Page 208 - m
P. 208

‫العـدد ‪55‬‬                                 ‫‪206‬‬

                               ‫يوليو ‪٢٠٢3‬‬                            ‫سياسات ضخمة مهيمنة‬
                                                                    ‫لإدارة البيانات والاحتفاظ‬
    ‫جدول الأعمال في النظام‬          ‫للضغط على زر الموافقة‬
   ‫الرقمي لوسائل التواصل‬       ‫الذي غالبًا ما يشار إليه بأنه‬              ‫بها‪ ،‬تحوي تفاصيل‬
  ‫الاجتماعي‪ ،‬فقط ُيطلب من‬                                            ‫ضرورية لإدارة «سمعة»‬
 ‫الجمهور الضغط والموافقة‪،‬‬        ‫«أكبر كذبة على الانترنت»‪،‬‬         ‫الوسيلة الإعلامية‪ ،‬غالبًا ما‬
  ‫مما يتركهم في علاقة «غير‬          ‫والاشتراك في أشياء لا‬           ‫تتضمن معلومات الاتصال‬
                                                                     ‫مع مسؤولي الخصوصية‬
     ‫متوازنة» مع الشركات‬        ‫نفهمها ولم نقرأها‪ ،‬هو ليس‬
  ‫وأصحاب المصالح‪ ،‬وغالبًا‬      ‫في حقيقة الأمر خطأنا‪ ،‬بل في‬               ‫ومنظمات الدفاع عن‬
  ‫ما يكون الحل الأسهل هو‬       ‫معظم الأوقات لا يكون حتى‬                ‫الخصوصية والوكالات‬
   ‫ضغط «أوافق»‪ ،‬هنا يكون‬                                            ‫الحكومية وغير ذلك‪ ،‬يمكن‬
 ‫صنع الموافقة وخلق القبول‬                ‫اختيا ًرا واعيًا منَّا‪.‬‬     ‫اعتبار تلك الأقسام أبوا ًبا‬
  ‫حاض ًرا لدى المستخدمين‪،‬‬       ‫كيف يتم ذلك؟ كيف يوقع‬                   ‫لمشاركة الخصوصية‪،‬‬
 ‫وأداة رقابة عليهم‪ ،‬كما كان‬                                        ‫ومسارات واضحة لتصنيع‬
   ‫الحال مع وسائل الإعلام‬            ‫المستخدم على عقد لم‬          ‫الموافقة بين عموم الجماهير‪.‬‬
                                ‫يقرأه؟ كيف يتم دفعه إلى‬             ‫عزوف الجمهور عن قراءة‬
                 ‫التقليدية‪.‬‬                                        ‫الشروط والأحكام وسياسة‬
     ‫على سبيل المثال‪ ،‬عندما‬                         ‫ذلك؟‬             ‫الخصوصية يرجع كذلك‬
  ‫نتصفح صحيفة ما‪ ،‬تظهر‬            ‫حقيقة الأمر‪ ،‬فإن شروط‬           ‫‪-‬بجانب ترتيب وضع الزر‪-‬‬
  ‫لنا مقالات في الجزء الأعلى‬      ‫الاستخدام غالبًا ما تكون‬         ‫إلى تعقيد مثل تلك الشروط‪،‬‬
   ‫من الصفحة الأولى‪ ،‬وهو‬                                          ‫واعتقاد الجمهور أن قراءتها‬
    ‫ما يسمى في لغة الإعلام‬          ‫عبارة عن لغة غامضة‪،‬‬              ‫ستستغرق ساعات طويلة‬
 ‫«‪ ،»Above fold‬مما يدفعنا‬        ‫حتى عند النقر عليها عادة‬               ‫دون الفهم الكامل لها‪،‬‬
   ‫للاعتقاد بأنها أكثر أهمية‬    ‫ما تكون غائبة‪ ،‬أو في بعض‬               ‫مما يعني أن العديد من‬
   ‫من غيرها‪ ،‬المعادل لإعداد‬       ‫الحالات يتم توفير روابط‬             ‫المستخدمين لا يتمكنون‬
‫جدول الأعمال على الانترنت‬                                           ‫من فهم الشروط واللوائح‬
      ‫نجده في‪ :‬ترتيب نتائج‬         ‫للمستخدم في مكان آخر‬            ‫حتى لو أخذوا الوقت الكافي‬
     ‫البحث؛ حين يتم إعطاء‬        ‫غير بارز‪ ،‬على سبيل المثال‬            ‫لقراءتها‪ ،‬ومع هذا تظهر‬
      ‫أولوية الظهور لبعض‬         ‫في تطبيقات مثل الفيسبوك‬            ‫نتائج الدراسات سببًا آخر‬
 ‫المعلومات وصفحات الويب‬          ‫وتويتر وإنستجرام‪ ،‬يكون‬               ‫لعزوف المستخدمين عن‬
   ‫عن غيرها‪ ،‬وعندما يتعلق‬        ‫زر «الموافقة» على الشروط‬           ‫قراءتها وتخطيها والموافقة‬
   ‫الأمر بشروط الاستخدام‬         ‫والأحكام صغي ًرا ج ًّدا وفي‬
 ‫وسياسة الخصوصية فإنه‬           ‫الأسفل (فهو ليس في مكان‬                  ‫«بسلاسة»‪ ،‬وهو أننا‬
‫يصمم بحيث ُيدفع المستخدم‬       ‫تراه تلقائيًّا)‪ ،‬عليك أن تبحث‬           ‫مشروطون وموجهون‬
      ‫للموافقة دون شروط‪،‬‬                                          ‫ومدفوعون ومدربون للقيام‬
 ‫وتجاهل الروابط المؤدية إلى‬        ‫عنه بتركيز‪ ،‬مقارنة بزر‬          ‫بهذا‪ ،‬وهذا هو فن «صناعة‬
  ‫وثائق ولوائح الاستخدام‪،‬‬         ‫«انضمام ‪ ،»Log in‬حيث‬            ‫الموافقة» على الإعلام الرقمي‪.‬‬
    ‫وهو ما يسمى بـ»صنع‬            ‫يمكن رؤيته بوضوح‪ ،‬من‬                  ‫قد تكون تلك السطور‬
 ‫الموافقة»‪ ،‬اللوم هنا يقع على‬       ‫خلال خيارات التصميم‬               ‫صادمة بعض الشيء أو‬
 ‫مصممي ومقدمي الخدمات‬               ‫هذه للتطبيقات والمواقع‬        ‫خيالية بالنسبة للبعض‪ ،‬لكن‬
     ‫الذين يضعون سياسة‬           ‫الإعلامية الإليكترونية‪ ،‬يتم‬         ‫بدراسة الدوافع الحقيقية‬
 ‫استخدام‪ ،‬هي امتداد لصنع‬           ‫توجيهنا إلى الموافقة على‬
                                   ‫شروط الاستخدام دون‬
                                 ‫فهم كامل لها‪ ،‬تسمى هذه‬

                                    ‫العملية المراوغة إعلاميًا‬
                                 ‫بـ»وضع جدول الأعمال»‪،‬‬
                               ‫وهي نظرية شهيرة في مجال‬

                                    ‫الإعلام‪ ،‬حيث يتم إعداد‬
   203   204   205   206   207   208   209   210   211   212   213