Page 40 - LEGAL CULTURE
P. 40
هناك بعض التحفظات من عدة دول أطراف فى النظام الأساسى مرتكبها .وقـد استندت إسرائيل نفسها إلـى هذا
للمحكمة الجنائية الدولية بشأن أداء المدعى العام للمحكمة الجنائية الاختصاص القضائى العالمى عند محاكمتها أحد
الدولية لتقاعسه عن التحرك الفاعل بشأن الوضع فى غزة ،ويعقدون نازيى الحرب العالمية الثانية المسئولين عن ارتكاب
مقارنة بشأن تحركه السريع فور حصول الحرب على أوكرانيا ،وسرعة جرائم ضد الإنسانية وإبــادة جماعية ضد اليهود
إصدار أمر بالقبض ضد الرئيس الروسى من غرفة المحاكمة التمهيدية،
وتخاذل أجهزة المحكمة عن اتخاذ إجراءات مماثلة بشأن مرتكبى الجرائم ويدعى أيخمن و ُحكم عليه بالإعدام.
الدولية الجسيمة فى غزة ،بما يضع استقلال وحيدة المحكمة الجنائية وفى حقيقة الأمر ،فإن ممارسة مبدأ الاختصاص
الدولية بشأن الوضع فى غزة على المحك الجنائى العالمى تتطلب إدماج هذا المبدأ فى النظام
القانونى الداخلى وسن القوانين اللازمة لإنفاذه عن
شكاوى بشأن الجرائم فى غزة؛ حيث عرض الأمر الاحتلال الإسرائيلية بالسلاح الذى تقتل به الأطفال طريق سلطات التحقيق والمحاكم الوطنية ،فوف ًقا لمبدأ
على الدائرة التمهيدية الأولى بطلب الإذن بالتحقيق، الفلسطينيين ،وإقدامها على عرقلة أى وقف لإطلاق الشرعية «لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص» .ولما كانت
وفى 5فبراير 2021قضت باختصاص المحكمة بهذه النار أو هدنة إنسانية بشأن هذا النزاع -عن طريق الجرائم الدولية تتطلب توقيع عقوبات جسيمة على
الحالة؛ حيث اشتمل قضائها على النقاط الثلاث حق الفيتو -قد هز ثقة المجتمع الدولى فيها كدولة مرتكبيها ،وهو الأمـر الـذى لا ُيكن أن يتم إلا فى
الآتية: داعمة لحقوق الإنسان ،بل أن موقفها هذا فى حد ظل وجود نصوص قانونية تجرم تلك الجرائم و َت َض ُع
-أ َّن «فلسطين دولــة طــرف» فـى «نـظـام رومـا ذاته يقوض منظومة حقوق الإنسان الدولية ،ويسمح العقاب عليها ،وتبسط الاختصاص عليها وفقاً لمبدأ
الأساسي». بسياسات الإفلات من العقاب. الاختصاص الجنائى العالمي .ومن وجهة نظر خبراء
-أ َّن المحكمة الجنائية الدولية تملك ولاية قضائية -4محاكمة مرتكبى الجرائم الدولية الجسيمة فى القانون الجنائى الدولي ،فإنه يمكن النظر للدولة التى
إقليمية عليها. غزة أمام المحكمة الجنائية الدولية تمارس هذا المبدأ لمحاكمة مرتكبى الجرائم الدولية
-أ َّن هذه الولاية القضائية «تمتد إلى الأراضى هناك ثلاث قنوات لتحريك الدعوى أمام المحكمة الجسيمة على أنها تمثل المجتمع الدولى فى التصدى
التى تحتلها إسرائيل منذ عام ،1967وبالتحديد غزة الجنائية :أولها ،عن طريق الإحالة من مجلس الأمن. لتلك الجـرائـم الشنعاء .وهناك إجماع بين فقهاء
والضفة الغربية ،بما فى ذلك القدس الشرقية وأ َّن ثانيها ،عن طريق الشكوى من الدول الأطراف .ثالثها، القانون الجنائى الدولى على أن ممارسة هذا المبدأ
المنطقة المعنية تشمل غزة والضفة الغربية ،بما فى عن طريق التحريك التلقائى للدعوى من المدعى العام. تسهم فى القضاء على سياسات الإفلات من العقاب.
ذلك القدس الشرقية. ومما لا شك فيه أ َّن طريق إحالة الوضع فى غزة أو وبالتالى فهو من الممكن أن يكون أداة قوية لملاحقة
الحعدداذلاةتهعانمتاصواقرًعا القضاء المتقدم يعتبر فى وإ َّن غيرها من الجرائم التى ُترتكب فى فلسطين سوف مرتكبى الجـرائـم الدولية الجسيمة فى غـزة عند
فلسطين وخطوة لتحقيق لدولة بسبب فيتو الدول الداعمة لإسرائيل يفظىلمداجئل ًماسماغللأًقما
وما يقع فى أراضيها من جرائم دولية جسيمة .ومن ـن .وممـا ُيذكر فى هـذا الشأن أ َّن وجودهم فى أراضى الدولى التى ُت َطبق هذا المبدأ.
الجدير بالذكر أ َّنه بتاريخ 3مارس 2021صرحت فلسطين دولة طرف فى النظام الأساسى للمحكمة ومما ُيذكر فى هذا الشأن أ َّن المحاكم البلجيكية
المدعية العامة السابقة للمحكمة بـأ َّن مكتبها فتح الجنائية الدولية ،وفى عام 2014تلقى مكتب الادعاء كانت قد لاحقت رئيس الـوزراء الإسرائيلى الأسبق
إرئيل شارون عام ،2001بتهمة ارتكابه مجزرة صبرا
وشاتيلا فى لبنان عام ،1982وف ًقا لمبدأ الاختصاص 40
الجنائى العالمي ،إعمالاً لأحكام قانون صادر بذلك
عام 1993كان يسمح للمحاكم البلجيكية بالنظر فى
قضايا الجرائم ضد الإنسانية أيا كان مكان وقوعها
أو جنسية مرتكبيها .إلا أ َّن السلطات البلجيكية
ألغت بعد ذلك هذا القانون بمقتضى قانون لاحق،
وبمقتضى القانون الجديد فإ َّن حق إقامة الدعوى
القضائية وف ًقا لمبدأ الاختصاص الجنائى العالمى
يقتصر على البلجيكيين أو الأشخاص الذين أقاموا
فى بلجيكا مدة ثلاث سنوات.
وبصفة عامة ،فإن الاتجاه التشريعى السائد فى
الدول التى أنفذت نصوص النظام الأساسى للمحكمة
الجنائية الـدولـيـة ،وعاقبت على جـريمـة الإبــادة
الجماعية ،والجرائم ضد الإنسانية ،وجرائم الحرب
فى تشريعاتها الوطنية ،يتطلب وجود الشخص الذى
أرتكب جرائم دولية جسيمة ،ولا يحمل جنسيتها
على أراضيها ،لكى تتمكن من محاسبته وف ًقا لمبدأ
الاختصاص الجنائية العالمي ،وهـو ما ُيطلق عليه
«الاختصاص الجنائى العالمى المشروط» .وحتى فى
حالة وجود الشخص المعنى على أراضى تلك الدول،
فإن مفهوم الحصانات السيادية – فى بعض الأنظمة
القانونية -من الممكن أن يحد من تطبيق هذا المبدأ.
-3محاكمة الـشـركـاء والضالعين فـى ارتـكـاب
الجـرائـم الدولية الجسيمة فى غـزة وف ًقا لأحكام
القانون الوطنى السارية فى دولهم
يمكن لمواطنى الدول المعنية اختصام المسئولين فى
دولهم فى حالة تورطهم أو مساهمتهم فى ارتكاب
الجرائم الدولية الجسيمة أمام محاكمهم الوطنية.
ومن الجدير بالذكر فى هذا السياق أ َّن مجموعة
من المحامين فى الولايات المتحدة الأمريكية ممثلين
لمنظمة حقوق الإنـسـان الأمريكية (مركز الحقوق
الدستورية) قد قدموا بتاريخ 13نوفمبر – 2023عن
منظمة الأطفال الدولية «فلسطين» -دعوى قضائية
أمام محكمة شمال كاليفورنيا الاتحادية ضد إدارة
الرئيس الأمـريـكـى جـو بـايـدن ،متهمة إيــاه ووزيـر
الخارجية ووزيـر الدفاع بالاشتراك والتواطؤ فى
ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية لسكان قطاع غزة،
على سند أ َّن من ضمن مسئوليات إدارة بايدن منع
الإبادة الجماعية ،بموجب القوانين والأعراف الدولية،
وف ًقا لصحيفة الدعوى التى ُقيدت برقم .Case No
.5829-cv-3:23ومن بين المدعين فى هذه القضية
بعض المواطنين الأمريكيين من أصول فلسطينية.
ويبدو أن الدعم غير المشروط لحكومة الولايات
المتحدة الأمريكية لإسرائيل ،رغم التقارير الأممية
المـوثـقـة بـشـأن قتل آلاف المـدنـيـن فـى غــزة ،بما
يرشح لارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ،ومد قوات
يناير 2024