Page 42 - merit
P. 42
العـدد 44 40
أغسطس ٢٠٢2
وقد ارتأينا أن ننظر إلى تجليات الشعرية في وقد حضرت الشعرية في نصنا منذ العنوان
هذا النص السردي من زاوية الإيقاع والمعجم «أضاعوني» (عنوا ًنا للمجموعة وللقصة السادسة
منها) .فكان العنوان ،وهو واجهة المجموعة وإحدى
والصورة: عتباتها ،مبتدأ لخبر هو متن الحكاية ،رجع صدى
* الإيقاع :يتجلى الإيقاع في نص الصحراوي في لصوت شعري يحمل معنى الفقد والفجيعة ينتشر
الصوت واللفظ تردي ًدا وتشقي ًقا وتجني ًسا وتصري ًعا
وترصي ًعا ،كما يتجلى في العبارة والتركيب معاودة عبر التاريخ مسترج ًعا معاناة شاعر (العرجي)
قضى تسع سنوات في السجن حتى قضى فيه
وموازنة :ومن أمثلة ذلك: فكان لبيته صدى بين الشعراء (الحريري ،ابن
-ترديد بعض الألفاظ( :أقصوصة الدين)« :وإذا اللبانة ،الصيرفي ،ابن نباتة ،الرمادي )..يرددونه
بأمي تقف مذعورة فنظرت حيث تنظر فإذا الناس
ويضمنونه أشعارهم (*).
يتراكضون إلى منزل جدي فركضنا». وفي الحقيقة فقد كان لأصوات الشعراء حضور
-الجناس( :أقصوصة الدين)« :وصرنا نؤرخ لافت في الكثير من نصوص المجموعة فيحضر
جمي ًعا لهجرته بالميلاد والهجرة ولم يعد أبي إلى أحمد شوقي بـ»جارة الوادي» وإبراهيم ناجي
حد اليوم من الهجرة». بـ»أطلاله» وذو القروح بمعلقته.
-الاشتقاق( :أقصوصة الذهاب إلى المغسل)« :احتد فاستعار الأزهر الصحراوي من الشعر صو ًتا
يعبر في نصه السردي عن معاني الفقد والضياع
الصراع بينهما الغراب وحاج قاسم .مناورات والفاجعة التي انتشر أنينها وتردد رنينها في
وخداع واحتيال في الهجوم والصد يا لها من بسالة كل أرجاء المجموعة لتضفي عليها غنائية حزينة
موحية بمعاني الحرمان والبؤس والغبن والكآبة
في التصدي والصمود». والجدب والجهل ..بل تبلغ الغنائية الحزينة أحيا ًنا
( -أقصوصة رعب التلاقي)« :هذا زمان الحب
درجة النواح كما في القصة السابعة ( ُنواح)
فأحبيني». وتؤلف أحيا ًنا أخرى إيقا ًعا جنائز ًّيا مرعبًا فتعلق
( -خريف الهلاليين)ُ « :رح ٌل نحن وتلك رحلتنا
الأخيرة كنا وقتها في دبر الصيف لما رعدت الرعود بالقلوب وحش ٌة مؤلم ٌة( .خريف الهلاليين) .فلا
يفترق في نصه الشعري عن السردي ،بل يخترقه
وبرقت البروق». ليكثف طاقته الإيحائية وقدرته التخييلية تصوي ًرا
-الترصيع( :أقصوصة رعب التلاقي)« :فبكيتها وتوقي ًعا وترمي ًزا .فيدخل السردي في حوار طريف
مع الشعري يأخذ كما يقول سعيد السريحي في
وترمدت ..أهملت نفسي وتشردت». «الكتابة خارج الأقواس» «أبعا ًدا مختلفة تمتد من
-تكرار بعض العبارات( :أقصوصة الذهاب إلى الاستفادة من النبر والإيقاع في الارتفاع بالسرد
والحوار عن المألوف والعادي والولوج به في عوالم
المغسل)« :والرجال يجلسون القرفصاء والماء
يجري ..نادته جارتهم ذهبية وجلس قبالتها يتأمل النفس من خلال إشعارنا بأننا أمام لغة متميزة
الماء الذي يجري ..أما الفخذان البيضاوان فقد ذابا تحمل نبض الحس وإيقاع الحياة ،وكذلك الاستفادة
من العبارة الشعرية التي تلجأ إلى تكثيف الصورة
في الماء فهما في الماء كالماء الذي يجري في الماء». والرمز في محاولة أن تؤدي العبار ُة أكب َر قدر ممكن
-لازمة «أضاعوني وأي فتى أضاعوا» في
أقصوصة «أضاعوني». من الدفقات التي تسعى نحو تحديد أبعاد الرؤيا
-صوت الجدة يتردد كاللازمة في «خريف التي تقف خلف هذا العمل»( .)1فتخرجنا الشعرية
من طور الكتابة المشدودة إلى الواقع بصلة المشابهة
الهلاليين»« :ياعائدة ناوليني شربة ماء لقد تيبس إلى طور الكتابة الموحية بالواقع ترمي ًزا وتلمي ًحا
الريق في حلقي».
فتفتح للتأمل فضاءات وللتأويل مساحات.
-الموازنة :ما ورد على لسان البطل في أقصوصة
(رعب التلاقي)« :وكتبت أشعا ًرا ومزقتها وبنيت
قص ًصا ولكني أتلفتها».
كما استثمر الكاتب مكونات المقابلة والمفارقة لتعميق
دراما السخرية والشعرية في بنية نصه السردي،