Page 205 - m
P. 205
203 الملف الثقـافي
بهستيريا إطلاق العنان شؤون بلاده ،ولم ي َر أي مع إدوارد هيرمان ،ناقش
لهذه الحرب ،ولعقود أخرى سبب لانخراط البلاد في الكتاب حينها الطرق التي
الحرب الأوروبية (الحرب يمكن أن تعمل بها وسائل
قادمة. العالمية الأولى) ومع ذلك الإعلام التقليدية كوكالات
من هذا الحدث يرى التزمت حكومة ويلسون دعاية حكومية ودفع الناس
تشاوميسكي أن الدعاية بدخول الحرب ،وبالتالي كان للموافقة والانصياع ،وأكد
الأمريكية الناجحة التي لا بد من العمل ضد المزاج تشاوميسكي خلال المقابلة
ترسخ سلطة الأنظمة السلبي للجمهور لتحفيزهم أن هذا النموذج من الإعلام
الحاكمة (أحد أبرز الأمثلة على قرار المشاركة في الحرب.
كذلك كان كيف عملت كانت وكالة الدعاية آنذاك ما زال سار ًيا ،حتى مع
الحملات الدعائية لصناعة بقيادة «إدوارد بيرنيز» والتي وسائل التواصل الاجتماعي
الوقود الأحفوري لإخفاء نجحت في خلال ( )6شهور والإعلام الرقمي ،ولم ينته.
الرابط بين انبعاث الكربون في إلقاء الحماس الهستيري في البداية ،وتعري ًفا بمفهوم
والاحتباس الحراري، «تصنيع الموافقة» ،لا بد لنا
وحروب كوريا وفيتنام داخل الجمهور لتقبل من تناول المفهوم وشرحه
والعراق وغيرها) هي أداة الانخراط في الحرب ،وفي
لـ»تصنيع الموافقة». عام 1917دخلت الولايات قبل سحبه على وسائل
اتهم تشاوميسكي «والتر المتحدة الأمريكية الحرب التواصل الاجتماعي ،وتبيان
ليبمان» بدوره الكبير في على الرغم من أن البرنامج
تصنيع الموافقة أو ما يسميه الرئاسي للرئيس ويلسون علاقته مع سياساتهم
«صناعة الموافقة» ،وهو كان (السلام) ،بدأت حملة مثل سياسة الخصوصية
الفن الجديد في الديمقراطية دعائية غير مسبوقة بهدف وشروط الاستخدام ،فقد
والح ِّد من اختيارات الناس إعداد السكان ذوي التفكير
وموافقتهم في النهاية، قلب طرح تشاوميسكي
وبالطبع سيفعل الجمهور ما المناهض للحرب ،كانت وهيرمان فكرة أن الإعلام
يملي عليه الإعلام ،ويصبح وسائل الإعلام -بحد قول الغربي هو قوة تعمل من أن
الإعلام حينها -وفي الدول تشاوميسكي -هي الأداة أجل الصالح العام إلى قوة
الديمقراطية كذلك -أداة تعمل للحفاظ على السلطة
تخلق القبول وتصنع الموافقة المركزية التي ساعدت وحمايتها ،مما يجعل الإعلام
لدى شعوب هذه الدول، في العالم الحر أفضل قلي ًل
وتخبرها بما يريد أهل من قنوات الدعاية الحكومية
السلطة أن يخبروها به ،حتى
يضمنوا طاعتها ،وذلك لأن الديكتاتورية.
الخبر أو المنتج الإعلامي يصف الكتاب المراحل الخمس
يم ُّر عبر ( )5مرشحات للوسائط الإعلامية التي يمر
،filtersتتم من خلالها فلترة
(ترشيح) الأخبار والمنتجات بها محتوى الأخبار ويتم
الإعلامية ،لتخرج على هوى من خلالها تحييد ما يقدم
السلطة ورجال الأعمال، للجمهور وما لا يقدم كأخبار
وتتم بها صناعة «الموافقة»: في النهاية ،فمنذ عام ()1916
وتحت إدارة «ويلسون»
الذي كان قد انتخب رئي ًسا
للولايات المتحدة الأمريكية،
كان الشعب الأمريكي حينها
مسالمًا منغم ًسا داخليًّا في