Page 19 - مجلة التنوير - ج 1 - المجلس الأعلى للثقافة
P. 19

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا‬                  ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫التعليم فيها‪ ،‬وإلا إذا تحققت الدولة بالملاحظة‬                                                      ‫مجلــــــــــــــــة‬
‫والتفتيش والامتحان أن الشاب المصري الذي يتعلم‬
‫في هذه المدارس يعرف جغ ارفًّيا مصر كما يعرفها‬              ‫صيغة قديمة‪ ،‬ويكونوا تكويًنا قدي ًما‪ ،‬وباعدنا بينهم وبين‬
‫الشاب الذي يتعلم في المدارس المصرية‪( .‬المرجع‬               ‫الحياة الحديثة‪ .‬فالمصلحة الوطنية العامة من جهة‪،‬‬

                         ‫السابق‪ ،‬الموضع نفسه‪).‬‬             ‫ومصلحة التلاميذ والطلاب الأزهريين من جهة أخرى‪،‬‬

                                                           ‫تقتضيان إش ارف و ازرة التعليم (المعارف سابًقا) على‬
                                                                 ‫التعليم الأولي والثانوي في الأزهر‪( .‬ص ‪)63‬‬

‫أرى طه حسين ضرورة وجود مقدار من مناهج‬                      ‫شيء آخر لا بد من التفكير فيه‪ ،‬والطلب له‪ ،‬وهو‬
‫التعليم العام وب ارمجه يكون مشترًكا بين المصريين‪،‬‬          ‫أن هذا التعليَم الأزهري القديم قد يجعل من العسير‬
‫ويجب أن تشرف الدولة بالملاحظة والتفتيش‬                     ‫على الجيل الأزهري الحاضر إساغة الوطنية والقومية‬
‫والامتحان على أن المصريين جمي ًعا مشتركون فيه‪،‬‬
‫شركة عادلة‪ ،‬سواء تعلموا في المدارس الرسمية‪،‬‬                                                ‫بمعناها الحديث‪.‬‬
‫أم في المدارس المصرية الحرة والخاصة‪ ،‬أم في‬
‫المدارس الأجنبية وجامعاتها الموجودة على الأ ارضي‬           ‫وكأن عميد الأدب العربي كان يستشرف المستقبل‬
‫المصرية‪ ،‬أم في الأزهر ومعاهده‪ .‬ويخلص طه‬                    ‫حين قال ما قاله عن الأزهر والتعليم في الأزهر‪ ،‬لقد‬
‫حسين إلى القول‪« :‬والنتيجة لهذا التفصيل الطويل‬              ‫جاءت الأيام بأحداث ووقائع أثبتت أن الدكتور طه‬
‫أن الدولة هى المسئول الأول‪ ،‬والمسئول الأخير‪،‬‬               ‫حسين كان محًقا فيما يتعلق بضرورة إش ارف الدولة‬
‫والمسئول قبل الأف ارد والجماعات‪ ،‬وبعد الأف ارد‬             ‫بدقة وإحكام على التعليم الأزهري‪ ،‬حتي لا يصير‬
‫والجماعات‪ ،‬عن تكوين العقلية المصرية تكويًنا يلائم‬          ‫الأزهر وكأنه دولة داخل الدولة‪ ،‬وحتي لا يصير‬
                                                           ‫الأزهر معملاً لتفريخ دواعش وإرهابيين متعصبين‪.‬‬
                     ‫الحاجة الوطنية»‪( .‬ص ‪)64‬‬               ‫إن منصة اربعة ومنصة النهضة كان يتصدر‬
                                                           ‫المشهد عليهما‪ ،‬ويحرض المواطنين ضد الدولة باسم‬
‫وأول ما يجب أن نلاحظه ونحب أن يفهمه المشرفون‬               ‫الدين‪ ،‬عدٌد كبير من رجالات الأزهر‪ ،‬واليوم بعض‬
‫على الأمر في مصر‪ ،‬أن التعليم ليس ترًفا‪ ،‬وإنما هو‬           ‫الحاصلين على الدكتو ارة من الأزهر هم أبواق للتزمت‬
‫حاجة من حاجات الحياة وضرورة من ضرو ارتها‪ ،‬فإذا‬
‫طالبنا بإذاعته ونشره‪ ،‬فلسنا نطالب بالترفيه على الشعب‪،‬‬           ‫والتعصب ودعاة ك ارهية وبغضاء في المجتمع‪.‬‬
‫ولا تمكينه من تحصيل لذة يمكن أن يصبر عنها أو‬
‫يزهد فيها‪ .‬وإنما نطالب بأن يتاح للشعب أيسر حقوقه‬           ‫كما نادي طه حسين بألا تأذن الدولة لمدرسة‬
‫وُيَؤدى إليه أقل ما هو أهل له من العناية‪( .‬ص‪)103‬‬           ‫أجنبية أن تعلم في مصر إلا إذا كان التاريخ القومي‬
                                                           ‫أسا ًسا من أسس التعليم فيها‪ ،‬وإلا إذا تحققت الدولة‬
‫وليست حاجة الشعب إلى التعليم الصالح بأقل‬                   ‫بالملاحظة والتفتيش والامتحان أن هذا التعليم جد‬
‫من حاجته إلى الدفاع الوطني المتين‪ ،‬فالشع ُب ليس‬            ‫لا هزل فيه‪ ،‬كما طلب إلى الدولة ألا تسمح لمدرسة‬
‫معر ًضا للخطر الذي يأتيه من الخارج حين يغير عليه‬           ‫بالتعليم في مصر إلا إذا كانت الجغ ارفيا المصرية‬
                                                           ‫كالتاريخ المصري وكاللغة العربية أسا ًسا من أسس‬

                                                       ‫‪19‬‬
   14   15   16   17   18   19   20   21   22   23   24