Page 210 - merit 36- dec 2021
P. 210

‫العـدد ‪36‬‬         ‫‪208‬‬

                                                            ‫ديسمبر ‪٢٠٢1‬‬                      ‫ربما‪.‬‬
                                                                               ‫الأسماء أنماط معينة‬
  ‫الضجيج البليغ السائغ‬              ‫نفس الشاعر التي هي‬                      ‫من اليقين‪ ،‬يقين الحوار‬
   ‫الذي يختفي في بطابنة‬               ‫المشهد العم للحياة‪.‬‬                    ‫القديم بين الله سبحانه‬
                                                                          ‫وتعالى وبين آدم والملائكة‬
         ‫الصمت الناعمة‪.‬‬            ‫تبدو التجارب الشعرية‬                      ‫الساجدين لآدم الشعر‬
‫قول العالم الحديث ليست‬            ‫الحاضرة هنا خلف هذه‬                     ‫على استنكار أولي ت ّم أمره‬
 ‫بالأمر الهين الذي يسهل‬            ‫العناوين كلها نصوص‬                        ‫حينما ظهرت الأسماء‪..‬‬
                                                                             ‫الأسماء كلها‪ .‬قد يقول‬
 ‫مراودته في ظل التذبذب‬                ‫خالية من الضجيج‪.‬‬                    ‫المفسرون إن المقصود هو‬
 ‫الوجودي والفكري الذي‬             ‫الشعر عند إبراهيم داود‬                     ‫المعاني الكلية التي منها‬
                                                                           ‫تتفرع كل المعاني الممكنة‪،‬‬
     ‫يسكن الشاعر سبب‬                  ‫هو نوع من التطهر‬                   ‫ولكن الواقع هو أن الأسماء‬
‫أساسي هو غرق الحواس‬                 ‫الفلسفي من الأصوات‬
                                   ‫الخارجية التي تشوش‬                                 ‫هي الأسماء‪.‬‬
   ‫الحديثة في التفاصيل‪.‬‬         ‫علينا تجربتنا الصوفية في‬                 ‫هل تقصد القصيدة النثرية‬
 ‫أليس هذا هو عنوان هام‬           ‫ممارسة عاداتنا التي هي‬
                                 ‫السير والتأمل في المسار‪،‬‬                    ‫أن تقول العالم بطريقة‬
           ‫لدى شاعرنا؟‬           ‫العيش مع هامش السؤال‬                     ‫آدم؟ وهل سيكون المصير‬
  ‫تفاصيل‪ ،‬بصيغة الجمع‬          ‫والفهم‪ .‬الأكل والهضم م ًعا‬
                                    ‫(وربما الطرح أي ًضا)‪.‬‬                   ‫هو تبرير الشعر للفساد‬
    ‫والتنكير مرة أخرى‪.‬‬         ‫تنسحب من القصيدة تما ًما‬                  ‫الذي في الأرض تحت حجة‬
 ‫صيغة لغوية لهذه العتبة‬             ‫النزعة التسجيلية‪ ،‬لأن‬                 ‫إن الله (ومن ورائه المعنى‬
                                 ‫التسجيل يكون عن طريق‬                     ‫المستقبلي الكامن في جيوب‬
   ‫توحي بقوة كبيرة إلى‬            ‫التعريف المكثف للوقائع‬                  ‫الزمن؛ لأن الزمن هو الله)‬
    ‫أن كل محاولات فهم‬           ‫اللغوية‪ .‬النزعة التسجيلية‬
 ‫العالم والتمكن منه تبوء‬         ‫هي نوع من التاثيث الذي‬                         ‫يعلم ما لا تعلمون؟‬
     ‫بالضرورة بالفشل‪.‬‬              ‫يسعى إلى التقاط صور‬                   ‫تتواصل العناوين‪ :‬إجازة‪/‬‬
      ‫إننا لن نلمس سمتًا‬          ‫سميكة كثيفة عن العالم‪.‬‬
  ‫شعر ًّيا خا ًّصا لدى هذا‬          ‫من خلال إيجاد بدائل‬                     ‫مقهى صداقة مبررات‪/‬‬
  ‫الشاعر‪ ،‬إلا إذا استقرت‬        ‫لفظية‪ ،‬وأسلوبية‪ ،‬ورمزية‬                   ‫قسم‪ /‬عله كان‪ /‬إلى رجل‬
    ‫رؤيته للعالم في إطار‬         ‫تفي ثقل هذا العالم حقه‪..‬‬
   ‫فكري يستريح وإليه‪..‬‬              ‫بيد أن عملية الإشارة‬                    ‫أحبه‪ /‬قليل من الوجد‪/‬‬
‫ساعتها ستدور القصيدة‬            ‫المخففة المتخففة من أدوات‬                  ‫لوحات‪ /‬عزاء‪ /‬بدايات‪/‬‬
‫في فلكه دورا ًنا ح ًّرا‪ ،‬يمثل‬  ‫التعريف والتكثيف والكثرة‪،‬‬
  ‫خصوصية الشعر التي‬                ‫ومن اللواحق والزوائد‬                            ‫مشهد‪ /‬سكنى»‪.‬‬
   ‫يملأ الدواوين والمواقع‬       ‫اللفظية التي تتميز بها على‬                    ‫هذا النظام في العنونة‬
                               ‫الأقل عتبات الشاعر الكثيرة‬                   ‫باعتباره نظا ًما غريبًا في‬
                 ‫اليوم‪..‬‬         ‫التي أحضرناها‪ ،‬والأكثر‬                       ‫مجموعة من الدواوين‬
  ‫قد يكفي متتبع التجربة‬        ‫بكثير التي غفلنا عنها لعدم‬                  ‫يحمل الدليل على دخولنا‬
   ‫التي نحن بصددها أن‬             ‫إثقال كاهل ورقتنا هذه‪،‬‬                  ‫عتبة أخرى تشير صراحة‬
 ‫يتأمل قلي ًل هذه العتبات‬        ‫هي كلها فلاشات تومض‬                      ‫إلى ثورة على سائد الشعر‪،‬‬
‫الشعرية التي مرت معنا‪،‬‬         ‫وتلوح من بعيد ثم تنسحب‬                       ‫إلا إذا تأولنا هذه الثورة‬
                                                                            ‫على أنها نوع من السبر‬
    ‫ليظهر له أننا في زمن‬              ‫تاركة المكان لهامش‬                 ‫العميق لما يشتغل في صمت‬
   ‫قصيدة النثر قد دخلنا‬                                                  ‫ودون أدوات تعريف داخل‬
‫نهائيًّا في مسارات جديدة‬

    ‫أصبحت تقول العالم‬
         ‫بشكلها الخاص‬
   205   206   207   208   209   210   211   212   213   214   215