Page 17 - مجلة التنوير - ج 1 - المجلس الأعلى للثقافة
P. 17

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا‬                       ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫والتجارة والصناعة وغيرها لا سبيل إليها ولا‬                                                              ‫مجلــــــــــــــــة‬
‫وسيلة إلى إصلاحها إلا إذا ُو ِجَد التعليم الصالح‬
                                                                ‫ففي ذلك وحده الوسيلة إلى أن يعر َف الشعب مواضع‬
                           ‫الملائم»‪( .‬ص‪)145‬‬                     ‫الظلم‪ ،‬وإلى أن يحاسب الشعب هؤلاء الذين يظلمونه‬
     ‫ومن جانبنا نتساءل اليوم ونحن أشد دهش ًة‪:‬‬                   ‫ويذلونه ويستأثرون بثم ارت عمله وجده‪ ،‬فيردهم إلى‬
                                                                ‫الإنصاف والعدل‪ ،‬ويضطرهم إلى أن يؤمنوا بالمساواة‬
‫«أليس غريًبا – في بلد مثل مصر – توجه كل‬                         ‫قولاً وعملاً‪ ،‬وإلى أن يحققوا المساواة في سيرتهم لا‬
‫اهتمامها وتنفق المليا ارت على بناء الجسور وترميم‬                ‫في هذه الألفاظ الجوفاء التي يضللون بها الناس‬
‫الشوارع وحفر الأنفاق وشق القنوات‪ ،‬وتتقاعس عن‬
‫النهوض بالتعليم الذي يسهم في بناء الإنسان ويساعد‬                                             ‫تضليلاً»‪( .‬ص‪)95‬‬
‫على توفير الكوادر والكفاءات البشرية الكفيلة بتحقيق‬              ‫«إذا تعلم أبنا ُء الشعب عرفوا ما لهم من حق في‬
                                                                ‫حياتهم الداخلية‪ ،‬فلم يسمحوا لقلة مهما تكن أن تظلم‬
                              ‫كل ذلك وأكثر!!»‪.‬‬                  ‫الكثرة‪ ،‬وعرفوا ما لهم من حق في حياتهم الخارجية‬
                                                                ‫فلم يسمحوا لدولة مهما تكن قوتها أن تظلم مصر‬
‫إن إهمال التعليم والتغاضي عن النهوض به‬                          ‫أو تستذل شعبها‪ .‬التعليم‪ ،‬والتعليم وحده‪ ،‬على أن‬
‫يمثل – على نحو ما – جريمة تُرتكب في حق هذا‬                      ‫يكون صحي ًحا مستقيَم الأساليب‪ ،‬هو الذي يضمن‬
                                                                ‫للمصريين العد َل والمساواة فيما بينهم وبين أنفسهم‪،‬‬
                                        ‫الشعب!!‬                 ‫والعزة والك ارمة فيما بينهم وبين الأجنبي»‪( .‬ص‪)96‬‬

‫يستهجن طه حسين استهانة البعض بقيمة التعليم‪،‬‬                     ‫حين نشرع في استع ارض عناصر مشروع طه‬
‫فيقول‪« :‬إن الذين ُيْذ َكر لهم التعليم العام أو التعليم‬          ‫حسين للنهوض بالتعليم الذي عرضه في كتابه‬
‫العالي فيرفعون أكتافهم استه ازًء‪ ،‬ويهزون رؤوسهم‬                 ‫«مستقبل الثقافة في مصر» الذي صدرت طبعته‬
‫استهان ًة‪ ،‬ويقولون‪ :‬أعدد لنا الزَّارع والت َّجار والصَّناع‬      ‫الأولى عام ‪1938‬م‪ ،‬ندرك أنه حين تحدث عن‬
‫فنحن إليهم أحوج منا إلى الذين يخرجون من الجامعة‬                 ‫حالة التعليم وأوضاعه التي كانت قائمة حينذاك‪،‬‬
                                                                ‫فكأنما هو يتحدث عن أوضاع التعليم المتردية‬
               ‫ومدارس التعليم العام»‪( .‬ص‪)145‬‬                    ‫والسائدة اليوم في مجتمعنا‪ ،‬بل لن نكون ممعنين‬
                                                                ‫في التشاؤم‪ ،‬ولا حتى موغلين في المبالغة إذا قلنا‬
                  ‫ويرد عليهم طه حسين قائلاً‪:‬‬                    ‫إن حالة التعليم اليوم وأوضاعه أسوأ مما كانت عليه‬

‫«لن نستطيع أن ُن ْخِّرج لهم رجال الز ارعة والصناعة‬                                          ‫منذ مئة عام مضت‪.‬‬
‫والتجارة والأعمال – بوجه عام – إلا إذا أخرجنا لهم‬
‫قبل كل شيء هؤلاء المثقفين الممتازين والمتوسطين‬                  ‫ويتساءل طه حسين منذ أكثر من ‪ 80‬سنة منده ًشا‪:‬‬
‫الذين يفهمون الحياة وحاجاتها وضرو ارتها‪ ،‬والذين‬
‫تعرض لهم مشكلات هذه الحياة فيعرفون كيف‬                          ‫«أليس غريًبا في بلد متحضر أن تعنى الدولة‬
‫يأخذونها وكيف يرددونها وكيف يظهرون عليها‬                        ‫بشئون التجارة والز ارعة والصناعة ‪ ،...‬على حين‬
                                                                ‫لا تعنى بشئون التعليم ‪ ،...‬مع أن هذه الز ارعة‬
                 ‫وكيف ينفذون منها»‪( .‬ص‪)145‬‬

‫لن يترسخ الإيمان بالتعليم وقيمته وأهميته في‬

                                                            ‫‪17‬‬
   12   13   14   15   16   17   18   19   20   21   22