Page 226 - merit 36- dec 2021
P. 226

‫العـدد ‪36‬‬          ‫‪224‬‬

                                                              ‫ديسمبر ‪٢٠٢1‬‬      ‫(الغائبة) لها أهميتها على‬
                                                                              ‫المستوى الدلالي‪ ،‬وتشعرنا‬
                    ‫تذكر‬                     ‫وهيا ننطلق‬
                       ‫‪..‬‬           ‫ربما نلقى الحدائق في‬                         ‫بأنه لا بد من أن نعمل‬
                                                                               ‫على إيجاد (ذات) الشاعر‬
      ‫وانت تعيد البلاد إلى‬                       ‫الطريق‬                     ‫(الغائبة) أي ًضا‪ ،‬تلك (الذات)‬
                  ‫غرفتك‬                ‫ربما ألقا ِك صدفة»‬                       ‫التي تبحث عن (ذاتها)‪.‬‬
                                  ‫هنا يحدثنا الشاعر عن‬                          ‫ولأن (الغياب) هو الذي‬
        ‫وتنفخ في الطين‪..‬‬           ‫أعلى درجات المأساوية‪،‬‬                    ‫سمح للشاعر بأن يجعل من‬
              ‫والذكريات‬          ‫عندما يكون (الاستدعاء)‬                       ‫ذاته (موضو ًعا)‪ ،‬فالكتابة‬
                               ‫من الذاكرة تأكي ًدا على الفقد‬               ‫الشذرية التي تنم عن فوضى‬
  ‫وتصنع ر ًّبا يليق بحزنك‬        ‫من خلال آلية (التكثيف)‬                      ‫الذكريات‪ ،‬أحدثت نو ًعا من‬
                    ‫تذكر‬         ‫والمساحات البيضاء التي‬                      ‫الإيقاع بدأ بالبنية الدرامية‬
                      ‫‪»..‬‬       ‫تفسح المجال للتأمل‪ ،‬ولأن‬                      ‫الخاصة بثنائية (الغياب‪/‬‬
                                ‫المضارع الراهن يدل عليه‬
‫الاعتماد على آلية (التكرار)‬       ‫خطاب (الرغبة)؛ هيمنت‬                             ‫الحضور)‪ ،‬و(الفقد‪/‬‬
  ‫هنا‪ ،‬أدى إلى ارتفاع حدة‬        ‫عليه العبارات الانفعالية؛‬                    ‫الحنين)‪ ،‬يقول الشاعر في‬
   ‫التوترات التي بدأت من‬           ‫وبما أن الحياة سلسلة‬
                               ‫متلاحقة من الرغبات‪ ،‬فمن‬                                ‫قصيدة «ذهاب»‪:‬‬
‫الدفقات الخاصة بالمفردات‬        ‫الغياب إلى الحضور‪ ،‬ومن‬                          ‫«رجرجي صوتي قلي ًل‬
       ‫الحسية‪ ،‬والتي تعد‬       ‫الحرمان إلى الامتلاك‪ ،‬كان‬
                                  ‫استخدام الرموز (غيا ًبا‬
 ‫تعبي ًرا صري ًحا عن مأساة‬        ‫دلاليًّا) يتم ربما بإزاحة‬
‫الإنسانية المعذبة‪ ،‬وملامح‬          ‫التصورات الأولية التي‬
                                   ‫يصمت الشاعر عندها‪،‬‬
       ‫الفناء التي تطارده‪،‬‬            ‫ويترك لنا مساحاته‬
      ‫وصو ًل إلى الاندفاع‬         ‫البيضاء‪ ،‬ولأن المخاطب‬
‫الهذياني الغامض في ثنائية‬       ‫هو (ظل) الشاعر في إطار‬
     ‫(الحلم‪ /‬الوهم)‪ ،‬ففي‬        ‫لغة (الغياب)‪ ،‬فالاستدعاء‬
   ‫قصيدة‪ :‬القاهرة شتا ًء‪،‬‬       ‫الذي قام به الشاعر أقرب‬
‫صور بالغة الثراء الحسي‪،‬‬        ‫إلى الاعتراف للمتلقي‪ ،‬الذي‬
    ‫اعتمد فيها الشاعر على‬      ‫يبدأ في التأويل‪ ،‬ثم يقاطعه‬
 ‫(التصور البصري) الذي‬          ‫الشاعر بمساحاته الصامتة‬
‫يزيد درجة (الغياب) حده‪،‬‬          ‫التي تقوم بدور المونتاج‪،‬‬
                               ‫فالذي يتوقع الفقد والمعاناة‬
              ‫حين يقول‪:‬‬        ‫يقدم اعترافاته‪ ،‬ليفتح الباب‬
     ‫«بيت يغير جلده لي ًل‬      ‫لتأويلات (الآخر)‪ ،‬يقول في‬
      ‫وفتى يجاهد راك ًضا‬
   ‫كى يلحق المترو الأخير‬                 ‫قصيدة «تذكر»‪:‬‬
 ‫وبرودة تجتاح باب اللوق‬                              ‫«‪..‬‬
 ‫وشحوب امرأة تجىء مع‬
                                   ‫وأنت تمد الأصابع ظ ًل‬
           ‫الرذاذ مسالمة»‬            ‫وأنت تعيد الحياة إلى‬
   ‫ولأن الأفكار والأحداث‬                         ‫صدرها‬

      ‫التي يتم استرجاعها‬
      ‫من الذاكرة‪ ،‬تخضع‬
     ‫لنظام (التداعي الحر)‬
   ‫و(التراكم)‪ ،‬و(الترميز)‬
‫المراوغ‪ ،‬لتشكل عالمًا نفسيًّا‬
‫تم التعبير عنه اعتما ًدا على‬
   221   222   223   224   225   226   227   228   229   230   231