Page 222 - merit 36- dec 2021
P. 222

‫العـدد ‪36‬‬         ‫‪220‬‬

                                                              ‫ديسمبر ‪٢٠٢1‬‬     ‫لروح «مدينتي»‪ /‬المكان‪،‬‬
                                                                             ‫وثمة مساءلة للزمان وما‬
     ‫التي يحرسها حارس‬           ‫لم يعد يتحدث باسم الذات‬                     ‫أجراه من أحداث وتغيرات‬
 ‫المدينة «أحمد فؤاد نجم»‪،‬‬          ‫الشاعرة المفردة‪ ،‬لم يعد‬                  ‫على الذات الجمعية والذات‬
 ‫أم أنه شبه له‪ ،‬فلم يصل‪،‬‬           ‫فقط يستعرض همومها‬                       ‫الفردية‪ ،‬ففي قصائد «زمن‬
                                   ‫ورؤاها للعالم‪ ،‬بل صار‬
     ‫رغم أن الميادين كانت‬                                                       ‫آخر»‪« ،‬من التحرير»‪،‬‬
‫تضج من الفرح‪ ،‬ورغم أن‬          ‫يتحدث باسم الذات الجمعية‬                      ‫و»تائه»‪ ،‬نجد هذه الرؤية‬
 ‫أناس المدينة اعتقدوا أنهم‬        ‫الكلية‪ ،‬فالناس في مدينته‬                  ‫للعالم‪ ،‬حيث يطرح إبراهيم‬
‫امتلكوا قم ًرا ساط ًعا‪ ،‬لكنهم‬
                                ‫صاروا مهزومين‪ ،‬رغم أنه‬                           ‫داود عبر صوت ذاته‬
     ‫استيقظوا على غربان‬          ‫رصد انتصارهم وفرحهم‬                         ‫الشعرية المخاطبة بضمير‬
     ‫سوداء خطفت «فرحة‬
 ‫النصر» التي توهموا أنهم‬            ‫في قصيدة سابقة «من‬                        ‫«الأنت» أحيا ًنا‪ ،‬وضمير‬
      ‫حصدوها في الميدان‪:‬‬          ‫التحرير»‪ ،‬إلا أنه في هذه‬                 ‫«الأنا» أحيا ًنا أخرى‪ ،‬يطرح‬
 ‫«قصيدة تائهة‪ ..‬تطاردني‬           ‫القصيدة يرصد الهزيمة‬
                                ‫الكبرى التي أصابت الذات‬                        ‫أسئلته ورؤاه وفلسفته‬
               ‫منذ عامين‬                                                          ‫في الزمن والمتغيرات‬
‫كتبتها على عجل في الطريق‬                        ‫الجمعية‪:‬‬
‫كنت أعبر إلى الجانب الآخر‬       ‫«كان القمر ‪-‬ليلتها‪ -‬كاملا‬                     ‫الديموغرافية التي طرأت‬
                                ‫(بعد انتصار مهيب في أول‬                      ‫على المكان‪ /‬المدينة «فكان‬
                ‫من العمر‬                                                      ‫لا بد أن يكشف لنا لماذا‬
     ‫أذكر أنها أنقذتني من‬                          ‫العام)‬                  ‫هذه الجملة الاسمية المكتملة‬
                                 ‫وكانت الحروب الصغيرة‬
                   ‫الغرق‬                                                       ‫الأركان التي ك ّون منها‬
‫وجعلتني أتوقف عن النظر‬                   ‫مزدهرة بالخارج‬                        ‫عنوانه الرئيس «أنت في‬
                                      ‫ولم تكن هناك حرب‬
               ‫إلى السقف‬                                                                    ‫القاهرة»‪.‬‬
        ‫كتبتها في الصيف‬                        ‫لكن الناس‬                    ‫في قصيدة «ست شمعات»‬
     ‫وكان الحزن بداخلها‬                        ‫في مدينتي‬                   ‫يطرح سؤال الهوية والدين‬
     ‫غيو ًما واطئة في قطار‬       ‫كانوا خارجين من هزيمة‬                     ‫والمستقبل‪ ،‬وهو سؤال يعد‬

                 ‫رخيص‬                               ‫ثقيلة‬                     ‫من الأسئلة الكبرى التي‬
       ‫إيقاعها كان ساذ ًجا‬            ‫يمشون في الشوارع‬                     ‫تناقض سعي قصيدة النثر‬
‫أحسها الآن كأنني وصلت‬                                                       ‫لكتابة ما هو ذاتي ويومي‪،‬‬
                                                 ‫خائفين‬
                  ‫أفتقدها‬                                                                      ‫يقول‪:‬‬
    ‫ولا أريد العثور عليها»‬            ‫الخوف له رائحة‪»..‬‬                                     ‫«له لوحة‬
                                               ‫(ص‪.)28‬‬                             ‫تجمع مقر ًئا وعاز ًفا‬
                 ‫(ص‪.)7‬‬                                                           ‫ت ّم جمع إيقاعهما م ًعا‬
    ‫إذن الرحلة التي بدأها‬       ‫ينهي الشاعر إبراهيم داود‬                              ‫لدرجة توحي‪..‬‬
 ‫عند أسوار المدينة ليخبرنا‬         ‫ديوانه بقصيدة قصيرة‬                           ‫بأن الدين والمستقبل‬
‫بـ»أنت في القاهرة» لم تكن‬          ‫واحدية المقطع‪ ،‬عنوانها‬                  ‫من الممكن أن يكملا المشوار‬
   ‫رحلة وصول‪ ،‬إنما كأنه‬            ‫بشبه جملة غير مكتملة‬                              ‫م ًعا‪( »..‬ص‪.)41‬‬
                                  ‫الدلالة «كأنني وصلت»‪،‬‬                      ‫في قصيدة «برج العذراء»‬
                   ‫وصل‬
                               ‫فهل وصلت الذات الشاعرة‬
                                  ‫ح ًّقا إلى «أسوار مدينتها»‬
   217   218   219   220   221   222   223   224   225   226   227