Page 18 - مجلة التنوير - ج 1 - المجلس الأعلى للثقافة
P. 18
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
عليها أي ًضا أن تُ ْشرف على التعليم الديني ،ولا تتركه مجلــــــــــــــــة
لسيطرة الأزهر وهيمنته .وما دام الأزهر حري ًصا
على أن يقوم بالتعليم الأولي الأزهري والتعليم الثانوي نفوس المعلمين والمشرفين إلا إذا ازلت من قلوب
الأزهري ،فلا بد إذن – وكما يقول عميد الأدب المسيطرين على الأمر وانمحت تلك العواطف التي
العربي – من أن يتحقق الإش ارف الدقيق للدولة على تصور لكثير من الحكام والوز ارء والأغنياء أن الشعب
هذا التعليم الأولي والثانوي في الأزهر ،لتتثبت الدولة
من أن المصريين جمي ًعا ينشأون على معرفة وطنهم مثله مثل الحيوان يحتاج عطًفا وإحساًنا.
وحبه ،والاستعداد للتضحية في سبيله ،والإتقان للغته
يرفض طه حسين بشدة القول بأن الشعب
وتاريخه ،وتقويمه ودينه( .ص )61 المصري يحتاج إلى من يحنو عليه ويرفق به
ويعطف عليه؛ لأن الشعب المصري ليس في حاجة
فيجب إذن أن يكون لو ازرة التعليم مفتشون إلى مثل هذه العواطف التي يظهرها أو يتظاهر بها
يلاحظون التعليم الأولي والثانوي في الأزهر ،ويرفعون الحكام والأغنياء والقائمين على إدارة شؤون البلاد؛
تقاريرهم عنه إلى الو ازرة ،ويجب أن تشترك و ازرة ذلك لأن الشعب ليس مجموعة حيوانات نرفق بها
التعليم (المعارف سابًقا) في الامتحان لهذين النوعين ونعطف عليها ونحسن إليها ،إنما الشعب صاحب
من التعليم اشت ار ًكا يمّكنها من الإش ارف عليه والرضا حق ،إنه صاحب الحق المطلق المقدس في أن
عنه .هذه أمور تفرضها طبيعة الأشياء .ويطلبها طه
حسين بالقياس إلى الأزهر كما يطلبها بالقياس إلى تسود المساواة والعدالة بين أبنائه جمي ًعا.
التعليم الخاص المصري والأجنبي. يقول طه حسين في هذا الصدد« :لا بد من أن
تزول من نفوس السادة والقادة والرؤساء والمسيطرين
وهناك شيء يجعل حاجة الأزهر إلى إش ارف عواطف الاستعلاء على الشعب وعواطف الإحسان
الدولة على تعليمه الأولي والثانوي ضرورة ماسة إلى الشعب؛ لأن الإحسان على هذا النحو مظهر
في هذا الطور من أطوار الحياة المصرية وهو :أن من مظاهر الاستعلاء ،ولا بد من أن تقوم مقام هذه
الأزهر – بحكم تاريخه وتقاليده وواجباته الدينية – العواطف عواطف الإيمان بالمساواة والعدل بين أبناء
بيئة محافظة تمثل العهد القديم والتفكير القديم أكثر
الشعب»( .ص)146
مما تمثل العهد الحديث والتفكير الحديث.
ُي َشّبه طه حسين التعليم بالقضاء ،والمعلمين
ولا بد من تطوير طويل دقيق قبل أن يصل الأزهر كالقضاة ،ويطالب بتحقيق الك ارمة والطمأنينة للمعلمين
إلى الملاءمة بين تفكيره وبين التفكير الحديث .والنتيجة أولئك الذين نأمنهم على نشر العلم والمعرفة بين أبناء
الطبيعية لهذا أننا إذا تركنا الصبية والأحداث للتعليم الشعب ،تما ًما كما نطالب بتوفير الك ارمة والطمأنينة
الأزهري الخالص ،ولم نشملهم بعناية الدولة ورعايتها للقضاة أولئك الذين نأمنهم على تحقيق العدل بين
وملاحظتها الدقيقة المتصلة ،عّرضناهم لأن يصاغوا
الناس( .ص ص )148 – 147
18
ولقد انتبه طه حسين إلى خطورة «التعليم الديني»
الذي انفرد الأزهر – وما ازل – بالإش ارف عليه وإدارة
شؤونه ،و أرى أن من حق الدولة ،بل ومن الواجب