Page 204 - m
P. 204

‫العـدد ‪55‬‬                                                               ‫‪202‬‬

                               ‫يوليو ‪٢٠٢3‬‬                                                             ‫د‪.‬أسماء‬
                                                                                                      ‫عبد العزيز‬
     ‫في نظام كبير «لتصنيع‬        ‫«الكذب» فعل متأصل‬             ‫«صناعة الموافقة»‪ ..‬لماذا نتجاهل زر‬
                  ‫الموافقة»‪.‬‬                                       ‫«شروط الاستخدام وسياسة الخصوصية»؟‬
                                    ‫في السلوك الإنساني في‬
 ‫إذا كنت تتجاوز زر الموافقة‬      ‫جميع المجالات الاجتماعية‪،‬‬
  ‫على الشروط والأحكام بكل‬
                                   ‫ُتفعل الأكاذيب من خلال‬
     ‫ثقة (مثل معظم الناس)‬      ‫استغلال مساحة من التلاعب‬
‫وظنك أنها لا تمثل أهمية ما‪،‬‬
 ‫فقط لأننا نرغب في الوصول‬       ‫بالواقع من خلال «الحذف»‬
                                     ‫أو «الاختيار الانتقائي‬
  ‫في أسرع وقت ممكن‪ ،‬ففي‬
‫حقيقة الأمر أن اللَّوم في ذلك‬    ‫للحقائق»‪ ،‬ودائ ًما ما تكون‬
‫لا يقع عليك بقدر ما يقع على‬    ‫الدوافع الأخلاقية لهذا الفعل‬
 ‫أصحاب المصالح والشركات‬         ‫مثيرة للجدل‪ ،‬نحن نتساءل‬
                                ‫دائ ًما‪ :‬هل عليَّ قول الحقيقة‬
  ‫الكبرى ومبرمجي منصات‬
          ‫الإعلام الرقمي(‪.)1‬‬         ‫القاسية؟ لماذا لا أكذب‬
                                 ‫وأتجنب الصراع والمعاناة؟‬
‫هل ما زلنا قيد صناعة‬
 ‫الموافقة على الإعلام‬               ‫على الرغم من التساؤل‬
       ‫الرقمي؟‬                    ‫الفلسفي في هذا الموضوع‬
                                ‫إلا أن ما نتحدث عنه في هذا‬
 ‫في عام (‪ )2018‬أجرى ألان‬         ‫المقال هو كذب نفعله يوميًّا‬
  ‫ماكلويد ‪ MacLeod‬مقابلة‬          ‫و ُيروى علينا وتمليه علينا‬
                                   ‫مواقع وتطبيقات الإعلام‬
     ‫مع الأكاديمي اليساري‬
 ‫(ناعوم تشاوميسكي)‪ ،‬الذي‬            ‫الرقمي جميعها‪ ،‬يمكننا‬
                                    ‫القول إن هذه هي «أكبر‬
   ‫شهد العديد من التغييرات‬        ‫كذبة في تاريخ الإنترنت»‪،‬‬
‫التكنولوجية على م ِّر السنين‪،‬‬   ‫نقصد هنا فعل (الموافقة على‬
 ‫و لا يزال منشغ ًل في عصر‬       ‫شروط الاستخدام وسياسة‬

    ‫الإعلام الرقمي ووسائل‬                   ‫الخصوصية)‪.‬‬
  ‫التواصل الاجتماعي بتأثير‬        ‫متى كانت آخر مرة قرأت‬
   ‫الدعاية‪ ،‬وسياسة وسائل‬           ‫فيها «شروط الاستخدام‬
‫الإعلام على الجمهور‪ ،‬والذي‬      ‫وسياسة الخصوصية» قبل‬
                               ‫الاشتراك في تطبيق أو خدمة‬
     ‫يرى بدوره أن «نموذج‬       ‫ما على الانترنت؟ حر ًصا على‬
 ‫الدعاية الكلاسيكي» لا يزال‬     ‫تحميل التطبيق أو البرنامج‬
                                ‫المرغوب التسجيل فيه فإننا‬
    ‫قيد الحياة‪ ،‬بل و»بصحة‬       ‫دائ ًما نقول «كذبة صغيرة»‪:‬‬
‫جيدة» في العصر الرقمي على‬
                                     ‫«نعم لقد قرأت شروط‬
                ‫حد تعبيره‪.‬‬       ‫الاستخدام وقبلتها ‪yes, I‬‬
     ‫جاءت المقابلة بعد (‪)30‬‬       ‫‪،»accept the cookies‬‬
 ‫عا ًما من كتاب تشاوميسكي‬       ‫حسنًا قد لا يبدو الأمر بهذا‬
   ‫(‪« )1988‬تصنيع الموافقة‪:‬‬
 ‫الاقتصاد السياسي لوسائل‬            ‫السوء‪ ،‬لكننا وبدون أن‬
  ‫الإعلام» والذي تشارك فيه‬        ‫ندري‪ ،‬نوقع عق ًدا صغي ًرا‬
   199   200   201   202   203   204   205   206   207   208   209