Page 46 - مجلة التنوير - ج 1 - المجلس الأعلى للثقافة
P. 46

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا‬                     ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫القائمة على التعددية الثقافية فإنها لا تهمل أى حقوق‬                                                     ‫مجلــــــــــــــــة‬
‫بل تأخذ فى اعتبارها كل حقوق الجماعات سواء‬
‫كانت الداخلية أو الخارجية(‪ .)37‬ويتعين الأخذ بعين‬              ‫يتوقف عليها تعريف استق ارر الدولة بدأ فى التغير‪.‬‬
‫الاعتبار أن مفهوم المواطنة المتعددة الثقافية يشبه‬             ‫والنتائج المترتبة على ذلك أن بعض القوميات تسعى‬
‫إلى حد كبير مفهوم المواطنة التبايني ة �‪differen‬‬               ‫للحكم الذاتى دون الاستقلال كدول؛ لأن الأعباء‬
‫‪ tiated citizenship‬والذى يدعو فى الغالب –‬                     ‫المترتبة على الانفصال قد تكون باهظة على مواطنى‬
‫حسب تعبير يونج ‪ – young‬إلى تمثيل للجماعات‬                     ‫تلك القوميات‪ ،‬ومن ثم فإنها تبحث عن حلول أخرى‬
‫المتباينة بما يضمن حصول كل جماعة على حقوقها‬                   ‫للاعت ارف بها دون انفصال وداخل حدود الدولة‪ .‬ولهذا‬
‫فى المواطنة من خلال الإق ارر بحقها فى تنظيم نفسها‬             ‫فإن الحديث عن المواطنة متعددة القومية يعد بديلاً‬
‫والتعبير عن أريها فى الشأن العام وامتلاكها حق‬                 ‫سياسًّيا يطالب به مواطنو بعض القوميات للاعت ارف‬
‫الاعت ارض على ما قد يلحق الضرر بمصالحها‪.‬‬                      ‫بهم داخل الدولة‪ ،‬وفى هذه الحالة يتولى زعماء‬
‫ويشمل ذلك جماعات مثل‪ :‬النساء‪ ،‬والسود‪ ،‬والسكان‬                 ‫القوميات أو قادة جماعات الشعوب الأصلية بمثابة‬
‫الأصليين‪ ،‬والمهاجرين من أصول مختلفة‪ ،‬وكذلك‬                    ‫دور الوسيط بين المواطنين المنتمين لتلك القوميات‬
‫المثليين‪ ،‬وطبقة العمال‪ ،‬والفق ارء‪ ،‬والمعاقين(‪.)47‬‬
‫وأحياًنا يضاف إلى هذه الفئات الشباب أي ًضا الذين‬                    ‫والدولة فيما يتعلق بحقوق وواجبات المواطنة‪.‬‬
‫يعانون من التهميش والاستبعاد من الحقوق فى بعض‬
‫المجتمعات‪ .‬ومع ذلك فإن مفهوم المواطنة التباينية‬               ‫ينظر إلى المواطنة المتعددة ثقافًّيا ‪multicultural‬‬
‫أكثر عمومية فى التعبير عن الجماعات المتنوعة من‬                ‫‪ citizenship‬على أنها تعيد النظر فى عضوية‬
‫مفهوم المواطنة المتعددة ثقافًّيا والذى يقتصر على‬              ‫المواطنين وتطرح شكلاً جديًدا للعضوية يستجيب‬
‫معالجة التباين الثقافى وما يترتب عليه من مشكلات‪.‬‬              ‫لواقع التعددية الثقافية‪ ،‬بما يتجاوز الشكل التقليدى‬
                                                              ‫للعضوية الاستبعادية فى المواطنة العمومية ذات‬
‫ومن المهم الأخذ م ارعاة أن المواطنة المتعددة ثقافًّيا‬         ‫البعد الواحد‪ ،‬وعلى خلاف مفهوم العضوية المرتبط‬
‫تقتضى من الناحية النظرية الاعتماد على أدوات ثقافية‬            ‫بالدولة فإن مفهوم العضوية فى المواطنة المتعددة‬
‫واضحة فى الاعت ارف بالحقوق‪ ،‬وأدوات اجتماعية‬                   ‫ثقافًّيا يتباين بحسب طبيعة الجماعة التى ينتمى إليها‬
‫واقتصادية ممثلة فى سياسات وب ارمج للتنمية موجهة‬               ‫المواطن(‪ .)07‬فإذا كنا نفسر المواطنة فى الماضى‬
‫للأقليات‪ ،‬مع وجود إطار قانونى ضامن للعدالة فى‬                 ‫على ضوء حقوق الفرد فإن التعددية الثقافية قد أثارت‬
‫توزيع الحقوق بين مختلف الجماعات‪ .‬وإذا انتقلنا إلى‬             ‫شبح حقوق الجماعة(‪ .)17‬وبموجب ذلك أصبحت‬
‫حيز الممارسة ينبغى التمييز بين نوعين من المواطنة‬              ‫المواطنة المتعددة ثقافًّيا بمثابة النقيض للمواطنة‬
‫المتعددة ثقافًّيا‪ :‬الأولى ظاهرة فى الب ارمج الحكومية‬          ‫العمومية(‪ .)27‬فالمواطنة العمومية ينظر إليها على‬
‫الرسمية‪ ،‬والثانية ضمنية‪ ،‬أى أنها مقصورة على‬                   ‫أنها مزدوجة بين بعديها الداخلى الإدماجى والخاجى‬
‫مطالب التنوع المنتشرة دون وجود نصوص بشأنها‬                    ‫الاستبعادى‪،‬كما سبق الإشارة‪ ،‬وبذلك فهى تركز فقط‬
                                                              ‫على أولوية الحقوق الداخلية المقصورة على مواطنين‬
                                                          ‫‪46‬‬  ‫بعينهم كالبيض مثلاً فى مجتمع ما مع إهمال الحقوق‬
                                                              ‫الخارجية للجماعات المهاجرة أو السود‪ .‬أما المواطنة‬
   41   42   43   44   45   46   47   48   49   50   51