Page 210 - m
P. 210

‫العـدد ‪55‬‬                             ‫‪208‬‬

                             ‫يوليو ‪٢٠٢3‬‬                         ‫هذا التأثيرات هي امتداد‬
                                                                 ‫لمخاوف عمليات «صنع‬
    ‫الخاطئ بأن المستهلكين‬         ‫لما يمكن أن يتم تطبيقه‬     ‫الموافقة» التقليدية‪ ،‬طرحتها‬
      ‫سعداء بتداول سياسة‬          ‫عليك من حيث معاملتك‬       ‫العديد من الدراسات النقدية‬
  ‫الخصوصية عبر الإنترنت‬         ‫كسلعة لاقتصاد البيانات‬      ‫لتكنولوجيا الإنترنت‪ ،‬خاصة‬
     ‫مقابل خدمات مجانية‪،‬‬        ‫الضخمة‪ ،‬أن تكون مدر ًكا‬     ‫أعضاء مدرسة فرانكفورت‪،‬‬
    ‫لأنها تستند إلى افتراض‬     ‫مدى التحكم في معلوماتك‪،‬‬         ‫عن كيفية قيام الصناعات‬
    ‫شيء واحد وهو «خداع‬             ‫بما في ذلك كيفية قيام‬       ‫الثقافية بتدريب الجمهور‬
                             ‫الشركات الكبرى بجمع مثل‬            ‫على أن يصبح مستهل ًكا‪،‬‬
        ‫الجمهور» المستخدم‬        ‫هذه المعلومات والبيانات‬       ‫بل ودفعه للقتال من أجل‬
    ‫لهذه المنصات الإعلامية‪،‬‬     ‫واستخدامها وبيعها دون‬           ‫المزيد من الهيمنة علي ًها‪،‬‬
 ‫وتقويض خصوصيته أكثر‬            ‫علمك كمستخدم‪ ،‬أن تقف‬            ‫وكل ذلك بموافقته‪ ،‬وهو‬
‫فأكثر‪ ،‬وتمكين شعور العجز‬       ‫ولو «جزئيًّا» بمفردك أمام‬        ‫ما اسمته عالمة الاجتماع‬
                              ‫سياسات «صناعة الموافقة»‬        ‫الأمريكية شوشانا زوبوف‬
                   ‫بداخله‪.‬‬       ‫واستغلال البيانات الذي‬           ‫‪Shoshanna Zuboff‬‬
           ‫حتى في الأنظمة‬        ‫يقدم إليك خلف قناع أنه‬       ‫«رأسمالية الموافقة»‪ ،‬عندما‬
      ‫الديمقراطية‪ ،‬فإن خلق‬   ‫منتج ليبرالي تطبق فيه حرية‬     ‫يتم تحويل كل أنظمة المراقبة‬
    ‫القبول وتصنيع الموافقة‬    ‫التعبير‪ ،‬فالموافقة المستنيرة‬     ‫وجمع البيانات من خلال‬
 ‫ودفع الجمهور إلى ما يجب‬       ‫تتطلب الشفافية أو القدرة‬        ‫الأنظمة الرقمية إلى نقود‪،‬‬
‫فعله كما يرغب أهل السلطة‬         ‫على التحكم فيما يحدث‪،‬‬        ‫فكلما جمعت أكبر قدر من‬
   ‫وأصحاب المصالح‪ ،‬حتى‬                                         ‫البيانات‪ ،‬كلما عرفت أكبر‬
‫يضمنوا طاعة الجمهور لهم‪،‬‬           ‫وكلاهما يتم تقويضه‬         ‫قدر عن المستخدمين‪ ،‬كلما‬
‫تحول وسائل الإعلام بكافة‬           ‫بشكل ممنهج من قبل‬
     ‫أشكالها إلى آلات دعاية‬   ‫الشركات الكبرى ومصنعي‬                ‫زادت أرباحك منه(‪.)3‬‬
   ‫ضخمة تعمل على مسرح‬            ‫البرمجيات‪ ،‬وضخ تدفق‬             ‫الجدير بالاهتمام دائ ًما‬
  ‫كبير‪ ،‬وعلينا ‪-‬في النهاية‪-‬‬  ‫مستمر من التوجيه الخاطئ‬            ‫عند تعاملنا مع تأثيرات‬
 ‫أن نكف عن لوم الناس على‬          ‫لصرف انتباه الجمهور‬              ‫وسائل الإعلام بكافة‬
    ‫عدم رفضهم للسياسات‬       ‫نحو أشياء جديدة لامعة‪ ،‬أو‬      ‫صورها وأشكالها‪ ،‬أن تتذكر‬
  ‫المستغلة من قبل الوسائل‬    ‫بتقديم تطمينات جوفاء حول‬       ‫كمستخدم أنك لست بمنت ٍج‪،‬‬
‫الإعلامية‪ ،‬فليس من المعقول‬      ‫كيفية التعامل مع بياناته‬       ‫أن تكون مدر ًكا وحاض ًرا‬
    ‫لوم الناس الذين سرقت‬
 ‫أعينهم لأنهم أصبحوا عم ًيا‬                  ‫الشخصية‪.‬‬
                             ‫يجب أن يتم دحض الاعتقاد‬

                                                                         ‫الهوامش‪:‬‬

‫‪1- https://chomsky.info/20190619.‬‬
‫‪2- Obar, Jonathan A., and Anne Oeldorf-Hirsch. “The biggest lie on the internet: Ignoring‬‬
‫‪the privacy policies and terms of service policies of social networking services.”Informa-‬‬
‫‪tion, Communication & Society23.1 (2020): 128-147.‬‬
‫‪3- https://www.theguardian.com/books/2019/oct/04/shoshana-zuboff-surveil-‬‬
‫‪lance-capitalism-assault-human-automomy-digital-privacy.‬‬
   205   206   207   208   209   210   211   212   213   214   215