Page 43 - merit
P. 43

‫‪41‬‬          ‫إبداع ومبدعون‬

            ‫رؤى نقدية‬

                                                                    ‫وقد أضحت السردية عنده‬

                                                                    ‫ضر ًبا من الكتابة بالجمر‬
                                                                       ‫والسخرية المرة التي‬

                                                                    ‫تعري الواقع فيتعرى‬

                                                                     ‫ساف ًرا عن متناقضاته‬
                                                                    ‫ومفارقاته وإرهاصاته‪.‬‬

                                                                    ‫مثلما كان للبوح الوجداني‬

                                                                    ‫دور في إكساب نصوصه‬

                                                                    ‫غنائية أثناء لحظات‬

                                                                    ‫الاعتراف وجلد الذات‪،‬‬

                                                                    ‫فتنشأ المعاني موقعة «أنة‬

                                                                    ‫برنة» كما يقول أستاذنا‬

                                                                    ‫توفيق بكار‪ .‬ومثال ذلك‬

                                                                    ‫البوح الوجداني للبطل‬

                                                                    ‫في أقصوصة «جرح في‬

‫توفيق بكار‬  ‫الأزهر الصحراوي‬                         ‫إدوار الخ ّراط‬  ‫الذاكرة»‪« :‬حرام أن تظل‬
                                                                      ‫أيها الوجه لي ف ُخذ ما‬
                                                    ‫تبقى فيك من فرح وفارقني فليس هنا سوى خرا ٍب‬
‫اتسا ًعا عن هموم الإنسان الذي يطمح إلى عالم أكثر‬
    ‫متعة وإنسانية»(‪ )3‬إلى حد تصبح اللغة معها في‬     ‫يناجي الخراب وعد ٍم للعدم يغني»‪ .‬فسلاسة كتابة‬
                      ‫مجملها استعار ًة أو مجا ًزا‪.‬‬  ‫الجملة وموسيقية السرد تعمق معنى البوح وتوغل‬

  ‫وقد اخترنا أن ننظر إلى الصورة من زوايا البيان‬                     ‫في أعماق النفس تسبر أغوارها‪.‬‬
   ‫(التشبيه والاستعارة) والمعجم وهي أدوات فنية‬
  ‫شكلت الصورة الشعرية في نصوص الصحراوي‬              ‫وبفضل كل هذه الإمكانيات والممكنات الإيقاعية‬
‫السردية ومنحتها ممكنات التخييل والتجاوز لتخلق‬
 ‫دلالة جديدة مشبعة بطاقة البث الإيحائي‪ ،‬فتصبح‬       ‫كان للبعد الغنائي دور في تشكيل حكائية النص‬

     ‫القصة مرتبطة بكل حكي تأملي‪ ،‬فكري‪ ،‬ذهني‪.‬‬        ‫ودلالاته‪ .‬على أن إيقاعية التشكيل وموسيقية الجملة‬
     ‫التشابيه‪ :‬وأمثلة ذلك في المجموعة كثيرة منها‪:‬‬
 ‫‪( -‬أقصوصة الذهاب إلى المغسل)‪« :‬قالت الأم وفي‬           ‫والتركيب لم تلغ عنصر السردية ناظ ًما للنص‬
‫صوتها شيء كأنه اليقين‪ :‬الغراب كان طائ ًرا أبيض‬      ‫بحيث «لا تجرفه الشعرية على أن يكون قصيدة»(‪)2‬‬

                                       ‫كالثلج»‪.‬‬     ‫كما يقول إدوار الخراط‪ ،‬فلا يغرق النص السردي‬
  ‫‪( -‬جرح في الذاكرة)‪« :‬هذه أنت أيتها الحياة‪ ..‬كل‬
‫شيء فيك يذكر بشيء‪ ..‬ملعونة أنت فإنك حفلة قتل‬        ‫عنده في نشوة غنائية قد ُتضيع حدود الحكاية‬
                                                                    ‫وتفق َدها هويتها النوعية‪.‬‬
                                     ‫لا تنتهي»‪.‬‬     ‫* الصورة‪ :‬إن اللغة القصصية الشعرية هي‬
      ‫‪( -‬رعب التلاقي)‪ :‬البطل‪« :‬كنت أحس بشيء‬
 ‫يشبه الاشتعال في داخلي فكأنما كبدي ُتشوى على‬       ‫لغة انزياح تمنح القصة زخ ًما دلاليًّا يفتح القراءة‬
                                                       ‫والتأويل على أبعاد خصبة‪ ،‬فتنشأ اللغة حبلى‬
                                        ‫الجمر»‪.‬‬
    ‫‪ -‬الحبيبة وحيدة وقد غادرت فج ًرا‪« :‬لا تنشغل‬     ‫بالرموز ومفعمة بالدلالات‪ .‬فنخرج من طور‬
 ‫فقد ارتحلت مع الفجر‪ ..‬سيأكلنا الفراق من جديد‪..‬‬
                                                    ‫التعيين والتصريح إلى طور التلميح والترميز‪،‬‬

                                                    ‫ومن إطار المعياري إلى إطار الإيحائي فتصبح‬
                                                    ‫اللغة القصصية لغة شعرية ناظمة لصور ٍة تحمل‬

                                                    ‫كما يقول علي حسين محمد «رؤية للإحباط التي‬

                                                    ‫نواجهها في عالمنا وتحمل العديد من الدلالات‬

                                                    ‫المباشرة المفتوحة على دلالات نجدها بالتأمل أكثر‬
   38   39   40   41   42   43   44   45   46   47   48