Page 227 - merit 36- dec 2021
P. 227

‫‪225‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

         ‫بأنك على مايرام»‬    ‫فردي الروح ُيلقى أو ُيكتب‪،‬‬     ‫(الزمن النفسي)‪ ،‬فقد تماهت‬
‫(المونولوج الذهني) تراوح‬           ‫وبهذا فهو يمثل كلام‬       ‫(أنا الحدث) في القصائد مع‬

     ‫هنا بين اتجاه (ذات)‬         ‫متحدث واحد»(‪ )4‬يسود‬            ‫ذاكرة الشاعر‪ ،‬وأصبحت‬
    ‫الشاعر نحو ذاتها من‬        ‫فيه ضمير المتكلم ويتسم‬          ‫الذكريات وسيلة خلاصه‬
     ‫ناحية‪ ،‬والاتجاه نحو‬        ‫غالبًا بالدرامية‪ ،‬فمفهوم‬    ‫النفسي من الواقع المؤلم‪ ،‬تلك‬
  ‫(الآخر‪ /‬الظل) في العالم‬      ‫(الظل) في القصائد اتضح‬        ‫الذكريات التي تعبر في كثير‬
‫الخارجي من ناحية أخرى‪،‬‬           ‫في (ثنائية الذات) ‪-‬ذات‬     ‫من قصائد الديوان‪ ،‬عن وعى‬
  ‫ذلك (الآخر) الذي حدثنا‬      ‫الشاعر‪ -‬الذي ُيحدث ذاته‪،‬‬          ‫(الجماعة السيكولوجية)‪،‬‬
 ‫عنه في قصيدة «تربص»‪:‬‬           ‫و ُيجري ديالو ًجا متخي ًل‬      ‫والتي استخدم من خلالها‬
                             ‫معها (كآخر) خفي يلازمها‬
      ‫«يحاول إقناع نفسه‬      ‫ويحيا حياتها‪( ،‬الآخر) بهذا‬           ‫مفردات الألم النفسي‪،‬‬
     ‫أن ابتسامته لم تصب‬         ‫المعنى ُيعد (ذا ًتا رمزية)‬      ‫فللذكريات لون ورائحة‪،‬‬
                                                            ‫يقول في قصيدة «الأيام التي‬
                   ‫بأذى‬          ‫للشاعر‪ ،‬في ديوان‪ :‬أنت‬
     ‫وأن غبار الفاتحين لم‬         ‫في القاهرة‪ ،‬نلاحظ أن‬                   ‫تسبق الحرب»‪:‬‬
                             ‫(المونولوج الذهني) لا ُيبرز‬       ‫«يحس المسئولون بالذنب‬
               ‫يفسد عليه‬        ‫موضو ًعا محد ًدا‪ ،‬إذ ُيقر‬       ‫فيشيدون مساجد جديدة‬
                  ‫عزلته»‬      ‫الشاعر بحتمية الاحتمالات‬
                             ‫التي تقيم علاقة بين المتوهم‬          ‫ويعاملون الشعب برقة‬
      ‫في المونولوج السابق‬        ‫الذاتي والسياق الثقافي‬                          ‫طاغية‬
  ‫للشاعر صوتان‪ ،‬أحدهما‬          ‫العام‪ ،‬فيقول في قصيدة‬
                                                                 ‫ويتحدثون عن السلام»‬
    ‫صوته الذي يتوجه به‬                  ‫«برج العذراء»‪:‬‬         ‫أسلوب الشاعر هنا يتسم‬
  ‫إلى الآخر‪ ،‬والآخر صوته‬                ‫«تحس أن شيئًا‬
‫الداخلي الذي تتضح أهميته‬                                         ‫بالنزعة الإنسانية‪ ،‬التي‬
                                             ‫ما بداخلك‬              ‫تحمل في بنيتها إدانة‬
          ‫كمكون خطابي‪.‬‬           ‫يرفض أن يعيش معك»‬
    ‫نرى أي ًضا في القصائد‬         ‫فعندما تفكك (الصور‬        ‫(رمزية) للمرجعيات ‪-‬القائمة‬
  ‫التي يسود فيها الاعتماد‬    ‫البصرية) العلاقات المكانية‪،‬‬     ‫على اخضاع الإنسان للراهن‬
  ‫على (المونولوج الذهني)‪،‬‬     ‫يصبح (المونولوج الذهني)‬         ‫الثقافي‪ -‬أو ًل‪ ،‬ومعاناته من‬
  ‫علاقة الشاعر بمجتمعه‪،‬‬       ‫هو الأسلوب الأمثل‪ ،‬الدال‬
   ‫ونعرف رأيه الفكري أو‬                                        ‫محنة (الاغتراب النفسي)‬
 ‫الفلسفي في القضايا التي‬             ‫على معاناة (الأنا)‪.‬‬                          ‫ثانيًا‪.‬‬
 ‫لا تعنيه وحده‪ ،‬إنما تعني‬    ‫نلاحظ أي ًضا أن (المونولوج‬
  ‫الآخرين أي ًضا(‪ ،)5‬فيقول‬                                  ‫المبحث الثاني‪ :‬المونولوج‬
     ‫مث ًل في قصيدة «ست‬              ‫الذهني) يرتكز على‬      ‫الذهني ومركزية الأنا في‬
                                 ‫(التخييل)‪ ،‬ففي قصيدة‬       ‫ديوان‪ /‬أنت في القاهرة‬
               ‫شمعات»‪:‬‬
                ‫«له لوحة‬                  ‫«تائه» يقول‪:‬‬                  ‫على افتراض أن‬
    ‫تجمع «مقر ًئا» وعاز ًفا‬        ‫«أضل الطريق أحيا ًنا‬     ‫(المونولوجات الذهنية) ليست‬
    ‫تم جمع إيقاعيهما م ًعا‬   ‫وفي اللحظة التي أتأكد فيها‬
           ‫لدرجة توحي‪..‬‬                                       ‫أوها ًما وصو ًرا خاوية‪ ،‬إنما‬
      ‫بأن الدين والمستقبل‬                    ‫أنني تهت‬         ‫دالة على حالة (غياب) ذات‬
       ‫من الممكن أن يكملا‬      ‫تنبت على شفتي ابتسامة‬
                               ‫ابتسامة لن يفهمها غيرك‬            ‫الشاعر في ظل الحاضر‬
                 ‫المشوار‬                                       ‫المقفر‪ ،‬وفي ظل الإحساس‬
                    ‫م ًعا»‬              ‫توحي للآخرين‬          ‫بعدم الاكتمال؛ فالمونولوج‬
                                                            ‫‪-‬اصطلا ًحا‪« -‬تكوين كلامي‬
   222   223   224   225   226   227   228   229   230   231   232