Page 229 - merit 36- dec 2021
P. 229

‫‪227‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

                 ‫كل ليلة‬       ‫«انتظرت طوي ًل حتى تهدأ‬        ‫ففي قصيدة «فتح» يقول‪:‬‬
 ‫ولا يعرف نهاية الطريق»‬                           ‫الدنيا‬        ‫«يكفي أن تجدد التزامك‬
‫فهو يبكي الحياة‪ ،‬لذا نراه‬                                                       ‫بالأمل‬
                                 ‫واحتملت تقلب الفصول‬              ‫لتكمل ما بدأه الشهداء‬
    ‫يعدد تلك الأماكن التي‬            ‫لكي أخلو إلى نفسي‬
   ‫تذكره بطفولته وصباه‬                  ‫الحنين له أظافر‬       ‫لن نترك كبار ال ِسن للزمن‬
                                            ‫أن ِت كما أن ِت‬   ‫سنأخذهم معنا إلى حديقة‬
     ‫اعتما ًدا على (الحلم‪/‬‬            ‫وأنا لا أعرف كيف‬
     ‫الوهم) «كتعويضات‬                         ‫أصبحت»‬                           ‫الحيوان‬
  ‫إيحائية للأنا‪ ،‬فكل عملية‬                                     ‫ونحن نبحث عن طفولتنا‬
‫استبدال تنطوي على معنى‬           ‫ولأن الشاعر لسان حال‬
  ‫خاص بالمستبدل به»(‪)10‬‬            ‫الجماعة السيكولوجية‬                           ‫هناك‬
‫دلالة على انصهار (النحن)‬                                     ‫سنركل الطغاة ونحن نهذب‬
     ‫في (الأنا) التي تحمل‬      ‫من المهمشين والمظلومين‪،‬‬
 ‫معاناة العالم‪ ،‬فيقول مث ًل‬         ‫يمكننا اعتبار خطابه‬                        ‫الزرع»‬
     ‫في قصيدة‪« :‬قسوة»‪،‬‬                                          ‫برز أي ًضا اتجاه الشاعر‬
                               ‫الصوفي «حالة من الرفض‬           ‫إلى (التسامي) نزو ًعا إلى‬
             ‫محد ًثا ذاته‪:‬‬           ‫السياسي وآلية من‬        ‫التجاوز‪ ،‬من خلال استدعاء‬
      ‫«ما الذي تفعله هنا؟‬                                    ‫تقليدية الحاضر‪ ،‬وجموده‪،‬‬
     ‫انتقل الذين جئت من‬          ‫آليات الدفاع ضد الهدر‬        ‫وحركية الماضي الدائمة في‬
                                ‫والإقصاء والتهميش»(‪،)9‬‬       ‫نفس الشاعر‪ ،‬والهروب من‬
                   ‫أجلهم‬       ‫فنراه اشتمل على عديد من‬         ‫احساسه بالكبت‪ ،‬وخوفه‬
    ‫انتقلوا إلى مكان بعيد»‬    ‫المعاني العميقة (السياسية)‬     ‫من التقليدية إلى عالم رمزي‬
    ‫أفكار الشاعر النفسية‬         ‫ذات الصبغة الاجتماعية‬       ‫برزت فيه مفردات الحنين‪،‬‬
    ‫هنا‪ ،‬تحولت إلى صور‬           ‫الكاشفة لحضور ثنائية‬            ‫في قصيدة «فقد» يقول‪:‬‬
                              ‫(المعاناة‪ /‬الاحتجاج)‪ ،‬يقول‬
     ‫حسية متجسدة‪ ،‬من‬                                                    ‫«نعتاد غيابهم‪..‬‬
   ‫خلال معاناته النفسية‪،‬‬              ‫في قصيدة «طيبة»‪:‬‬         ‫إلى أن يظهر أحدهم فجأة‬
    ‫والتساؤل المطروح لم‬       ‫«نستدرج الذكريات الأليمة‬
‫يصل به الشاعر إلى إجابة‬                                               ‫يظهر وأنت شارد‬
 ‫نهائية محددة‪ ،‬كأنه يؤكد‬               ‫نستدرجها كلها‪..‬‬                    ‫وغالبًا حزين‬
    ‫على أهمية الاحتمالات‬                  ‫فنشعر بالزهو‬
 ‫وتعدد الدلالات‪ ،‬اعتمد في‬                                     ‫تتلعثم خطواتك‪ ،‬وملامحك‬
  ‫ذلك على آلية (التثبيت)‪.‬‬         ‫لأن الذي قطع كل هذه‬                         ‫وروحك‬
                                                 ‫المسافة‬
      ‫خاتمة‪:‬‬                                                  ‫قبل أن تخاطبه وهو مقبل‬
                                             ‫وهو ينزف‬                            ‫عليك‬
‫الشاعر إبراهيم داود‪ ،‬الذي‬        ‫لن تغلبه تعاسات الدنيا‬
  ‫يرى مالا نراه‪ ،‬من خلال‬                                                ‫وتسأله بأسى‪:‬‬
 ‫تفرده‪ ،‬وشاعريته القائمة‬                    ‫نحن طيبون‬                       ‫أين كنت؟»‬
    ‫على الحدس العرفاني‪،‬‬                      ‫ويعلم الله»‬
     ‫يقول في ديوان «ست‬         ‫ربما لذلك‪ ،‬جاءت مفردات‬          ‫مفردات الحنين أي ًضا تم‬
              ‫محاولات»‪:‬‬            ‫الفقد كدال على وجود‬           ‫فيها استبدال (السياق‬
     ‫«لم يهتم أب ًدا بمتابعة‬      ‫(الأنا) الذي يعاني من‬               ‫المكاني) بمفردات‬
                                    ‫(الاغتراب) الزماني‪،‬‬          ‫الزمن الحاضر‪ ،‬القادر‬
                                    ‫و(الغربة) المكانية في‬         ‫على استيعاب الماضي‬
                                      ‫قصيدة «الوحيد»‪:‬‬            ‫(استرجا ًعا)‪ ،‬والتنبوء‬
                              ‫«الوحيد هو الشخص الذي‬
                                          ‫يرجع إلى بيته‬      ‫بالمستقبل (استبا ًقا)‪ ،‬فنراه‬
                                                              ‫يقول في قصيدة «حنين»‪:‬‬
   224   225   226   227   228   229   230   231   232   233   234