Page 47 - مجلة التنوير - ج 1 - المجلس الأعلى للثقافة
P. 47

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا‬                     ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫أن التعدَد والتنوع يؤدى إلى الفرقة والانقسام وتهديد‬                                                   ‫مجلــــــــــــــــة‬
‫التلاحم الشعبى وما يطلق عليه الاصطفاف الوطنى‪.‬‬
                                                              ‫قانونية أو سياسات مقررة رسمًّيا‪ .‬وهناك صور كثيرة‬
‫ومع ذلك فإن سياسة المواطنة المتعددة ثقافًّيا فى‬               ‫لتطبيق التعددية الثقافية فى المواطنة تختلف من دولة‬
‫دول أوربا الغربية تختلف تما ًما عن تجربيتى است ارلا‬
‫وكندا‪ .‬وعلى سبيل المثال فإن تجربتى السويد وهولندا‬                                                      ‫لأخرى‪.‬‬
‫لا تتيحان فكرة بدائل الهوية لكل السكان ككل وإنما‬
‫تستهدف بها فقط السكان المهاجرين‪ .‬وفى السويد‬                   ‫المواطنة المتعددة ثقافًّيا – وبشكل صريح – موجودة‬
‫تحديًدا يترك للمهاجرين حرية الاختيار بين الإبقاء‬              ‫فى عدد قليل من الدول الغربية مثل كندا واست ارليا(‪.)57‬‬
‫على هويتهم أو اختيار الهوية السويدية(‪ .)77‬وبد ًءا من‬          ‫فى تجربة كندا تتجه المواطنة المتعددة ثقافًّيا إلى كل‬
‫التسعينيات تخلت السويد عن مبدأ حماية المهاجرين‬                ‫السكان بلا استثناء من منطلق تكاملى وبلا تفرقة‬
‫كجماعات إثنية واتجهت نحو سياسة عامة لتمكينهم‬                  ‫على أساس عرقى‪ .‬والهدف من ذلك تعزيز وظيفة‬
‫كأف ارد من اكتساب أدوات التكامل فى المجتمع‬                    ‫الدولة فى الحد من الميول الإثني ة �‪de-ethniciz‬‬
‫السويدى(‪ ،)87‬من منطلق سياسة تكاملية أشبه بسياسة‬               ‫‪ .ing function‬وبمقتضى هذا التوجه يتم م ارعاة كل‬
‫الولايات المتحدة التى سبق أن طبقتها خلال العقود‬               ‫مطالب الجماعات المختلفة فى مبادئ عامة دون أن‬
‫الماضية فى مجال الاستيعاب الثقافى – بحسب‬                      ‫تصبح خريطة الحقوق الثقافية منقسمة أو موزعة إثنيا‬
‫طريقة الأمريكيين فى الدعاية السياسية – التى كانت‬              ‫على شكل حقوق خاصة متباينة باختلاف الجماعات‬
‫تشبه عملية الاستيعاب بوعاء الصهر ‪melting‬‬                      ‫المرتبطة بها‪ .‬وعلى سبيل المثال حين تسمح الحكومة‬
‫‪ )97(pot‬بحيث يقتنع المهاجرون والأقليات بأن قبولهم‬             ‫الكندية بالتعدد اللغوى‪ ،‬فإنها تتيح هذا الحق للجميع‬
‫للثقافة الأمريكية السائدة يعنى تحول تباين أساليب‬              ‫دون أن يخصص لفئة دون غيرها ولا أن يتم إق ارره‬
‫حياتهم إلى سبيكة واحدة لأسلوب الحياة الأمريكى‬                 ‫فى مجال دون غيره‪ .‬وفيما يتعلق بالحق فى الت ارث‬
                                                              ‫الثقافى فإن القوانين الكندية تعترف ص ارحة بالحرية‬
  ‫الواحد الذى تنصهر فيها كل الاختلافات الثقافية‪.‬‬              ‫الكاملة لكل أعضاء المجتمع الكندى على اختلاف‬
                                                              ‫جماعاته فى الحفاظ على ت ارثهم الثقافى وتعزيزه‬
‫وفى خضم هذا الجدل تُطرح مجموعة من السياسات‬                    ‫وإتاحته للآخرين(‪ .)67‬أما فى است ارليا فإن سياسات‬
‫لتفعيل ما يعرف بالمواطنة الاحتوائي ة �‪inclusion‬‬               ‫المواطنة المتعددة ثقافًّيا تعتمد على إرساء وظيفة بناء‬
‫‪ ، ary citizenship‬ويقصد بها ممارسات تعمل‬                      ‫أمة قائمة على احت ارم التعددية الثقافية لكافة الجمعات‬
‫على تعزيز الوجه الإدماجى للمواطنة‪ ،‬بحيث يشمل‬                  ‫والقوميات‪ .‬ينعكس ذلك فى شعار الهوية الاست ارلية‬
‫كل الفئات الاجتماعية سواء كانت داخل حدود‬                      ‫القائل‪" :‬التنوع هويتنا ‪،"diversity is our identity‬‬
‫الدولة أو خارجها‪ ،‬ومد مظلة حقوق المواطنة من‬                   ‫وجعل ذلك الشعار أسا َس وحدِة المجتمع الاست ارلى‬
‫الفئات الواقعة فى حدود الدولة الوطنية إلى فئات‬                ‫رغم تنوعه من منطلق المبدأ المعزز لإمكانية وجود‬
‫أخرى على المستوى العالمى بما فى ذلك المسئوليات‬                ‫إجماع مع وجود تنوع ثقافي‪ ،‬ويتخلص ذلك فى‬
                                                              ‫شعار‪ :‬الوحدة فى ظل التنوع ‪.unity in diversity‬‬
                                                          ‫‪47‬‬  ‫وهذا عكس الفكرة السائدة فى الدول الفاشية التى ترى‬
   42   43   44   45   46   47   48   49   50   51   52