Page 257 - merit
P. 257

‫‪255‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫كتب‬

 ‫الرواية‪ ،‬والشخصيات‪ ،‬رغم أنها‬            ‫استقصاء نماذج أخرى عبر‬            ‫رياح الانفتاح ع َّرت النفوس‬
 ‫من المهمشين فهي تحاول حسب‬            ‫فترات أخرى‪ ،‬بمعنى أن السرد‬          ‫الضعيفة فقط‪ ،‬وظلت النفوس‬
                                    ‫الروائي لم يحبس الشخصيات في‬
      ‫قدراتها الانفلات من قبضة‬                                              ‫المستقيمة‪ ،‬قابضة على جمر‬
         ‫الضغوط الواقعة عليها‪.‬‬                      ‫الزمن أو المكان‪.‬‬                          ‫اليقين‪.‬‬
                                      ‫‪ -‬ثراء المخيلة‪ ،‬وتشكيل الفضاء‬
       ‫‪ -‬عنوان الرواية يشير إلى‬                                          ‫حين يسمع شمس خبر إصابة‬
 ‫الشخصية الأم‪ ،‬فهو شمس وهو‬               ‫الروائي بحيث شمل أحداث‬          ‫الرئيس السادات أثناء حضور‬
‫نجم ساطع‪ ،‬وبسبب ما وقع عليه‬         ‫ووقائع حية‪ ،‬وارتبط ذلك بالقدرة‬
  ‫من مصائب ونكسات تحمل كل‬                                                   ‫العرض العسكري‪ ،‬يسارع‬
                                          ‫على التعبير بدقة عن طبيعة‬   ‫بالتمويه‪ ،‬ويهرب من تلك الجماعة‬
         ‫ذلك بصبر‪ ،‬لكأنه أيوب‪.‬‬      ‫الشخصيات‪ ،‬وعلاقاتها المتشابكة‪.‬‬    ‫التي أوشكت أن تذهب به إلى حبل‬
 ‫‪ -‬ترفض الكاتبة فكرة الاعتقال‪،‬‬      ‫‪ -‬لا يخفى على المتلقي تلك النبرة‬  ‫المشنقة‪« :‬يخبره أحدهم في مكالمة‬

     ‫والتعذيب الذي جرى لبعض‬              ‫المتأسية التي تسوق الكاتبة‬       ‫مقتضبة أن أمن الدولة قبض‬
‫فصائل سياسية في أزمنة حددتها‬             ‫من خلال الأحداث عبر وعي‬          ‫على الشيخ البدري وجماعته‪،‬‬
                                        ‫بالتحولات في البنية الفكرية‪،‬‬  ‫يشعر بالقلق‪ ،‬يحلق ذقنه‪ ،‬ويخلع‬
                      ‫بوضوح‪.‬‬                                              ‫الجلباب‪ ،‬يهرول لغرفة النوم‬
      ‫‪ -‬أشارت الكاتبة إلى ظهور‬             ‫والتشكلات الجمالية التي‬        ‫يخرج كل الأوراق التي تثبت‬
‫الاسلام السياسي‪ ،‬وأبانت طريقة‬                            ‫صاحبتها‪.‬‬          ‫أن بينه وبين جماعة البدري‬
  ‫التجنيد‪ ،‬والمفاهيم‪ ،‬والتصورات‬                                           ‫معاملات مالية‪ ،‬يصعد سطح‬
    ‫التي ترتبط بخطابهم المؤدلج‪.‬‬            ‫‪ -‬الشخصيات ذات طبيعة‬       ‫العمارة ويشعل النار في الأوراق»‬
 ‫‪ -‬لدى الكاتبة أريحية في التعامل‬       ‫وجودية‪ ،‬قلقة‪ ،‬تنزع للخلاص‬        ‫ص‪ .224‬هذا الصعود للاختباء‬
   ‫مع شخصياتها‪ ،‬فهي تترك لها‬                                           ‫من صفقة خاسرة‪ ،‬هو في الوقت‬
 ‫مساحة للتعبير عن ذواتها‪ ،‬دون‬             ‫الفردي‪ ،‬وهي تحاول دائ ًما‬   ‫نفسه هبوط معنوي له‪ ،‬فهو يعود‬
 ‫تدخل منها أو فرض وصاية على‬              ‫الانفلات من مصيرها المؤلم‪،‬‬     ‫لسيرته الأولى‪ ،‬حيث لا موقف‪،‬‬
                                      ‫غير أن الجانب القدري لا يطلق‬
                       ‫سلوكها‪.‬‬      ‫لذواتها العنان كي تحقق أهدافها‪.‬‬         ‫ولا تخطيط للمستقبل‪ ،‬فهو‬
‫‪ -‬ربما آخذ على الكاتبة تلك الحكم‬        ‫‪ -‬خلال (‪ )47‬فص ًل‪ ،‬تمكنت‬         ‫كالحرباء‪ ،‬يتلون حسب طبيعة‬
                                      ‫الكاتبة من استعراض الأحداث‪،‬‬
     ‫المصكوكة التي تعبر بها عن‬                                                                ‫المرحلة‪.‬‬
   ‫مواقف خاصة بالحب‪ ،‬والموت‪،‬‬               ‫وبرعت في الانتقال المكاني‬
    ‫والحرية‪ .‬أتصور أن العبارات‬       ‫والزماني‪ ،‬دون الشعور بانقطاع‬               ‫‪-7-‬‬
  ‫الواردة كانت للكاتبة أقرب منها‬
                                         ‫ما‪ ،‬وتلك مهارة تعود لخبرة‬        ‫محددات أساسية في الرواية‪:‬‬
                    ‫للشخصية‪.‬‬                                ‫الكاتبة‪.‬‬  ‫‪ -‬تتمتع «يا شمس أيوب» بحيوية‬
      ‫‪ -‬ض َّمنت الكاتبة في إهدائها‬
  ‫عبارات ذات نسق شعري محلق‪،‬‬          ‫‪ -‬تستخدم الرواية لغة سهلة‪ ،‬لا‬      ‫السرد‪ ،‬واقتناص المفارقات عبر‬
                                    ‫معاظلة فيها‪ ،‬يغلب عليها البساطة‬     ‫حفر دؤوب عن جذور السقوط‬
        ‫فيما الرواية مرثية حزن‪.‬‬
   ‫‪ -‬أعجبني اختيار غلاف للفنان‬          ‫دون أن يعني ذلك السطحية‪،‬‬          ‫التراجيدي لشخصيات مثقلة‬
‫السوري مروان قصاب‪ ،‬فكان عتبة‬         ‫لكونها تفهم دوافع الشخصيات‪،‬‬           ‫بهمومها‪ ،‬وندوبها الروحية‪.‬‬
    ‫طيعة للدخول للمتن السردي‪.‬‬                                          ‫‪ -‬النماذج التي قدمها القص من‬
  ‫وأخي ًرا هذه مجرد قراءة سريعة‬            ‫وملمة بجوانبها (الداخل)‪.‬‬     ‫واقع الحياة‪ ،‬وهي تعكس تنو ًعا‬
                                      ‫‪ -‬استخدمت الكاتبة في حوارها‬
       ‫للرواية التي ردتنا إلى فترة‬    ‫اللهجة الدارجة‪ ،‬أتصور أن هذا‬                  ‫خ َّل ًقا في التكوين‪.‬‬
 ‫تاريخية من حياتنا‪ ،‬جعلتنا نرقب‬                                       ‫‪ -‬بالرغم من أن الكاتبة قد حددت‬
                                         ‫الاختيار جعلنا نتلقى النص‬
   ‫حيوات سابقة لنا‪ ،‬بتأمل عميق‬       ‫بأريحية‪ ،‬دون الشعور بهوة بين‬          ‫فترة تاريخية‪ ،‬جرت خلالها‬
                                                                          ‫الوقائع إلا أن المنطق يقتضي‬
                                                  ‫المكتوب والمنطوق‪.‬‬
                                      ‫‪ -‬سادت الأحداث ظلال قاتمة‪،‬‬
                                        ‫يعود ذلك للزمن الذي عالجته‬
   252   253   254   255   256   257   258   259   260   261   262