Page 256 - merit
P. 256

‫العـدد ‪44‬‬                          ‫‪254‬‬

                                   ‫أغسطس ‪٢٠٢2‬‬

  ‫السليمة‪ .‬طالما بتقول على نفسك‬    ‫يساوي بينهما‪ ،‬يسكنون الجحور‪،‬‬          ‫وهذا غير صحيح‪ ،‬فشخصية أم‬
‫وحش‪ ،‬وشايف عيوبك يبقى لسه‬              ‫ويأكلون الفتات‪ ،‬يستطيع أي‬           ‫عبير الضعيفة لا تجعلها تملك‬
 ‫الذنوب لم تطمس على قلبك‪ ،‬لسه‬         ‫شخص أن يدهسهم في لحظة»‬              ‫الجرأة والشجاعة لتواجه الظلم‬
                                                          ‫ص‪.104‬‬
         ‫فيك نبتة خير» ص‪.142‬‬          ‫لكن الفقر لم يدفع البيسي ولا‬       ‫الاجتماعي التي تربطه بشخصية‬
 ‫هذا الكلام المنطقي‪ ،‬المرتب‪ ،‬يؤثر‬                                          ‫النائب بينما شمس ذاته مدان‪:‬‬
                                   ‫فتحي النونو‪ ،‬ولا يونس للسقوط‪،‬‬
    ‫في «شمس» لأنه كان في حالة‬           ‫بل قناعاتهم‪ ،‬وأخلاقهم التي‬      ‫«شوف بقى‪ ،‬لا يشتغل معاه‪ ،‬ولا‬
  ‫ضعف‪ ،‬وخذلان‪ .‬يهمه أن يعثر‬                                              ‫عاوزين نشوف وشه‪ ،‬كفاية اللي‬
   ‫على خطاب يعيد إليه إنسانيته‪.‬‬      ‫استحلت الحرام‪ ،‬تحت مسميات‬            ‫حصل‪ ،‬وأنا لولا شمس وخوفي‬
   ‫خاصة أن الشيخ البدري‪ ،‬طلب‬                              ‫عصرية!‬          ‫عليه ما كنتش فرطت في نفسي‬
    ‫منه ألا يغير من سلوكه‪ ،‬حتى‬                                            ‫مع كلب سعران زي النائب ده‪،‬‬
   ‫لا يثير الريبة‪ ،‬وتصل المفاجأة‬             ‫‪-6-‬‬
   ‫إلى منطقة خطيرة‪ ،‬حين يخبره‬                                                ‫افهم يا يونس‪ ،‬الموضوع ده‬
    ‫الشيخ بقدرته على توفير دور‬           ‫نؤكد أن الانفتاح كان بداية‬                     ‫انتهى» ص‪.122‬‬
   ‫في مسلسل أو فيلم تلفزيوني‪.‬‬         ‫للخراب‪ ،‬غير أن النظرة المدققة‬
‫وهذا صحيح‪« :‬الدين بيتحارب يا‬                                                 ‫وفي مونولوج داخلي تكررأم‬
  ‫شمس‪ ،‬وزي ما بيقولوا الحرب‬              ‫للأمور‪ ،‬ترى جوانب أخرى‬          ‫عبير ذات المعنى لتحرر ذاتها من‬
   ‫خدعة‪ .‬احنا محتاجين لشخص‬              ‫للموضوع‪ ،‬منها حالة التميع‬
 ‫ما يكونش عليه شيء عند اخوانا‬                                               ‫الخطيئة‪ ،‬فهي تجعل سقوطها‬
                                          ‫التي أصابت المسئولين في‬         ‫بوابة لحرية شمس‪ ،‬أتصور أن‬
                ‫البعدا» ص‪.143‬‬            ‫بداية السبعينيات‪ ،‬فوسعت‬           ‫هذا المنهج المغلوط ظل مسيط ًرا‬
    ‫يطلق على شمس اسم حركي‪،‬‬              ‫من تواجد الجماعات الدينية‪،‬‬       ‫على عقلها‪ ،‬حتى وعشيقها يحزم‬
 ‫وهو عبد السميع‪ ،‬وحين يصارح‬             ‫وحاربت التجمعات اليسارية‬         ‫حقائبه ليفر من «البيت المدنس»‪:‬‬
   ‫إيمان بمشاكله بخصوص ابنه‬          ‫عامة‪ ،‬والناصرية خاصة‪ ،‬وسط‬           ‫«لو تدرك يا شمس ما قدمته من‬
                                      ‫عودة السماسرة بأقنعة اليمين‬          ‫روحي في سبيلك‪ ،‬لو تعلم أني‬
      ‫القادم من علاقته بأم عبير‪.‬‬     ‫الرجعي والذي انعكس بوضوح‬           ‫قضيت على نفسي بالسجن طوال‬
  ‫رفضت الأمر بشدة‪ ،‬أدركت أنه‬          ‫على العادات‪ ،‬والتقاليد‪ ،‬والزي‪،‬‬    ‫العمر بين زوايا خطيئتي من أجل‬
                                   ‫واللهجة‪ ،‬ووصل ذلك إلى تفصيله‬
     ‫أحاطها بالكذب طول الوقت‪،‬‬           ‫صغيرة دالة‪ ،‬في إلغاء عادات‬          ‫أن أمهد لك طريق الحرية‪ ،‬ما‬
  ‫وحان الوقت كي تخلص نفسها‬          ‫شعبية ذات أصول تليدة لصالح‬          ‫كنت تعزف عني‪ ،‬كنت تقدس ذلك‬
‫من صفقة «مضروبة» أو خاسرة‪:‬‬              ‫فكر صحراوي‪ ،‬يبث السأم‪،‬‬           ‫الجسد وتعبد تلك الروح المنهكة»‬
  ‫«كادت تصدقه‪ ،‬ولكنها رفضت‪،‬‬           ‫ويحرم الفن‪ ،‬ويقمع المختلفين‪.‬‬
 ‫رفضت أن تكون لحظة عابرة في‬            ‫في المعتقل‪ ،‬يتعرف شمس على‬                               ‫ص‪.114‬‬
‫حياة أيوب‪ ،‬لحظة صدق بين تلال‬       ‫الشيخ محمد البدري‪ ،‬الذي ينجح‬             ‫شمس الذي خرج من المعتقل‬
   ‫من الزيف‪ .‬لقد كذب عليها منذ‬     ‫في تجنيده‪ ،‬خلال فترة المعتقل‪ ،‬في‬        ‫مه َّد ًما‪ ،‬كان يقضي يومه نائ ًما‪،‬‬
‫تعارفا‪ ،‬لم يخبرها شيئًا عن حياته‬     ‫إمبابة يحاول إقناعه بالانضمام‬          ‫حتى لا يتذكر أيامه السوداء‪،‬‬
   ‫المتوارية بين أحضان أم عبير‪،‬‬    ‫إلى الخلية التي كونها س ًّرا في هذا‬
   ‫لن تقبل بشراكة امرأة أخرى»‬       ‫المكان‪ ،‬يتعامل معه محاو ًل مسح‬             ‫وحين يذهب لإحدى الدور‬
                                     ‫ذاكرته‪« :‬أب ًدا يا بني‪ ،‬مفيش حد‬     ‫المتهالكة في الحي الفقير‪ ،‬يستعيد‬
                       ‫ص‪.189‬‬       ‫اتخلق وحش‪ .‬الزمن اللي احنا فيه‪،‬‬      ‫فكرة الفقر الذي هو سبب رئيسي‬
‫نكاد نوقن أن إيمان لفرط صدقها‬        ‫والناس‪ ،‬والنظام‪ ،‬فرضوا علينا‬
 ‫أفلتت من المصيدة التي أعدت لها‬       ‫كده‪ ،‬كلنا مخلوقين على الفطرة‬            ‫في السقوط المتكرر حتى أنه‬
                                                                        ‫يشبِّه الفأر بالإنسان الواقع تحت‬
  ‫بإحكام‪ ،‬وها هي ترفض وضع‬
   ‫الشريك المؤقت‪ ،‬وهذا يعني أن‬                                            ‫ضغط الحياة فكلاهما منسحق‪:‬‬
                                                                         ‫«تذكر ُجحر الفأر الذي رافقه في‬
                                                                         ‫الزنزانة‪ ،‬ح َّدث نفسه أنه لا فرق‬
                                                                         ‫بين هؤلاء البشر والفئران‪ ،‬الفقر‬
   251   252   253   254   255   256   257   258   259   260   261