Page 98 - merit
P. 98

‫العـدد ‪44‬‬  ‫‪96‬‬

                                                   ‫أغسطس ‪٢٠٢2‬‬

 ‫من وسائل الإعلام الأكثر انتشا ًرا حول العالم من‬     ‫أبي سياف تحدي ًدا دون الحصول على موافقته في‬
 ‫الوسيلة الإعلامية التي أعمل فيها‪ ،‬فلماذا اختارني‬   ‫إجراء اللقاء‪ ،‬حتى أن بعضهم خصص مبالغ مالية‬

‫من بين الجميع؟ كنت لا أزال ألف وأدور حول ذلك‬           ‫ستدفع له في حال الموافقة على إجراء لقاء معه‪.‬‬
                                                    ‫ولأعترف بأن أفكا ًرا غريبة انتابتني لدى حصولي‬
‫السؤال‪ ،‬عندما تلقيت خبر ذهابنا باتجاه ريف حلب‬      ‫دون غيري على موافقته على إجراء المقابلة‪ ،‬وخاصة‬

 ‫على الفور‪ .‬تركت كل الأسئلة الضبابية التي كانت‬           ‫عندما تذكرت الصور الكثيرة التي حملتها لنا‬
                                                    ‫الفيديوهات الدموية عن تدحرج الرؤوس البشرية‬

                                                         ‫على الأرض على وقع ضربات سيوف جيشه‬
                                                       ‫المسمى بالجيش المحمدي‪ .‬وتساءلت بيني وبين‬
                                                      ‫نفسي للحظات‪ :‬هل يعقل أنه يود استدراجي إلى‬

                                                                                 ‫هذه المقابلة لقتلي؟‬
                                                         ‫ما لبثت أن سألت نفسي سؤا ًل آخر وكأنني‬
                                                    ‫استيقظت من كابوس مرعب للتو‪ :‬لماذا سيختارني‬
                                                    ‫من بين كل هؤلاء الصحافيين المتزاحمين على نقل‬
                                                      ‫أخبار الحرب من الجبهات مباشرة إلى العالم؟ لا‬
                                                    ‫أب ًدا‪ ،‬هذا غير وارد‪ .‬يجب عليَّ طرد هذه التصورات‬
                                                   ‫الغريبة عن مخيلتي واستغلال هذه الفرصة الذهبية‬

                                                               ‫بإجراء المقابلة حالما يتم تحديد الموعد‪.‬‬
                                                    ‫حينما أخبرت مسؤول قسم الأخبار في التليفزيون‬
                                                     ‫الذي أعمل فيه عن خبر إجراء المقابلة قريبًا‪ ،‬فرح‬

                                                        ‫المسؤول‪ ،‬وأكدت له على عدم إذاعة الخبر قبل‬
                                                   ‫إجراء المقابلة‪ .‬وكان رأيه بأن سبب موافقة الحموي‬
                                                    ‫يعود إلى السمعة الطيبة للتليفزيون وكثرة متابعيه‬

                                                     ‫ومشاهديه‪ ،‬وليس لشيء آخر‪ .‬لذلك ينبغي إعطاء‬
                                                      ‫أهمية قصوى لهذه المقابلة‪ ،‬ومن طرفه سيساهم‬
                                                   ‫في توفير كل التسهيلات اللازمة لإجرائها في أقرب‬
                                                   ‫وقت‪ .‬أبعدت كلماته هذه أشباح الموت الذي أحضره‬
                                                    ‫لي أبو سياف الحموي عن تفكيري‪ ،‬واستبعدت أن‬
                                                     ‫يكون ذلك ف ًّخا نصبه لي‪ ،‬إلا أن القلق لم يبارحني‬

                                                        ‫والوشوشات الخيالية لم تغادر مسمعي طوال‬
                                                                                           ‫الوقت‪:‬‬

                                                       ‫‪ -‬هناك شيء ما غير مفهوم وراء هذه الموافقة‬
                                                        ‫على إجراء المقابلة‪ ،‬هناك سر مخفي‪ ،‬بذلت كل‬

                                                                   ‫جهودي لمعرفة ماهيته‪ ،‬ولم أفلح‪.‬‬
                                                        ‫كان هناك سبب آخر يمكن أن يكون هو الذي‬
                                                      ‫يقف وراء هذه الموافقة‪ ،‬وهو أنه قد استولى على‬
                                                         ‫مناطق جديدة ويود نقل أخبار انتصاراته إلى‬
                                                      ‫الرأي العام من خلال الإعلام‪ .‬إلا أن هذا السبب‬
                                                        ‫أي ًضا لم يكن مقن ًعا لي‪ ،‬لوجود مراسلي العديد‬
   93   94   95   96   97   98   99   100   101   102   103