Page 258 - merit
P. 258

‫العـدد ‪44‬‬                                            ‫‪256‬‬

                                                                                                     ‫أغسطس ‪٢٠٢2‬‬  ‫فاطمة عطية‬
                                                                                                                 ‫الشرنوبي‬
    ‫«ماكيت القاهرة»‪..‬‬
‫اللاتناهي وُلعبة الحياة‬

    ‫بحيوا ٍت لا تنتهي يدور حوله‪.‬‬      ‫القديمة تعني ُنشوء الكون‪ ،‬فإن‬          ‫الدائرة‪ ..‬حكاي ُة الأرض‬             ‫«إن‬
      ‫في وصف ِه مكتب المسز داخل‬        ‫تأملنا الكون سنجد كل ما فيه‬          ‫والشمس‪ ،‬حكاية ال ُوجود‬
  ‫الجاليري‪ ،‬تتوسط طاولة دائرية‬       ‫يتحرك في دوائر ُمقفلة‪ ،‬الكواكب‬
     ‫غرفة دائرية والتي بدورها –‬       ‫والنجوم والمجرات كلها تتحرك‬           ‫الجاليري يتوسط ماكيت‬
  ‫الطاولة‪ -‬تتوسطها فجوة ضيقة‬          ‫في مسارات دائرية‪ .‬والدائرة‪ ،‬إ ْذ‬        ‫القاهرة بالضبط‪ ..‬كأن‬
    ‫حيث تجلس المسز في مركزها‪،‬‬       ‫لا تحدها بداية أو نهاية‪ ،‬ترمز إلى‬          ‫المدينة كلها تسبح في‬
                                     ‫اللاتناهي‪ ،‬اللامحدودية‪ .‬استطاع‬            ‫فلكه‪ ،‬دائر ٌة شاسعة‪..‬‬
       ‫فور قراءتي لوصف المكان‬        ‫الكاتب من كثافة استخدامه كلمة‬           ‫هو مركزها‪ ،‬وكأنه دائرة داخل‬
 ‫انعكس في خيالي صورة للمجرة‪:‬‬                                                                        ‫دائرة»‪.‬‬
  ‫مجموعة من الكواكب تدور كلها‬            ‫«دائرة» و»دائري» أن يجعل‬            ‫في عالم «ماكيت القاهرة» الشاسع‬
  ‫خاضعة حول نجم الشمس الذي‬              ‫القارئ يشعر بذاته ساب ًحا في‬         ‫اللامتناهي والذي تبدأ أحداثه من‬
                                         ‫ذات الدوائر التي يسبح فيها‬
    ‫يشع الحياة إلى الكون بأسره‪.‬‬        ‫«نود» و»بلياردو» و»أوريجا»‪،‬‬          ‫المستقبل‪ ،‬من ‪ ،2045‬ندور في فلك‬
   ‫فإذا انتقلنا من مكتب المسز إلى‬   ‫ويدرك مبك ًرا أن شيئًا ما ذا علاقة‬       ‫القاهرة بماكيتاتها الحية المتعاقبة‪،‬‬
  ‫غرف المبيت التي ُخصصت لنود‬
‫وأوريجا نجد نوافذ مدورة تتوسط‬                                    ‫طارق إمام‬       ‫كل بضعة أعوا ٍم يول ُد ماكي ٌت‬
   ‫الجدار‪ .‬أما عن نصيب بلياردو‬                                                  ‫جديد لقاهر ٍة منص ِرمة‪ ،‬وتأتي‬
  ‫من الدوائر فإن طاولة البلياردو‬                                            ‫قاهرة ‪ 2011‬في مقدمتها‪ .‬في فضا ٍء‬
  ‫في حلمه المتكرر كانت ‪-‬على غير‬                                             ‫لامتنا ٍه من الماكيتات المتتالية‪ ،‬خلق‬
  ‫عادة طاولات البلياردو‪ -‬دائرية‬                                              ‫طارق إمام عالمًا كل ما فيه دائري‬
  ‫الشكل‪ ،‬وكذا خشبة المسرح التي‬
   ‫وجد نفسه دائ ًرا حول نفسه في‬                                                   ‫الشكل والحركة حتى صار‬
   ‫مركزها‪ ،‬كانت أي ًضا ذا تصمي ٍم‬                                              ‫القارئ‪ ،‬بدوره‪ ،‬يدور مرغ ًما في‬
    ‫دائر ٍّي‪ .‬والأشد غرابة يأتي في‬                                              ‫فلك الرواية كما تدور القاهرة‬
  ‫عرض الفيلم الذي صورته نود‪،‬‬                                                  ‫في فلك الجاليري وتدور الأرض‬

      ‫فقد ُعرض على حائط دائري‬                                                     ‫حول الشمس وحول نفسها‬
     ‫بالكامل‪ ،‬لتجبر المشاهد ‪-‬كما‬                                                          ‫لتبقى حية تتنفس‪.‬‬

                                                                                ‫الدائرة لدى بعض الحضارات‬
   253   254   255   256   257   258   259   260   261   262   263