Page 62 - علم الأوبئة
P. 62
ﻋﻠﻢ اﻷوﺑﺌﺔ
واﻷﻫﻢ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻏير المﻌﺮوﻓﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ أن ﺗﺠﻌﻞ المﺠﻤﻮﻋﺘين ﻣﺨﺘﻠﻔﺘين إﺣﺪاﻫﻤﺎ ﻋﻦ
اﻷﺧﺮى .ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أن ﻫﺬه اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﻌﺸﻮاﺋﻴﺔ ،أو ﻣﺎ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ »اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﻌﺸﻮاﺋﻴﺔ
المﻀﺒﻮﻃﺔ« ،ﻏير ﻣﻤﻜﻨﺔ ،ﺳﻮاء أﻛﺎن ذﻟﻚ ﻷﺳﺒﺎب أﺧﻼﻗﻴﺔ أو ﻓﻨﻴﺔ .وﻣﻦ ﻫﻨﺎ ،ﺟﺎء اﻟﻨﻄﺎق
اﻷﺻﻐﺮ ﺣﺠ ًﻤﺎ ﻟﻠﺪراﺳﺎت اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ اﻟﻌﺸﻮاﺋﻴﺔ )اﻟﺘﻲ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ أﻳ ًﻀﺎ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﻋﺎم
وأﻗﻞ دﻗﺔ وﻫﻮ »اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﺪﺧﻠﻴﺔ«( ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺨﺘﺺ ﺑﺎﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﲆ المﻼﺣﻈﺔ،
وﺧﺎﺻ ًﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻜﻮن ﺑﺼﺪد ﺑﺤﺚ ﻋﺎﻣﻞ ﻣﺎ ،ﻣﺜﻞ اﻟﻬﻮاء المﻠﻮث ،ﺑﺴﺒﺐ آﺛﺎره اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ
المﺤﺘﻤﻠﺔ ﻋﲆ اﻟﺼﺤﺔ .ﻳﻜﻤﻦ المﻮﺿﻊ اﻻﻧﺘﻘﺎﺋﻲ ﰲ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﻌﺸﻮاﺋﻴﺔ ﰲ ﺑﺤﺚ اﻟﻌﻮاﻣﻞ
اﻟﺘﻲ ﻣﻦ المﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن ﻟﻬﺎ ﺗﺄﺛيرات ﻣﻔﻴﺪة ﻋﲆ اﻟﺼﺤﺔ .ﻓﺎﻟﻌﻘﺎﻗير اﻟﺠﺪﻳﺪة اﻟﻮاﻋﺪة
ﻳﺘﻢ اﺧﺘﺒﺎرﻫﺎ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار ﻋﲆ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻣﻦ المﺮﴇ المﺼﺎﺑين ﺑﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻫﺎﺋﻠﺔ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ
اﻷﻣﺮاض ،ﺑﺪءًا ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ أﻧﻮاع اﻟﴪﻃﺎن ﺣﺘﻰ أﻣﺮاض اﻟﻘﻠﺐ ﻛﺎﺣﺘﺸﺎء ﻋﻀﻠﺔ اﻟﻘﻠﺐ
واﻟﺬﺑﺤﺔ اﻟﺼﺪرﻳﺔ وأﻣﺮاض اﻟﺮوﻣﺎﺗﻴﺰم .ﻋﻼو ًة ﻋﲆ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﺠﺎرب اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻌﻼج ،ﺗُﺠﺮى
ﺗﺠﺎرب ﻋﺸﻮاﺋﻴﺔ ﻛﱪى ﰲ المﺠﺘﻤﻌﺎت ﻏير المﺮﻳﻀﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اﺧﺘﺒﺎر ﻋﻤﻠﻴﺎت ﺗﺪﺧﻞ وﻗﺎﺋﻴﺔ.
ﻓﱪاﻣﺞ اﻟﻔﺤﺺ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﺸﺨﻴﺺ المﺒﻜﺮ ،وﻋﻼج اﻟﺤﺎﻻت اﻟﺨﻄيرة ﻛﴪﻃﺎﻧﻲ اﻟﺜﺪي
واﻟﻘﻮﻟﻮن ،ﺗُﻄﺒﻖ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺠﺎرب ﻋﺸﻮاﺋﻴﺔ ﻋﲆ اﻟﺴﻜﺎن ،وﺗﺨﺘﱪ اﻟﻠﻘﺎﺣﺎت اﻟﺠﺪﻳﺪة —
ﻛﺎﻟﻠﻘﺎح ﺿﺪ ﻣﺮض اﻹﻳﺪز ﻣﺜ ًﻼ — ﻋﺎد ًة ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام ﺗﺠﺎرب ﻋﺸﻮاﺋﻴﺔ ﰲ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎت ﺳﻜﺎﻧﻴﺔ
ﻛﺒيرة.
أول ﻟﻘﺎح ﺿﺪ ﺷﻠﻞ اﻷﻃﻔﺎل
ﺣﺘﻰ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻘﺮن المﺎﴈ ،ﻛﺎن ﺷﻠﻞ اﻷﻃﻔﺎل ﻣﺮ ًﺿﺎ ُﻣﻌﺪﻳًﺎ ﻳﺼﻴﺐ اﻟﺠﻬﺎز اﻟﻌﺼﺒﻲ
وﻳﺤﺪث ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ﰲ ﻓﺼﻞ اﻟﺼﻴﻒ ﻋﲆ ﺷﻜﻞ ﻣﻮﺟﺎت وﺑﺎﺋﻴﺔ ﻣﺘﺒﺎﻳﻨﺔ اﻟﺸﺪة .ﻛﺎن
المﺮض ﻳﺼﻴﺐ ﺑﻮﺟﻪ ﺧﺎص اﻷﻃﻔﺎل وﺻﻐﺎر اﻟﺴﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻗﺪ ﻻ ﺗﺼﻴﺒﻬﻢ ﺳﻮى ﺣﻤﻰ
ﻋﺎﺑﺮة أو ﻳﻌﺎﻧﻮن ﻣﻦ ﺷﻠﻞ رﺧﻮ ﻣﻤﺘﺪ ﻳﺼﻴﺐ اﻷﻃﺮاف ﻣﺪى اﻟﺤﻴﺎة ،أو ﻳﺘﻮﻓﻮن إذا ﻫﺎﺟﻢ
اﻟﻔيروس المﺴﺒﺐ ﻟﻠﻤﺮض المﺮاﻛ َﺰ اﻟﻌﺼﺒﻴﺔ المﺘﺤﻜﻤﺔ ﰲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻨﻔﺲ .وﺗﻢ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺛﻼﺛﺔ
أﻧﻮاع ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻔيروس .أﺟﺮﻳﺖ ﺑﻌﺾ المﺤﺎوﻻت ﻋﲆ ﻧﻄﺎق ﺿﻴﻖ وإن ﻟﻢ ﻳُﻜﺘﺐ ﻟﻬﺎ
اﻟﻨﺠﺎح ﻟﻠﺘﻮﺻﻞ إﱃ ﻟﻘﺎﺣﺎت ،ﺣﺘﻰ ﻇﻬﺮ ﻟﻘﺎح واﻋﺪ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ،ﰲ أواﺋﻞ ﺧﻤﺴﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن
اﻟﻌﴩﻳﻦ ﻳُﻌﻄﻰ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺤﻘﻦ اﻟﻌﻀﲇ ،اﺑﺘﻜﺮه د .ﻳﻮﻧﺎس ﺳﻮﻟﻚ ،اﻷﺳﺘﺎذ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ
ﺑﻴﺘﺴﺒيرج .وﻛﺎن اﻟﻠﻘﺎح ﻳﺘﻜﻮن ﻣﻦ ﻓيروس »ﻣﻴﺖ« ﻓﻘﺪ ﻗﺪرﺗﻪ ﻋﲆ إﺣﺪاث المﺮض ،ﻟﻜﻨﻪ
ﻳﺤﺘﻔﻆ ﺑﻘﺪرﺗﻪ ﻋﲆ ﺗﻨﺸﻴﻂ المﻨﺎﻋﺔ اﻟﻮﻗﺎﺋﻴﺔ ﺑﺄﺟﺴﺎم اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻳُﺤﻘﻨﻮن ﺑﻪ.
62