Page 96 - merit
P. 96

‫العـدد ‪44‬‬  ‫‪94‬‬

                                                      ‫أغسطس ‪٢٠٢2‬‬

‫آراس حمي‬

‫(تركيا)‬

‫سيرة شبح‬

  ‫وهكذا عشت مع نفسي الشبحية ومع هذه الحياة‬               ‫لا أعرف ماذا تعني الحياة‪ ،‬جربت شيئًا مشاب ًها‬
    ‫المصطنعة الرخيصة أوقا ًتا لا تستحق أن يكون‬             ‫لها‪ ،‬لا شيء يدل على أنها كانت أصلية‪ ،‬كانت‬
                                                           ‫تتعطل كثي ًرا وفيها الكثير من العيوب الباطنية‬
 ‫لها ذاكرة ولا حنين‪ ،‬أوقا ًتا لا تتحملها الطبيعة ولا‬
   ‫اللغة‪ ،‬فلم أكن لحسن الحظ بط ًل في أي شيء‪ ،‬لم‬         ‫الواضحة على وجهها ظاهري‪ ،‬وأنا‪ ،‬وأنا أي ًضا لم‬
‫أنجح في أية عملية ذهنية أو واقعية‪ ،‬بالكاد استطعت‬      ‫أكن أصليًّا‪ ،‬كنت تجمي ًعا لمكونات معادة التكرار عدة‬
  ‫بين الفينة والأخرى أن أجد نفح ًة جوهرية كاذبة‬
‫حتى أجلد نفسي عن طريقها‪ ،‬إذ لم أجد فيما أنا فيه‬        ‫مرات‪ ،‬مكونات يلعب بها الصدأ‪ ،‬مكونات ضربتها‬
  ‫مساحة حرية لأدرك أنني موجود‪ ،‬والوجود الذي‬              ‫شيخوخة الزمن فتكسرت في أماكن كثيرة‪ ،‬كنت‬
‫كنت فيه رأيته ببصيرتي الساقطة‪ ،‬وكنت كلما أجلد‬
 ‫نفسي أتقيَّأ حتى أنسى الأكاذيب التي أفتعلتها‪ ،‬ثم‬      ‫حين أنظر إلى نفسي في المرآة أرى شب ًحا لا يرعب‬
 ‫في النهاية‪ ،‬وكأي شخ ٍص لا حقيقة فيه‪ ،‬لم أنظر في‬          ‫إنسا ًنا ولا حتى فأ ًرا‪ ،‬وهذا ما كان يرعبني‪ ،‬أن‬
  ‫الخلود‪ ،‬ولا في المعنى‪ ،‬ولا في الغاية‪ ،‬تقبلت موتي‬       ‫كون مطرو ًدا من مملكة الأشباح‪ ،‬كما أنني كنت‬
                                                            ‫مطرو ًدا من نفسي‪ ،‬لم أكن أطيق نفسي هذه‪،‬‬
     ‫سري ًعا‪ ،‬بدأت أقطع اللحم من جسدي وأطبخه‬
‫وآكله‪ ،‬ولأن جسدي عاد ينمو أخذت قبضة أقرا ٍص‬             ‫أزحف على نفسي لكي لا أعلمني المشي المستقيم‪،‬‬
 ‫منومة ولم أعد‪ ،‬أنا الآن ميت‪ ،‬لا مشاعر ع َّما كنت‪،‬‬       ‫أرمي نفسي عن السرير لع َّل شيئًا ما يتحطم ف َّي‬
                                                       ‫فلا أعود صاحب أي سم ٍو زائف على نفسي‪ ،‬ألعق‬
     ‫كانت مجرد رحلة تافهة‪ ،‬لا أفكار‪ ،‬كان لي عقل‬           ‫أحزان البشر العالقة بالأرصفة لأشبع جشعي‬
 ‫ساذج لا يحركه أي شي ٍء أصيل‪ ،‬لا موت‪ ،‬لا أدرك‬            ‫نحو الكمالية الخيالية‪ ،‬أنظر من ثقب قلبي للعالم‬

                          ‫أي ًضا ماذا يعني الموت‪.‬‬          ‫الخارجي المتهالك وأضحك بكل ما بي من شر‬
                                                        ‫كاذب‪ ،‬أرمي النظرات العابثة هنا وهناك‪ ،‬أتلاعب‬
                                                        ‫بأفكار الأشخاص من حولي حتى أخدع اهتمامي‬
                                                      ‫المبالغ بعيوبي ونقائصي وشبحيتي العاطلة الثقيلة‪،‬‬
   91   92   93   94   95   96   97   98   99   100   101