Page 228 - merit 36- dec 2021
P. 228

‫العـدد ‪36‬‬          ‫‪226‬‬

                                                          ‫ديسمبر ‪٢٠٢1‬‬       ‫فإذا كان الحوار يعرف‬
                                                                         ‫بأنه «حديث بين شخصين‬
                  ‫الألوان‬         ‫التوازن النفسي‪ ،‬مع‬
       ‫وإلى متى سيصمد‬           ‫ملاحظة تركيز الشاعر‬                         ‫أو أكثر‪ ،‬يتضمن وحدة‬
                              ‫الدائم على (خطاب الفقد)‬                      ‫الموضوع والأسلوب»(‪،)6‬‬
              ‫الأخضر؟»‬                                                     ‫فالحوار في قصيدة‪ :‬ست‬
    ‫و(المراوغة) الشعرية‪،‬‬            ‫أثناء (المونولوجات‬                 ‫شمعات‪ ،‬كان من أجل علاقة‬
    ‫كلما رأى حالات القهر‬     ‫الذهنية)‪ ،‬اتضح ذلك ‪-‬على‬                       ‫(غائبة) أي ًضا بين (ذات)‬
  ‫وانسحاق قيمة الإنسان‬                                                       ‫الشاعر وذات (الآخر)‪،‬‬
   ‫وتأزمه الوجودي‪ ،‬ففي‬         ‫سبيل المثال‪ -‬في قصيدة‬                        ‫كما أنه ‪-‬نعني الحوار‪-‬‬
                                     ‫«رائحة الخوف»‪:‬‬                      ‫أضفى مفارقة درامية دالة‬
        ‫قصيدة «أشجار»‪:‬‬                                                      ‫على (الخوف) من تباين‬
‫«نحن فرطنا بما يكفي‪ ..‬في‬      ‫«أنت مضطر إلى الانتظار‬                     ‫المواقف إزاء أزمات المجتمع‬
                                         ‫حتى الصباح‬                      ‫وانعكاسها بالضرورة على‬
                 ‫الأرض‬
  ‫وعلينا أن نزرع أشجا ًرا‬     ‫وأنت تعلم أنه لا شىء في‬                               ‫نفوس الأفراد‪.‬‬
                                            ‫انتظارك»‪.‬‬                      ‫ولأن الحوار في القصائد‬
                  ‫معمرة‬                                                   ‫فني «لا يجوز الحكم عليه‬
               ‫في البيوت‬    ‫المبحث الثالث‪ :‬خطاب التمرد‪،‬‬                ‫بمقاييس الحديث العادي»(‪،)7‬‬
   ‫البيوت التي سنتحصن‬        ‫وآلية الكبت في ديوان‪ :‬كن‬                       ‫الدلالة على ذلك احتكام‬
                                                                           ‫الشاعر إلى (المراوغة) في‬
                    ‫فيها‬        ‫شجا ًعا هذه المرة‬                      ‫مواجهة (الصراع)؛ فيقول في‬
           ‫أيامنا الباقية»‬
       ‫فالتمرد الاجتماعي‬      ‫على افتراض أن (التمرد)‬                               ‫قصيدة «خيال»‪:‬‬
  ‫الذي يرتكز على الهزائم‬     ‫يعبر عن «الخصوصية في‬                                      ‫«تأتي كثي ًرا‬
‫الوجودية منحاز إلى القيم‬
‫التي تؤمن بأهمية التعبير‪،‬‬      ‫أحداث الفعل وإيقاعه في‬                           ‫عندما تضيق الدنيا‬
    ‫اعتمد الشاعر فيه على‬     ‫الواقع»(‪ ،)8‬فـ(أنا) الشاعر‬                          ‫فأشغل نفسي بها‬
   ‫آلية (التوحد) بجماعته‬    ‫يكتنفها (التمرد) من ناحية‪،‬‬                    ‫وأرسل لها أنغا ًما غامضة‬
  ‫السيكولوجية التي يراها‬                                                          ‫تظهر وأنا أهرب‬
      ‫في حاجة إلى التقدير‬       ‫والسعي إلى الحرية من‬
                              ‫ناحية أخرى‪ ،‬اتضح ذلك‬                                     ‫في الزحام»‬
              ‫الاجتماعي‪.‬‬     ‫أو ًل في (التمرد الفني) على‬                     ‫الدلالة هنا تتلخص في‬
 ‫ولأن الشاعر ليس بمعزل‬         ‫شكل القصيدة التقليدي‪،‬‬                        ‫هيمنة (أنا) الشاعر على‬
                            ‫فلا تميل قصائده إلى شرح‬                     ‫مشاهد القصيدة‪ ،‬كانعكاس‬
   ‫عن الأحداث المجتمعية‪،‬‬                                                 ‫ذاتي لمعرفته وموضوعاته‬
    ‫والتي نعتبرها مثيرات‬         ‫وتفصيل المعنى المراد‬                  ‫الثقافية‪ ،‬الزاخرة بالعديد من‬
    ‫قوية أوضحت (تمرده‬          ‫توصيله إلى المتلقي‪ ،‬إنما‬                 ‫المفارقات الذهنية النابعة من‬
                             ‫هناك حرية ينساب ال ِشعر‬                      ‫ثنائية (الصراع‪ /‬الأمل)‪،‬‬
      ‫النفسي) أي ًضا‪ ،‬ذلك‬      ‫من خلالها متدف ًقا‪ ،‬يأتي‬                   ‫تلك الثنائية التي تعلن عن‬
    ‫(التمرد) الذي برز في‬      ‫أي ًضا (تمرده الاجتماعي)‬                     ‫ذاته وتاريخه وما يسعى‬
‫الاتكاء على آلية (النكوص)‬     ‫الذي برز في الاعتماد على‬                  ‫إلى إثبات صدقه‪ ،‬وما يحياه‬
    ‫إلى الماضي من ناحية‪،‬‬     ‫(الرمز)‪ ،‬فيقول في قصيدة‬                    ‫كخيال محض‪ ،‬وما يقترحه‬
‫والانتباه لآلام (الآخر) من‬                                                  ‫من نظم قيمية سعيًا إلى‬
 ‫ناحية أخرى‪ ،‬لا غرابة في‬                   ‫«أنا وأن ِت»‪:‬‬
  ‫ذلك؛ لأن انعدام الثقة في‬       ‫«السياسيون والتجار‬
‫تحقيق العدالة الاجتماعية‪،‬‬
  ‫أدى إلى سيادة حالة من‬                 ‫وقطاع الطرق‬
  ‫التأمل و(كبت) الغضب‪،‬‬          ‫يفكرون في الانتخابات‬

                                                ‫المقبلة‬
                            ‫وأنا وأن ِت نفكر في مستقبل‬
   223   224   225   226   227   228   229   230   231   232   233