنثور‬
  ‫من خلال سمات جمالية‬                 ‫والشعر الحر وسواها‬
    ‫مفارقة للتصور القديم‬
       ‫للشعر‪ ،‬لأنها أثبتت‬               ‫ليست إلا محاولات‬
    ‫أنها «فعل اختراقي في‬            ‫جزئية بإزاء ما اقترحته‬
‫الجوهراني من العناصر لا‬             ‫قصيدة النثر من مفارقة‬
      ‫لعب بالشكلاني»(‪.)5‬‬
    ‫وقد أثبت هذا التصور‬                ‫للصيغ السائدة‪ .‬وقد‬
  ‫المفارق للشعر أن سجن‬            ‫كانت مقترحاتها الإيقاعية‬
 ‫الشعر في قوالب وأشكال‬
‫وإيقاع ومجاز قديم يؤدي‬               ‫بدي ًل للإيقاع الخارجي‬
    ‫إلى موت هذه الشعرية‬                 ‫المتحقق بالعروض‪.‬‬
‫التي صارت نمطية مكررة؛‬
   ‫مما أفقر خيال الشعراء‬          ‫فمفاهيم «الكثافة والإيجاز‬
  ‫والمتلقين معا‪ .‬وقد حدث‬         ‫والمجانية»‪ ،‬التي نقلت مطلع‬
  ‫تحول جمالي «أفرز طاقة‬
    ‫لا متناهية من الإيقاع‬            ‫الستينيات عن سوزان‬
     ‫والرموز والتشكيلات‬              ‫برنار‪ ،‬حققت كثي ًرا من‬
                                    ‫أهدافها في اقتراح شكل‬

                                         ‫جديد للقصيدة»(‪.)1‬‬
                                  ‫وقد رأى بعض المؤسسين‬
                                  ‫لقصيدة النثر أنها «حركة‬

                                      ‫إبداعية وسعت حدود‬
                                  ‫الشعر‪ ،‬مضيفة إلى أشكاله‬

                                      ‫الوزنية أشكا ًل أخرى‬
                                   ‫نثرية»(‪ .)2‬كما أنها حركة‬
   211   212   213   214   215   216   217   218   219   220   221