Page 220 - merit 36- dec 2021
P. 220

‫العـدد ‪36‬‬          ‫‪218‬‬

                                                          ‫ديسمبر ‪٢٠٢1‬‬         ‫بعد أن ظهرت لافتات‬
                                                                                         ‫«مضيئة»‬
    ‫تمارس إنسانيتها التي‬         ‫في قصيدة النثر يؤكدها‬
   ‫فقدتها في الزمن الماثل‪،‬‬    ‫«أندريه بروتون» بوضوح‬                                   ‫في كل مكان‬
 ‫فتحتفي الصورة الغنائية‬      ‫في قوله‪« :‬إن غاية ما يطمح‬                      ‫تؤكد أن أسوا ًرا جديدة‬
‫بتفاصيل هذا الزمن الآخر‪،‬‬       ‫إليه الشعر هو؛ أن يقارب‬                       ‫في الطريق» (ص‪.)20‬‬
  ‫وما يمثله بالنسبة للذات‬                                                 ‫ولأن قصيدة النثر تراهن‬
   ‫الشاعرة من نوستالجيا‬         ‫بين شيئين متباعدين في‬                  ‫على «التغيرات الدلالية المركبة‬
  ‫لزمن كان فيه كل شيء‬            ‫خصائصهما وصفاتهما‬                     ‫المسماة المجازات المركبة (‪)..‬‬
‫يناقض الزمن الآني‪ ،‬يقول‬        ‫إلى أبعد حد‪ .‬أو أن يجمع‬                   ‫التي تعطينا استعمال نفس‬
                                ‫بينهما بأية طريقة كانت‬                     ‫الكلمة بمعنيين مختلفين‬
                 ‫الشاعر‪:‬‬         ‫على نحو فجائي ومثير‬                       ‫في الآن ذاته»(‪ ،)11‬فمفردة‬
    ‫«يخيل إل ّي ‪-‬وأنا أتفقد‬    ‫للدهشة»(‪ .)12‬فالقمر الذي‬                   ‫«أسوار» هنا تتموضع في‬
                             ‫فارق طبيعته حينما أتى إلى‬                     ‫النص بدلالتين مفارقتين‬
            ‫الناس‪ -‬أنني‬        ‫المدينة التي دخلتها أسوار‬                   ‫ومتناقضتين‪ ،‬فـ»أسوار‬
 ‫لا أشبه الزمن الذي أتفقد‬     ‫جديدة لا تحمل الكثير من‬                     ‫مدينتي» لها حميمية لدى‬
                                ‫الحميمية والدفء؛ صار‬                       ‫الذات الشاعرة‪ ،‬لكن ثمة‬
               ‫الناس فيه‬       ‫لا يطل بضيائه على مدينة‬                      ‫«أسوارا جديدة» سوف‬
                       ‫‪..‬‬       ‫فارقت أسوارها القديمة‪:‬‬                      ‫تمارس قه ًرا ضد الذات‬
                                                                        ‫المفردة والذات الجمعية‪ ،‬أي‬
  ‫أتخيل أني قادم من زمن‬               ‫«القمر هذه الأيام‬                  ‫الذوات التي تسكن المدينة‪،‬‬
           ‫كان الناس فيه‬                   ‫يبدو صغي ًرا‬
                                                                                         ‫فبعد أن‪:‬‬
 ‫يغسلون وجوههم بالألفة‬                 ‫يطل على مدينتي‬                              ‫«كان من السهل‬
            ‫وأن ملامحي‬                  ‫ولا ينظر إليها‪..‬‬                  ‫أن تمتطي أسوار مدينتي‬
           ‫التي تشير إل َّي‬                                                     ‫وتترك قدميك للماء‬
                                                  ‫(‪)...‬‬                    ‫ويداك ممسكتان بالغناء‬
   ‫لا تشبه الشخص الذي‬           ‫فتبحث عن امرأة مضيئة‬                         ‫في الهواء‪( »..‬ص‪.)20‬‬
                ‫يخصني‬                                                  ‫فبعد مجيء الأسوار الجديدة‬
                                    ‫تأخذك خارج المدينة‬
    ‫ربما لأن الناس الذين‬     ‫تساعدك على ترميم الأماني‬                                       ‫صار‪:‬‬
                 ‫أتفقدهم‬                                               ‫«الغناء الذي كان يغمر الناس‬
                                    ‫وتزرع أشجا ًرا معك‬
       ‫لا يفتقدون أح ًدا‪»..‬‬    ‫تعوضك عن الأرض التي‬                                      ‫في المواسم‬
               ‫(ص‪.)22‬‬                                                                          ‫‪...‬‬
                                                ‫فقدتها‬
‫كما أنه يحتفي بـ»الصورة‬           ‫في السباق» (ص‪.)29‬‬                         ‫توقف الغناء في مدينتي‬
  ‫التشكيلية» التي تفيد من‬                                                           ‫توقف الصراخ‬
   ‫عالم التشكيل البصري‪،‬‬       ‫الصورة الشعرية‬                                          ‫توقف الغزل‬
        ‫المتمثل في الألوان‬                                                                     ‫‪...‬‬
    ‫والمنمنمات‪ ،‬في قصيدة‬        ‫تتنوع الصورة الشعرية‬
     ‫«من التحرير» يصنع‬           ‫في قصيدة النثر ما بين‬                 ‫اللصوص والحراس والدعاة‬
  ‫صورة تشكيلية للميدان‬       ‫الصورة الغنائية التي ترتبط‬                ‫يعرفون كل شيء» (ص‪.)21‬‬
  ‫وكل من يشاركون فيه‪،‬‬            ‫بالذات‪ ،‬بعالم الذكريات‬
   ‫تعتمد على اللون ورسم‬      ‫الطفولية‪ ،‬والحنين إلى لحظة‬                   ‫وفكرة الجمع بين معنيين‬
    ‫اللوحة والمنمنات‪ ،‬ففي‬      ‫أو مشهد أو شخص‪ ،‬ففي‬                      ‫متناقضين للمفردة الواحدة‬
    ‫طريقه لاستعراض كل‬          ‫قصيدة «زمن آخر» يحن‬
                                ‫إلى زمن كانت فيه الذات‬
‫المشاركين في الميدان يرسم‬
 ‫صورة للذين استشهدوا‪،‬‬
                  ‫فيقول‪:‬‬
   215   216   217   218   219   220   221   222   223   224   225